الطريق إلى قرطاج: 3 أيام حاسمة

الطريق إلى قرطاج: 3 أيام حاسمة

تونس
D8A6CEA0-1993-437F-8736-75AB58052F84
وليد التليلي
صحافي تونسي. مدير مكتب تونس في العربي الجديد.
18 نوفمبر 2014
+ الخط -

لم يتبقّ أمام المرشّحين للانتخابات الرئاسيّة التونسيّة إلا ثلاثة أيام، قبل الركون إلى مرحلة الصمت الانتخابي، يوم السبت المقبل، وإفساح المجال أمام التونسيين لإصدار حكمهم النهائي، في اختيار رئيس للبلاد منذ الدور الأول أو مرشحين اثنين لدورة انتخاب ثانية. ويُتوقّع أن تجمع الأخيرة الرئيس الحالي المنصف المرزوقي، ورئيس حركة "نداء تونس" الباجي قايد السبسي.

وكان المرشحون للرئاسة خصّصوا عطلة نهاية الأسبوع في تونس، للقاء أكبر عدد ممكن من الناخبين في مدنهم، محاولين إبراز ما يميزهم عن سائر منافسيهم، في مشهد لم ينجح حتّى الآن، في تفادي الاستقطاب الثنائي بين المرشحيْن البارزين (المرزوقي والسبسي)، اللذيْن اعتمدت استراتيجية كلٍّ منهما على نفي الآخر واعتبار فوزه خطراً على قرطاج.

ويتسلّح المرزوقي بإمكاناته الجسديّة، إذ تمكّن يوم السبت الماضي، من زيارة مدينة صفاقس الحاسمة، وتجوّل يوم الأحد الماضي، بين قفصة وقابس ومدنين، مع ما يشكّله ذلك من تحدٍ جسدي وزمني لافت، في إشارة إلى أهميّة هذه المدن والمحافظات، المعروفة بثوريّتها منذ عشرات السنين، وبميلها لحركة النهضة والمؤتمر في الانتخابات التشريعيّة الأخيرة وإمكانية شحن مخزونها الانتخابي الكبير لصالحه.

ويواصل المرزوقي اتباع الإستراتيجية ذاتها، بتكرار الأفكار ذاتها، لكن لفت تعهّده في قفصة بأنّه "في حال تسلّم رموز الاستبداد كلّ السلطات، فسيكون ذلك نذير شؤم على تونس"، معتبراً أنّه "من الضروري منع الاستبداد من الوصول إلى قصر قرطاج لأنه الحصن الأخير للديمقراطية".

وفي موازاة انتقادات خصومه بشأن تجربة الترويكا، لم يتردّد المرزوقي في تعديل خطابه بهذا الصدد، فلم ينفِ وجود أخطاء خلال فترة حكمها، لكنّها قابلة للإصلاح. ويشدّد في هذا الإطار على "أنّنا لم نرتكب أيّ خطيئة بحقّ البلاد، ولم نسرق، ولم نعذّب، ولم نسكت على الاستبداد، لكن هناك بعض الأخطاء التي لا ننكرها، وسنعمل على إصلاحها في صورة انتخابنا". كما تعهّد "بحماية الحرّيات والحقوق، والعمل على الحفاظ على الاستقرار من خلال توازن السلطات، وحكومة وحدة وطنية، لتنتقل تونس إلى خوض معركة مقاومة التخلّف".

وفي الإطار ذاته، لم يتردّد المرزوقي في دعوة التونسيين، خلال زيارته مدينة مدنين، يوم الأحد الماضي، "إلى أن يجعلوا من يوم الأحد المقبل، "مفخرة لتونس وليس مسخرة، وأن يكونوا متحفّزين ومستعدين للدفاع عن الديمقراطيّة بصفة سلمية وعدم السماح بالتزوير"، على حدّ قوله.

ومع استمراره بإقناع التونسيين بـ "مصيرية" الانتخابات الرئاسيّة، لضمان أكبر قدر من الاندفاع والمشاركة، وكذلك التنبيه إلى انعكاساتها على المسار كلِّه، يحاول المرزوقي في الوقت ذاته "شحذ القوى الثوريّة"، التي يعتبرها مجاله الانتخابي الفعلي. ويكرّر المرزوقي الإشارة إلى أنّ "الانتخابات الرئاسيّة غير عادية"، إذ ستحدّد مصير تونس للعقود المقبلة، منبهاً إلى خطر "تجميع السلطات في يد طرف واحد".

ويواصل المرزوقي الردّ على منافسيه، الذين نبّهوا إلى أنّ انتخابه سيكون حجر عثرة أمام عمل الحكومة المقبلة التي ستترأسها حركة "نداء تونس"، بتأكيده من صفاقس، أنّه سيتعاون مع حكومة "الوحدة الوطنية"، لأنّ "الاستقرار الحقيقي لا يكون إلا بتوافق السلطات الثلاث، وتوزيعها بين جميع الأطياف السياسية، وحكومة الوحدة الوطنيّة هي الضامن الوحيد للاستقرار السياسي".

من جهته، يواصل خصم المرزوقي المباشر، الباجي قائد السبسي، العمل وفق المبادئ ذاتها، التي قادت إلى فوز حركته في الانتخابات التشريعيّة الأخيرة، وجمعت حوله العديد من التونسيين، الذين صوتوا لـ "بديل عن الترويكا". ويتعهّد السبسي في تصريحاته، وآخرها خلال اجتماع حاشد في تونس العاصمة "بأنّنا سنعيد هيبة الدولة واحترامها، ولن نسمح للأصوات المتطرفة بدخول قرطاج، كما لن نسمح بإهانة العلم التونسي وسنحمي البلاد وندافع عن مشروع يجمع الجميع من دون تمييز ولا إقصاء".
ويسعى السبسي، عبر هذا الخطاب، إلى إظهار خطاب المرزوقي بأنّه "إقصائي وانتقائي"، يفرّق بين التونسيين ولا يجمع، في حين تبدو لافتة مبادرته إلى إقحام مفردات "اللُّحمة الوطنيّة" و"الوحدة الوطنيّة" في خطاباته الأخيرة. ويحاول السبسي الظهور "متسامحاً" مع منتقديه بشأن حالته الصحية، وهو ما تطرّق إليه في اجتماع قبة المنزه في تونس، بالقول: "طالتني الشائعات ولكنني أسامح مروّجيها، لأنّها أقلّ من أن تنال مني" مضيفاً بجرأة كبيرة: "هل تريدون أن أنزع ثيابي بينكم، لتتأكدوا من سلامتي الصحيّة؟" وهو ما أثار الكثير من التعليقات والانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي.

وعلى المستوى السياسي، يحظى السبسي بدعم هام من حزب "آفاق تونس"، الفائز بالمرتبة الرابعة في الانتخابات التشريعيّة، والذي اعتبره، يوم الأحد الماضي، "المرشّح الأفضل لرئاسة الجمهوريّة في هذا الظرف الدقيق، لتجاوز صعوبات ومخاطر المرحلة المقبلة في البلاد". ولم يتأخر السبسي في الوقت ذاته، بإعلان نيّته العمل على كشف قاتلي شكري بلعيد ومحمد البراهمي ولطفي نقض، في موقف اعتبره متابعون، بمثابة مغازلة للقوى اليساريّة ورسالة إلى الجبهة الشعبيّة، بأنّه يتبنّى جزءاً من مطالبها في المرحلة المقبلة.
وبعيداً عن حالة الاستقطاب التي فُرضت على الساحة الرئاسيّة، يواصل بقيّة المرشّحين لقاءاتهم بالناخبين، مشددين على إمكانيّة فوزهم وانتقالهم إلى الدور الثاني، من خلال التأكيد على أنّ "المُواطن هو سيّد القرار الأول والأخير"، وأن "تسريبات مؤسّسات استطلاع الآراء ليست أحكاما نهائية".
وفي هذا الإطار، يؤكّد مرشّح "الجبهة الشعبيّة"، حمة الهمامي، أن "لديه فرصة للوصول إلى الدور الثاني إذا لم يجرِ تزوير الانتخابات أو تخويف الشعب من التصويت لشخصيّات معيّنة"، معتبراً أنّ تونس "تحتاج إلى قيادات جديدة". كما تعهّد خلال لقاء جماهيري كبير في تونس العاصمة، "بتحقيق المساواة بين الجهات وضمان الحقوق والحريات وكشف حقيقة الاغتيالات السياسيّة في تونس".

ويواصل الهمامي، وفق المتابعين، صعوده في سلم الشعبيّة الرئاسيّة تماماً كرئيس "التيّار الوطني الحر"، رجل الأعمال سليم الرياحي، (الفائز الثالث في التشريعية) الذي هاجم السبسي، يوم الأحد الماضي، في أحد الأحياء الشعبيّة، باعتبار أنّه "يدفع نحو الاستقطاب الثنائي ويوهم الشعب التونسي بأنّ عدم التصويت لفائدته يعني التصويت للمنصف المرزوقي"، واعتبر ذلك "إقصاء لبقية المرشحين"، مؤكّداً أن "صندوق الاقتراع يبقى الفيصل بين كافة المرشّحين لهذا الاستحقاق".

ذات صلة

الصورة
مطالبة بإنهاء الإبادة الجماعية في قطاع غزة (حسن مراد/ Getty)

مجتمع

يسعى أساتذة في تونس إلى تعويض غياب العملية التعليمية الجامعية بالنسبة للطلاب الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي، من خلال مبادرة تعليمية عبر منصات خاصة.
الصورة
جابر حققت العديد من النجاحات في مسيرتها (العربي الجديد/Getty)

رياضة

أكدت التونسية، أنس جابر نجمة التنس العربي والعالمي، أن تراجع نتائجها في المباريات الأخيرة، يعود إلى إصابة قديمة منعتها من تقديم أفضل مستوى لها.

الصورة
يدفع المهاجرون مبالغ أقل للصعود على متن القوارب الحديدية

تحقيقات

بحثاً عن الأرخص، تصنع شبكات تهريب البشر الناشطة في تونس قوارب حديدية من أجل نقل المهاجرين غير الشرعيين عبرها إلى أوروبا بكلفة أقل، إذ تنفق مبالغ بسيطة على بنائه
الصورة
أكد المشاركون أن الثورة شهدت انتكاسة بعد انقلاب قيس سعيد (العربي الجديد)

سياسة

أكدت جبهة الخلاص الوطني، اليوم الأحد، خلال مسيرة حاشدة وسط العاصمة تونس، أن البلاد في مفترق طريق ولا بد من قرارات مصيرية حتى لا تذهب نحو الانهيار.