رئاسيات تونس: انسحابات ومراجعة حسابات

رئاسيات تونس: انسحابات ومراجعة حسابات

20 نوفمبر 2014
توقعات بمزيد من الانسحابات قبيل انطلاق الاقتراع (الأناضول)
+ الخط -

قبل أيام قليلة من الاقتراع في الانتخابات الرئاسية التونسية التي ستجرى يوم الأحد المقبل، قرر خمسة مرشحين الانسحاب من السباق الانتخابي. قائمة المنسحبين تشمل حتى اللحظة كلاً من محمد الحامدي، عبد الرحيم الزواري، نور الدين حشاد، مصطفى كمال النابلي وعبد الرؤوف العيادي، الذي انسحب أمس الأربعاء، مبرراً قراره بـ"مصادرة حرية اختيار الناخب بواسطة لعبة المال الفاسد والدعم الخارجي المادي والسياسي". ويبدو أن باب التراجع في اللحظات الأخيرة لا يزال مفتوحاً أمام عدد آخر من المترشحين لهذا الاستحقاق.
وكان مفاجئاً انسحاب وجوه بارزة سبق لها أن أبدت ثقة كبيرة في حظوظها بالفوز على غرار المرشح المستقل ومحافظ البنك المركزي السابق، مصطفى كمال النابلي، الذي اعتبر تراجعه عن الاستمرار في السباق خدمة لمصلحة تونس ورسالة تحذير، ضماناً لعدم تشتت أصوات الناخبين، وعدم عودة المرشح المنصف المرزوقي إلى قصر قرطاج.

وفي السياق ذاته، وجه النابلي اتهامات للرئيس المنتهية ولايته بتبني خطاب يدعو إلى العنف، فيما برر المرشح المستقل، نور الدين حشاد، انسحابه بما تعيشه تونس من استقطاب ثنائي ومال سياسي خلال الحملة الانتخابية الرئاسية.

في المقابل، يرى المرشح المستقل للانتخابات الرئاسية، محرز بوصيان، في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ الاستقطاب الثنائي دفعه إلى التمسك بترشحه لهذا الاستحقاق. ويعتبر أن قرار المرشحين المنسحبين يخدم الاستقطاب الثنائي بين المتنافسين؛ المرزوقي من جهة وزعيم حزب "نداء تونس" الباجي قايد السبسي من جهةٍ ثانية، لأنّ المرحلة المقبلة تتطلب رئيس جمهورية مستقل ليقف على المسافة نفسها من جميع الأطراف.

ويرجّح الأمين العام لحزب التحالف الديمقراطي، محمد الحامدي، الذي كان أول المنسحبين من السباق الرئاسي تراجع مرشحين آخرين عن إتمام السباق الانتخابي مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، وبدْء بعضهم في مراجعة حساباته.
ويؤيد الحامدي اعتبار هذا الانسحاب بمثابة "انسحاب تكتيكي لمصلحة مرشحين آخرين لأن كل شيء وارد في السياسة"، حسب تقديره. كما يستبعد وصول مرشح مستقل إلى الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية على الرغم من جدية حظوظ بعض المرشحين المستقلين.

من جهته، يرفض الأمين العام لحزب "نداء تونس" الطيب البكوش، لـ"العربي الجديد" اعتبار تراجع عدد من المرشحين للرئاسيات انسحاباً تكتيكيّاً لخدمة الاستقطاب الثنائي. ويرى في انسحاب النابلي قراراً شخصيّاً جاء نتيجة لتقييمه أداء المرزوقي خلال الحملة الانتخابية، وما تخللها من تصريحات، وصفها البكوش بـ"غير المقبولة"، ولا سيما أنّ الأخير رئيساً مؤقتاً للدولة.
كما يُرجع البكوش دعوة النابلي إلى عدم انتخاب المرزوقي إلى خلاف ثنائي قديم بين الرجلين، حين أقال المرزوقي النابلي من منصبه محافظاً للبنك المركزي التونسي.

وأيّاً كانت الأسباب التي تقف وراء تراجع عدد من المرشحين عن مواصلة المشاركة في الاستحقاق الرئاسي، فإن المتحدث باسم حركة النهضة، زياد العذاري، يؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ الحركة غير معنية بالتعليق على هذه القرارات من منطلق أن مجلس شورى النهضة اتخذ موقفاً واضحاً بعدم الانحياز إلى أي مرشح، وترك للناخبين حرية اختيار الشخصية المناسبة لقيادة المسار الديمقراطي في تونس.
ويشير العذاري إلى أنّ الموقف الأخير للقيادي في الحركة، حمادي الجبالي، يُعتبر خروجاً على قرار مجلس الشورى وتشويشاً على الموقف الرسمي للحركة، مشدداً على أنّ موقف الجبالي شخصي ولا يلزم النهضة. وكان الجبالي قد دعا في بيان نُشر على صفحته في "فيسبوك" إلى عدم انتخاب المرشح السبسي لصعوبة تحقيق التوازن بين السلط السيادية في الدولة في ظل هيمنة الحزب الواحد.

وأمام احتدام التنافس بين المرشحين للانتخابات الرئاسية الذي تحول إلى صراع قد يدفع عدداً منهم إلى الانسحاب، إما نتيجة لتقييمهم المسار الانتخابي الرئاسي أو في إطار مراجعة حساباتهم، وفقاً، لمقتضيات التغير الذي يشهده المشهد السياسي الجديد في البلاد. سارع عدد من المرشحين المستقلين والمتحزبين إلى إعلان تمسكهم بمواصلة التنافس للوصول الى قصر قرطاج.
وأكدوا أنه لا نية لهم في الانسحاب لاقتناعهم بوفرة حظوظهم على الرغم من تأثير الاستقطاب الثنائي، لتبقى الكلمة الفصل للناخب التونسي الذي ستكون عليه مسؤولية اختيار الأفضل من بين المرشحين الثلاثة والعشرين لقيادة تونس في المرحلة المقبلة.