قراءة إسرائيلية لعملية شبعا: ردّ متوقّع والتصعيد غير محتمل

قراءة إسرائيلية لعملية شبعا: ردّ متوقّع والتصعيد غير محتمل

06 يناير 2016
محللون: إسرائيل غير معنية بتغيير قواعد اللعبة(أفيهو شابيرا/فرانس برس)
+ الخط -

اعتبر محللون في الصحافة الإسرائيلية أن عملية "حزب الله" أمس الأول على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، قرب مزارع شبعا، كانت متوقعة بفعل "التهديدات المتكررة" التي أطلقها زعيم الحزب حسن نصرالله، مشيرين إلى أنه على الرغم من زرع العبوات الناسفة على الحدود، إلا أن الطرفين غير معنيين في واقع الحال بتصعيد عسكري كبير. فـ"حزب الله" المتورط في الحرب في سورية، لن يجازف برد إسرائيلي كبير من شأنه أن يتدهور إلى مواجهة عسكرية شاملة، وبالتالي فإن العملية المحدودة أمس الأول تمنح الحزب "مصداقية تنفيذ تهديداته" من جهة، ولا تورطه في مواجهة شاملة، بحسب صحافيين إسرائيليين.

ووصف المحلل العسكري في موقع "واي نيت"، رون بن يشاي، ما حدث بأنه "يسمح للطرفين بالقول إنهما قاما بما كان عليهما القيام به، فحزب الله حاول الانتقام لمقتل سمير القنطار، والجيش الإسرائيلي أفشل المحاولة"، أي وبحسب تعبير بن يشاي "لا مات الذئب ولا فني الغنم".

مع ذلك، لفت محللون إسرائيليون إلى أن هذه العملية لن تكون المحاولة الأخيرة التي يقوم بها "حزب الله"، وأنه من المحتمل أن يعيد الكرّة وفق تقديرات الجيش الإسرائيلي، كما نقلها المراسل العسكري لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، يوسي يهوشواع. وأضاف يهوشواع أنه على الرغم من أن بعض الجهات رفيعة المستوى أعربت عن تفاؤلها في هذا السياق، إلا أنه ينبغي الركون إلى ذلك وتوقّع عمليات رد أخرى.

وفي السياق نفسه، اعتبر المحلل العسكري لـ"يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، "أننا عملياً أمام عملية انتقام متسلسلة ستُنفذ على حلقات، وأن عملية الإثنين قد يتضح لاحقاً أنها مجرد الحلقة الأولى من عمليات الانتقام التي يهدد حزب الله بالقيام بها"، مضيفاً أنه "فقط بعد أن يتضح حجم الإصابات التي خلّفها القصف المدفعي الإسرائيلي الإثنين، وهوية المصابين، يمكن أن نُقدّر ما إذا كان نصرالله سينزل عن الشجرة أو لا".

واعتبر فيشمان أن القيادة الأمنية الإسرائيلية تشعر بأنها اتخذت كافة الخطوات الصحيحة التي دفعت الحزب لتنفيذ عملية صغيرة، مشيراً إلى أن معركة أدمغة كانت تدور في الأسابيع الأخيرة بين "حزب الله" وإسرائيل خصوصاً أن الطرفين يعرفان بعضهما جيداً. ومن بين الخطوات التي اتخذتها إسرائيل بحسب فيشمان، كان خفض النشاط العسكري الإسرائيلي على الحدود الشمالية مع لبنان، وعدم إطلاق تصريحات بشأن استعدادات عسكرية أو التصريح بنشر منظومة القبة الحديدية، وعدم تركيز قوات على الحدود أو تحركات عسكرية نشطة، أي أن إسرائيل "لم توفر لحزب الله أهدافاً سهلة وأبقته في حيرة بشأن نواياها".

اقرأ أيضاً: عملية حزب الله بشبعا المحتلة: انتقام للقنطار بتوقيت محيِّر

إلى ذلك، أجرت إسرائيل محاكاة لسيناريوهات مختلفة تضمنت تحديداً لحجم ونوعية العمليات التي من شأن "حزب الله" تنفيذها، مع تحديد عمليات كعمليات استراتيجية، مثل محاولة ضرب واستهداف بنى تحتية برية أو بنى تحتية ومنشآت استراتيجية في البحر (مثل منصات الغاز) والتي ستعتبرها إسرائيل إعلان حرب عليها.

مع ذلك أشار فيشمان إلى أنه جرى تقدير حقيقي لوضع "حزب الله" العسكري في لبنان وحجم قواه المتوفرة له في ظل تورطه بالحرب في سورية، مما يعني أن قدرته على تنفيذ عمليات عبر الجولان، احتمال ضعيف، وكذلك الحال بالنسبة لمحاولة استهداف هدف إسرائيلي في أوروبا، لأن ذلك يورط الحزب مع أوروبا.

كما أفادت التقديرات الإسرائيلية بأن إيران هذه المرة، وخلافاً لمرات سابقة، لم تدفع الحزب لتنفيذ عمليات من شأنها أن تؤدي إلى فقدان السيطرة على مقاليد الأمور وتقصير عمر نظام بشار الأسد. كما دخلت روسيا هي الأخرى على خط التهدئة، وطلبت منها إسرائيل أن تنقل رسائل لـ"حزب الله" مفادها أنه في حال نفذ عمليات فلن يكون الرد الإسرائيلي محدوداً.

وأشار فيشمان أيضاً إلى الأزمة السعودية-الإيرانية كعامل دخل على خط حسابات "حزب الله"، لأن هذه الأزمة تعني إطالة أمد الحرب في سورية، "وبالتالي يعني ذلك أن الحزب سيبقى يراوح مكانه في الوحل السوري لوقت طويل ولن يجيز لنفسه استنزاف قواته أمام الجيش الإسرائيلي". في المقابل، أوضحت إسرائيل مراراً اعتزامها هدم البنية التحتية التي أقامها الحزب في لبنان بتمويل إيران، وهو ثمن لا يمكن لمحور إيران-حزب الله دفعه الآن، بحسب فيشمان.

من جهته، اعتبر المحلل العسكري في "هآرتس" عاموس هرئيل، أن اختيار الحدود اللبنانية-الإسرائيلية، قرب مزارع شبعا من قِبل "حزب الله"، يدل على أنه اختار ميدان مواجهة يمكن احتواء نيرانه وعدم تصعيدها. فالموقع الذي تم زرع العبوات الناسفة فيه، هو مكان خالٍ من المستوطنات الإسرائيلية والمدنيين، وهو ميدان تحرك للقوات العسكرية الإسرائيلية، كما أن العبوة الناسفة استهدفت قوة هندسية محصّنة ومحمية جيداً كانت تعمل على فتح طريق كانت هناك شكوك أنه تم زرع عبوات على طولها، بحسب هرئيل.

وكغيره من الإسرائيليين، لفت هرئيل إلى أن السؤال المركزي هو هل كانت عملية أمس الأول، الوحيدة، أم ستتبعها محاولات أخرى، وهذا ما لا يكشف الحزب عنه حالياً؟.

والتقى أمير بوحبوط، في موقع "والا" الإسرائيلي، هو الآخر مع التقديرات التي تتحدث عن عدم رغبة الطرفين، إسرائيل و"حزب الله"، في التصعيد في المرحلة الحالية. وقال بوحبوط في هذا السياق إن الجيش الإسرائيلي لن يسارع في المرحلة الحالية لكسر قواعد اللعبة، وإن المشاورات التي أجراها وزير الأمن الإسرائيلي موشيه يعالون، مع رئيس الأركان غادي أيزنكوت، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الجنرال هرتس ليفي، ورئيس قسم العمليات في الجيش الإسرائيلي الجنرال نيتسان ألون، تمحورت حول مجموعة من الخيارات التي يدرسها الجيش للرد، من بينها الاكتفاء بالقصف المدفعي الذي تم أخيراً. وخلص إلى القول إن إسرائيل على ما يبدو غير معنية، حالياً بتغيير قواعد اللعبة عبر اللجوء لرد شديد.

اقرأ أيضاً: قصف بلدات لبنانية بعد استهداف "حزب الله" دورية إسرائيلية