غزة.. رحلة تهجير قسري لا تتوقف

غزة.. رحلة تهجير قسري لا تتوقف

01 يناير 2015
تعاني غزة من ارتفاع أسعار الشقق السكنية للإيجار(العربي الجديد)
+ الخط -

"خلصت الحرب، يلا نرجع ع دارنا، ما ضل إشي يخلينا نقعد في المدرسة" هذا ما قاله رجلٌ قد بلغ من الكبر عتيّاً لحفيدته الصغيرة آلاء، فور أن وضعتِ الحرب الأخيرة أوزارها. أخذه الأمل بالعودة إلى منزله الذي كان قائماً في بلدة خزاعة، إلى أن وجده كومة من ركام، فعاد خائباً إلى تلك المدرسة التي حُوّلت مركز إيواء.

ما يزيد على مائة وعشرين يوما مضت على انتهاء العدوان على غزة، وما زال الجرح قائماً، والوجع لا يختلفُ كثيراً عن تلك الأيام تحت قصفِ الطائرات وقصف المدافع. الانتهاك للقيم الإنسانيّة لربما يكون أشد ألماً من وقع الرصاصة في جسد أثقلته الدماء فأُردي شهيداً.

"أن تكون في بيتك الدافئ المكون من ثلاثة طوابق، المؤثث بكل ما تتمناه، تجلس بين أطفالك لا ينقصك شيء، ولا تحتاج أحداً، وفجأة تجد نفسك في "كرفان" لا يصلح للحياة الآدمية، ماذا أجيب أطفالي عندما يسألونني لمَ نحنُ هنا؟ ولا يمكننا العيش في بيت لنا؟" هذا ما قاله ربّ الأسرة، بسام النجار، وهو أب لخمسة أطفال.

وأما هنادي إبراهيم، فقالت: "لا الحياةُ حياة.. ولا نشعر بأننا بشر، ونحن في فصل الشتاء وبمجرد أن تمطر تجد نفسك وقد غرقت حتى آخر نفس في الكرفان، ومياه الصرف الصحي تُغرقه بين الفينة والأخرى، ولا نجد مسؤولاً جاء يسأل عنا أو ماذا نحتاج، لا نريد منهم شيئاً ولا معونات، نريد فقط أن يبدأ الإعمار، ويعيدوا لنا بيوتنا".

في حين صرخت الطفلة آلاء النجار، التي لم تتجاوز ست سنوات، ببراءة وعفوية ملحوظة "بدي لحاف، الدنيا كتير برد في الليل، إنتو كم لحاف عندكم!". أمام تلك البراءة يتوجب السؤال إلى متى سيستمر انتهاك أبسط حقوق الإنسان والأطفال أيضاً؟!

الحال في مدارس الأونروا لا يختلف كثيراً عن تلك الكرافانات، ولربما يزدادُ الوضع سوءاً لانعدام الخصوصية وتكدس الأشخاص داخل الغرفة الواحدة. فقد قالت إحدى المتواجدات هناك، بأنها تضطر إلى الذهاب لمكان بعيد من أجل الاستحمام، ناهيك عن تفشي الأمراض المعدية وإصابة الأطفال بعدواها نتيجة العناية السيئة.

لا تجرب، ولكن تخيل فقط أن تجلس مكانهم، بدون سرير، ومع قليل من البطانيات، وغرفة تحتوي ما يزيد على عشرة أشخاص، هل يمكنك تحمّل ذلك؟ وذلك أقلُ الوصف.

وفوق ذلك، تعاني غزة من ارتفاع أسعار الشقق السكنية للإيجار وندرة وجودها، فقد قالت الحاجة ماجدة قديح، إنها استأجرت شقة سكنية، بعد أن قصف بيتها في خانيونس، بمبلغ كبير، في حين وعدها مسؤولون في التعويض منذ شهور ولم ترَ شيئا بعد.

إلى متى سيستمر الظلم والإهمال والكذب على حقوق الإنسان؟! وإلى متى سيستمرون في الحياة في مثل هذه الأماكن؟! متى ستصلكم مناشدة.. بحاجتها لذاك اللحاف الصغير؟! ألم تكفلوا لهم العيش بكرامة وحرية وبسقف يقيهم برد الشتاء وحرّ الصيف!

وإذا حرموا من أبسط حقوقهم، فماذا تبقّى من الإنسان والعدل على هذه الأرض؟!

المساهمون