صناعة الإرهاب

صناعة الإرهاب

14 يوليو 2015
+ الخط -
عندما تعجز النظم الديكتاتورية عن إيجاد آفاق من الانتاج والصناعة فى مجتمعاتها، فقد تسلك سبلاً جديدة، وتتجه إلى رعاية صناعة فريدة، هى صناعة الإرهاب، وهي الصناعة التى لن تجيدها وتتقنها سوى النظم الفاسدة، فهذه دوما السبيل الوحيد والمناص لبقائها، من خلال إقحام شعوبها بمشكلات الأمن ووضعهم فى دائرة المخاوف والتهديدات، وإيهامهم بأن تلك المشكلات الأمنية سبب تخلف الدولة وقلة مواردها وتدهور اقتصادها، مع ترديد شعارات من قبيل أن الدولة تعمل جاهدة على إيقاف ومنع التفجيرات، ومعا للقضاء على الإرهاب، وإلخ.
ناهيك عن اتخاذ نتاج تلك الصناعة ساتراً ومبرراً لسن وتمرير القوانين والتشريعات التي تصب، أولاً وأخيراً، في مصالح تلك الحكومات ومصالح نظامهم الفاسد، وإبقائه حياً، يسن ويشرع ويحقق ويقضي، تلك النظم الديكتاتورية الفاسدة التي حملت على عاتقها الاستخفاف بعقول شعوبها، والثأر ممن تسول له نفسه أن يعارضها.
فحكومات تلك النظم الديكتاتورية تتفرغ، تماماً، لابتكار تهم تليق بشبابها وشيوخها وبناتها، تهم تليق بكل الفئات من طلاب ومعلمين ومهندسين وأطباء وعلماء وغيرهم، ففي تلك النظم، ترى المجرمين آمنين منعمين، يكادون يحتلون أجزاء من الدولة، ولن تستطيع يد الحكومات الوصول إليهم فتحمل أوزارهم على ظهور المعارضين السلميين، فتظلم هؤلاء المسالمين، وتقمعهم وتقيدهم، وتقتل من شاءت منهم.
فمما نعيشه فى مصر على مرأى ومسمع من العالم، ليبكي حقاً، فقد وصل الظلم والقهر إلى أن تجد أسرة مسجونة بتهمة حيازة متفجرات ومنشورات أسرة من أم وابنتين، كل ذنبهم أنه حدث ماس كهربائي في بيتهم، وتسمع عن قتل تسعة من المعارضين، منهم الطبيب والبرلمانى ورئيس اتحاد طلاب كانوا مجتمعين في شقة، وليس فى جبل ولا خندق، وبكل سهولة كانت التهمة أنهم مقاومون مسلحون.
وتسمع وتقرأ عن إعدام شباب يروى أهلهم وجيرانهم، وتنطق الشواهد أنهم قبض عليهم قبل الواقعة التى قضي فيها بإعدامهم. إضافة إلى القبض على آلاف الشباب، منهم من نال التهمة ومنهم من ينتظر.
الظلم والقمع والقهر والتلفيق والتصفيد والتشريد والتهجير خامات صناعة الإرهاب، والتى ترعاها الحكومات الدكتاتورية، وهي آثام لا تحمد عواقبها، فتلك الآثام الكبرى لا تنتج عنها إلا آلام كبرى، فاللهم قنا آثام حكوماتنا، ولا تحملنا اللهم آلاما لا طاقة لنا بها.


avata
avata
محمد زكريا (مصر)
محمد زكريا (مصر)