هل يقلب النفط الطاولة على ترامب في انتخابات الكونغرس؟

النفط بقلب المعركة: ترامب يهاجم "أوبك" ويبحث خيارات االاحتياطي الاستراتيجي

27 سبتمبر 2018
ترامب في حملة انتخابية بولاية بنسلفانيا (Getty)
+ الخط -

بعد رفض منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" والمنتجين المستقلين زيادة الإنتاج ومساعدته على خفض الأسعار النفطية وإنقاذ حزبه الجمهوري في الانتخابات النصفية التي تبدأ في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، يرى محللون أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ربما يتجه نحو استخدام ورقة الاحتياطي النفطي الاستراتيجي لخفض الأسعار

في هذا الصدد، قال رئيس برنامج النفط بجامعة كولومبيا الأميركية في نيويورك، أنتوني هالف: "هنالك احتمال قوي أن يلجأ ترامب للاحتياطي الاستراتيجي". وأضاف البروفسور هالف، بحسب وكالة بلومبيرغ: "إطلاق الاحتياطي النفطي الاستراتيجي فعال جدا في المعادلات النفطية ويجب مراقبته".

يذكر أن صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية قد ذكرت في بداية الشهر الجاري، أن البيت الأبيض اتخذ قراراً بضخ 10 ملايين برميل إلى الأسواق ابتداءً من الشهر المقبل الذي يوافق موعد الانتخابات النصفية بالكونغرس.

وفي خطابه بالأمم المتحدة أول من أمس الثلاثاء، صب ترامب جام غضبه على المنظمة النفطية، في وقت تواصل أسعار النفط ارتفاعها لأعلى مستوياتها منذ أربع سنوات، وتخطى خام برنت يوم الثلاثاء حاجز 82 دولارا ليصل في بعض التعاملات إلى 82.55 دولارا للبرميل. 

وقال ترامب في خطابه: "أوبك كعادتها تنهب العالم ولا يعجبني ذلك ويجب أن لا يعجب أحداً ذلك". ودعا ترامب المنظمة إلى الكف عن رفع أسعار النفط. 

وأضاف: "نحن نحمي الكثير من تلك الدول النفطية مقابل لا شيء، وهي تستفيد منا وتحدد لنا أسعاراً مرتفعة للنفط، وهذا ليس جيداً". 

وتابع ترامب قائلاً: "نريد منهم أن يكفوا عن زيادة الأسعار ونريد أن يبدأوا بتخفيض الأسعار، وعليهم أن يساهموا بقسط ملموس في الحماية العسكرية من الآن"، مؤكداً: "نحن لن نتسامح مع الأسعار المرتفعة".

وأشار ترامب إلى أن الولايات المتحدة الأميركية أصبحت أكبر منتج للطاقة عالمياً ومستعدة لتصدير النفط والفحم والغاز الطبيعي. وأضاف: "ولن نقبل بهذه الأسعار البشعة لفترة طويلة".
وكان ترامب قد وجه عبارات قاسية للدول العربية، خصوصا الخليجية، الأعضاء بمنظمة أوبك قبيل اجتماع المنظمة والمنتجين المستقلين في الجزائر الذي انتهى يوم الأحد الماضي.
وما يزعج ترامب حقيقة بحسب المراقبين، هو ارتفاع أسعار النفط، وبالتالي ارتفاع أسعار الغازولين في أميركا إلى مستويات أعلى كثيراً من معدلاتها قبيل انتخابه، حيث أضافت فاتورة الوقود للعائلة الأميركية أكثر من 400 دولار خلال العام الجاري في المتوسط مقارنة بالعام الماضي.

ويتخوف ترامب من استغلال الحزب الديمقراطي المعارض له ثغرة ارتفاع نفقات الوقود، ضد مرشحي الحزب الجمهوري المؤيد له في الانتخابات النصفية التي ستجري خلال الشهر المقبل.

وتوقع تجار نفط لصحيفة "وول ستريت جورنال" يوم الجمعة الماضي، أن ترتفع أسعار النفط من نوعية خام برنت إلى مستويات تراوح بين 90 إلى 100 دولار للبرميل، في حال فشلت الدول النفطية في تغطية العجز الذي سيطرأ نتيجة حظر النفط الإيراني. وفي حال ارتفاع أسعار النفط إلى هذه المستويات، فإن الوقود في أميركا سيرتفع بمعدل أكبر ويضيف نفقات جديدة للعائلة الأميركية.

وبالتالي، فإن احتمال إغراق السوق الأميركي بنفط الاحتياطي الاستراتيجي بات واردا وتدخله الكثير من شركات التجارة النفطية الكبرى في حساباتها، ولكن ما هو تأثيره المتوقع في أسعار النفط؟

في تعليقه على ذلك قال الرئيس المشارك في مجموعة ترافيغورا لتجارة النفط، بين لكوك: "أميركا ستلجأ إلى استخدام الاحتياطي الاستراتيجي إذا واصلت الأسعار ارتفاعها". ويرى المتخصص في تجارة النفط بحسب ما نقلت عنه بلومبيرغ" أن إطلاق الاحتياطي الاستراتيجي سيخفض أسعار النفط في أميركا، ولكنه لن يؤثر في الأسعار بباقي العالم".

من جانبه، يرى مدير مجموعة فيتول لتجارة النفط، مايك مولر، "أن إطلاق الاحتياطي الاستراتيجي ربما يكون له أثر عكسي على أسعار النفط، لأنه سيعطي إشارة للمضاربين أن هنالك شحا في الإمدادات".

أما رئيس شركة هيس النفطية الأميركية، جون بي هيس، فيرى "أن إطلاق الاحتياطي لن يخفض أسعار النفط من 80 إلى 65 دولاراً".

يذكر أن سعر خام برنت اقترب من أعلى مستوى في نحو أربعة أعوام أمس الأربعاء، بينما تراجعت العقود الآجلة للخام الأميركي حيث تحاول واشنطن طمأنة المستهلكين بشأن كفاية المعروض في السوق قبيل إعادة فرض عقوبات على إيران المنتجة للنفط. 

وبحسب رويترز، ارتفع خام برنت في العقود الآجلة عشرة سنتات أو 0.1% إلى 81.87 دولارا للبرميل بعدما صعد نحو واحد بالمائة في الجلسة السابقة.

وزاد برنت يوم الثلاثاء إلى أعلى مستوى منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 عند 82.55 دولارا للبرميل. وتراجعت عقود الخام الأميركي أربعة سنتات إلى 72.24 دولارا للبرميل بعدما زادت 0.3% يوم الثلاثاء، ليسجل عند الإغلاق أعلى مستوى منذ 11 يوليو/تموز.

لكن رغم هذه التوقعات بحدوث ارتفاع كبير في أسعار النفط، فإن هنالك عوامل قد تكبح الصعود السريع للنفط، من بينها أن هنالك مؤشرات إلى أن حظر النفط الإيراني لن يكون كاملاً، حيث إن دول الاتحاد الأوروبي والهند والصين وتركيا لن تنفذ الحظر الأميركي، وبالتالي، فإن السوق النفطية ربما لا تفقد الكثير من النفط الإيراني.

وبحسب تقديرات "وول ستريت جورنال"، فربما لا تفقد أسواق النفط أكثر من 900 ألف برميل من النفط الإيراني في أقصى درجات الحظر. 

وفي محاولة للالتفاف على الحظر الأميركي الثانوي على الدول والشركات التي تتعامل مع إيران، أعلن الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء، عن إنشاء نظام مقايضة لمواصلة تجارة دوله وشركاته مع إيران والإفلات من العقوبات الأميركية. 

أما العامل الآخر الذي سيعمل ضد ارتفاع الأسعار بشكل سريع، فهو تداعيات الحرب التجارية المشتعلة بين واشنطن وبكين والتي تتطاير شظاياها لتصيب الطلب العالمي على السلع الأولية وعلى رأسها النفط. 

وكان صندوق النقد الدولي قد حذر في دراسة خلال الشهر الماضي من تداعيات الحرب التجارية على الطلب النفطي، بسبب انخفاض معدلات النمو في كل من الصين وبعض الدول الصناعية.

في هذا الصدد، قال مصرف "غولدمان ساكس" الأميركي، وهو من أكبر المضاربين على النفط في بورصات الطاقة العالمية، إن أسعار خام برنت ستستقر على الأرجح في النطاق بين 70 و80 دولاراً للبرميل مع اقتراب نهاية العام الحالي، حيث إن تحرك الأسعار في الاتجاه الصعودي بشكل واضح يتطلب محفزات أخرى بخلاف إيران.

وقال بنك الاستثمار الأميركي في مذكرة للعملاء نشرها يوم الثلاثاء، إن الانخفاض الأسرع من المتوقع في الصادرات الإيرانية وعدم التزام "أوبك" بزيادة قوية في الإنتاج واستقرار توقعات النمو وإعادة ملء المخزونات في الصين، كلها عوامل دعمت أحدث موجة ارتفاع في أسعار النفط.

وأضاف البنك: "على الرغم من أننا نعدل مسارنا للصادرات الإيرانية بما يواكب هذا الانخفاض الأسرع، فإن ذلك ليس له أي أثر على تقديراتنا للنفط حيث ما زلنا نتوقع أن تعوض بقية دول أوبك مثل هذه الخسائر".

ويلاحظ أن بعض الدول مثل الهند لم تبلغ شركاتها بوقف التعاقد على النفط الإيراني، إذ قال مصدر حكومي أمس الأربعاء إن الحكومة الهندية لم تبلغ شركات تكرير النفط في البلاد بوقف استيراد الخام الإيراني حتى مع قيام معظم شركات التكرير الهندية بخفض وارداتها قبيل سريان عقوبات أميركية على طهران.

المساهمون