حوافز أوروبية وألمانية إنقاذية ومعنويات المستهلكين في تدهور قياسي

حوافز أوروبية وألمانية إنقاذية ومعنويات المستهلكين في تدهور قياسي

23 ابريل 2020
إعادة فتح حذرة لأبواب مؤسسات في برلين (فرانس برس)
+ الخط -

تتوالى الحوافز الضخمة حول العالم، في محاولة لاستنقاذ الاقتصادات من براثن ركود أصبح وارداً بقوة بعد الانتشار الجامح لفيروس كورونا. وفي هذا السياق، أتى قرار السلطات الألمانية ضخ مساعدات جديدة، وسماح "المركزي" الأوروبي للمصارف بالاقتراض منه بضمان "سندات عالية المخاطر".

وجاءت هذه التدابير فيما سجل نشاط القطاع الخاص في منطقة اليورو انهياراً بوتيرة "غير مسبوقة" خلال الشهر الجاري، وفق تقديرات أولية لمؤشر مديري المشتريات أصدرها مكتب "ماركيت" للخدمات والمعلومات المالية، اليوم الخميس.

وتراجع المؤشر الشهري إلى 13.5 نقطة بالمقارنة مع 29.7 نقطة في مارس/آذار، ما يشير إلى "تقلص للنشاط الإجمالي هو الأكبر بفارق كبير" منذ بدء تسجيل المؤشر قبل 20 عاماً، وفقاً لـ"فرانس برس" التي أوضحت أن هذا المؤشر يدل على تقدم النشاط حين يكون أعلى من 50 نقطة، وإلى تراجعه حين يكون دون هذا الحد.

فقد أقر التحالف الحكومي الألماني برئاسة أنجيلا ميركل، ليل الأربعاء الخميس، برنامجاً جديداً للمساعدات الاقتصادية بقيمة عشرة مليارات يورو، يتضمن بشكل خاص دعماً لتعويض البطالة، حسب ما أوردت "فرانس برس".

وقالت ميركل، اليوم الخميس، إن بلادها مستعدة لتقديم "مساهمات أكبر بكثير" في ميزانية الاتحاد الأوروبي "في روحية تضامن"، إزاء الركود الاقتصادي الناجم عن وباء كوفيد-19. وقالت أمام النواب الألمان إن "خطة أوروبية لتحريك الاقتصاد قد تدعم الانتعاش خلال السنتين القادمتين، وسنعمل على ذلك".

وسيتم رفع تعويض البطالة الجزئية حتى نهاية العام للأشخاص الأكثر تضرراً بهذه التدابير، لمواجهة التأثير المتزايد للوباء على أول اقتصاد أوروبي.

كما سيتمكن المستفيدون من منح البطالة الجزئية، من الحصول على ما بين 70% و77% من راتبهم الصافي، اعتباراً من الشهر الرابع للبطالة الجزئية، ثم بين 80% و87% اعتباراً من الشهر السابع، مقابل 60% إلى 67% حالياً للجميع. وتعد هذه النسبة أقل من الدول الأوروبية الأخرى، كما في فرنسا على وجه الخصوص، حيث تبلغ 84%.

كذلك، سيتم تمديد فترة الاستحقاق للأشخاص الذين يعانون من البطالة الكاملة لمدة 3 أشهر هذا العام إذا انتهت مهلتها قريبا.

وبعد 8 ساعات من المفاوضات الصعبة، قرر الشريكان في التحالف الحكومي؛ "الاتحاد الديمقراطي المسيحي" المحافظ بقيادة ميركل، و"الحزب الاشتراكي الديمقراطي" كذلك إجراء تخفيضات ضريبية إضافية.

وسيتم تخفيض ضريبة القيمة المضافة في قطاع الإطعام، الذي تأثر بشكل خاص بتدابير الاحتواء، حيث أغلقت المطاعم والمقاهي حتى إشعار آخر، وذلك اعتباراً من الأول من يوليو/تموز لمدة عام واحد من 19% إلى 7%.

وستقدم الحكومة مساعدات للعائلات من أجل شراء أجهزة كمبيوتر لتمكين الطلاب من الدرس عبر الإنترنت، وسيتلقى أطفال المدارس الأكثر احتياجًا مساعدة بقيمة 150 يورو، نظرًا لإغلاق جزء من المدارس والاستئناف التدريجي للتدريس.

ويُضاف برنامج المساعدة الجديد هذا الذي قدر "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" قيمته 10 مليارات يورو، إلى برنامج الدعم الكلي للاقتصاد الألماني البالغ حوالي 1100 مليار يورو، والمكون بشكل رئيسي من ضمانات حكومية لقروض للشركات.

وغداة هذا الإعلان، أظهر مسح، اليوم الخميس، أن معنويات المستهلكين الألمان بلغت مستوى قياسيا منخفضاً، مع اقتراب مايو/أيار، إذ تضررت معنويات المتسوقين جراء جائحة فيروس كورونا وتدابير احتواء التفشي.

وتراجع مؤشر "جي.إف.كيه" لمعنويات المستهلكين، الذي يستند إلى مسح يشمل ألفي ألماني، إلى -23.4 نقطة من مستوى معدل 2.3 في الشهر السابق. والقراءة دون ما أشار إليه استطلاع للرأي أجرته "رويترز" لمحللين، توقعوا انخفاضاً أقل بكثير إلى -1.8.

وقال رولف بويركل، الباحث لدى "جي.إف.كيه" ومقره نورمبيرغ، إن "المناخ الاستهلاكي في سقوط حر حالياً"، مضيفاً أنّ القيمة -23.4 غير مسبوقة في تاريخ مسح المناخ الاستهلاكي.

وأشار إلى أن "شركات التجزئة، والتصنيع، ومقدمي الخدمات، يجب أن يتأهبوا لركود وشيك وشديد الحدة". وستظل معنويات المستهلكين منخفضة في الأشهر المقبلة، مع تخفيف تدابير احتواء التفشي على نحو بطيء فحسب.

كما أظهر مسح اليوم الخميس، توقف أنشطة الأعمال بمنطقة اليورو تقريبا هذا الشهر، ونزلت القراءة الأولية لمؤشر آي.إتش.إس ماركت المجمع لمديري المشتريات، الذي يعتبر مقياسا جيدا لمتانة الاقتصاد، إلى 13.5، وهي أقل قراءة بفارق كبير منذ بدء المسح في منتصف 1998 ويقل بكثير عن متوسط جميع التوقعات في استطلاع للرأي أجرته رويترز.

تدبير "المركزي" الأوروبي

هذا وأعلن البنك المركزي الأوروبي أنّ حكّامه وافقوا، الأربعاء، على السماح للمصارف بالاقتراض منه بضمان "سندات عالية المخاطر"، سواء أكانت صادرة عن حكومات أو شركات في منطقة اليورو، بشرط أن لا يكون تصنيف هذه السندات قد انخفض إلى هذه الخانة، قبل السابع من إبريل/نيسان الجاري.

وقال البنك، في بيان، إنّ الهدف من هذا الإجراء هو تعزيز قدرة المصارف على الاقتراض "للاستمرار في توفير موارد مالية لاقتصاد منطقة اليورو" في الوقت الذي يواجه فيه التداعيات الكارثية لجائحة "كوفيد-19".

وأضاف البيان أنّ أي سند صادر عن هيئة حكومية أو شركة خاصة في منطقة اليورو وكان "لغاية السابع من إبريل/نيسان الجاري يلبّي الحدّ الأدنى من متطلّبات الجودة الائتمانية"، سيتمّ القبول به كضمان، حتى وإن انخفضت درجة تصنيفه بعد هذا التاريخ إلى خانة القروض عالية المخاطر.

وهذا القرار "الاستثنائي والمطَمئن"، بحسب إيريك دور، مدير الأبحاث في معهد الاقتصاد العلمي والإدارة، يعني بالنسبة إلى الأسواق في الدرجة الأولى السندات الحكومية الإيطالية المهدّدة بالهبوط هذا الأسبوع إلى خانة السندات عالية المخاطر أو كما يطلق عليها بلغة السوق "سندات المضاربة"، علماً أنّ درجتين فقط تفصلان السندات الإيطالية عن هذه الخانة.

ومن المحتمل أن تخفّض وكالة "ستاندرد أند بورز"، الجمعة، التصنيف الائتماني لإيطاليا بعدما وضعته سابقاً تحت المراقبة السلبية.

وحتى وإن كان من غير المتوقّع أن تخفّض الوكالة درجة التصنيف الائتماني لإيطاليا إلى خانة سندات المضاربة، يوم الجمعة، فإنّ حصول هذا الأمر لاحقاً يبدو "شبه محتوم"، بحسب مذكرة تحليلية أصدرها "كومرزبنك"، مطلع إبريل/نيسان، واطّلعت عليها وكالة "فرانس برس".

وعزا كومرزبنك السبب في هذا الأمر إلى الإجراءات المكلفة التي اتّخذتها إيطاليا في بداية أزمة وباء "كوفيد-19".

غموض قادم

إلى ذلك، حققت مجموعة "كريدي سويس" ارتفاعاً بنسبة 75% في الربح الصافي في الربع الأول من العام، لكنها حذرت من أن جائحة فيروس كورونا العالمية قد تؤثر في الأداء في الفصول القادمة.

وقال البنك السويسري، في بيان "لا يزال من الصعب تقدير حجم التأثير السلبي الاقتصادي لأزمة كوفيد-19، ونحذر من أننا قد نشهد أيضاً مزيداً من تعزيز الاحتياطيات ومخصصات انخفاض القيمة في الأرباع المقبلة" من العام، حسب ما نقلت "رويترز". وأضاف البنك أنه يعتقد مع ذلك أنه قد يحافظ على أداء مالي "متين".

وشهد "كريدي سويس" ارتفاع صافي الربح إلى 1.314 مليار فرنك سويسري (1.35 مليار دولار)، بمساعدة معدل ضريبة سلبي ومكاسب غير متكررة، وبسبب دفعة لإيرادات التداول من أسواق متقلبة و"مستويات عالية استثنائية لنشاط العملاء" ساعدت أحياناً في بعض المجالات في تخفيف تراجع في إبرام الصفقات.

وكان 14 محللاً استطلع البنك آراءهم قد توقعوا ربحاً صافياً في الربع الأول يبلغ في المتوسط 997 مليون فرنك. (الدولار= 0.9708 فرنك سويسري).

مجموعة العشرين

وقالت مجموعة العشرين، في بيان، إن مجموعة العمل للتجارة والاستثمار التابعة لها ناقشت في اجتماع افتراضي، يوم الأربعاء، الإجراءات طويلة وقصيرة الأجل التي يمكن أن تساعد في تخفيف آثار جائحة "كوفيد-19" على التجارة والاستثمار وسلاسل الإمداد.

وأضاف البيان أن الاجتماع ناقش أيضاً تعزيز الاستثمار الدولي من أجل تسريع التعافي الاقتصادي من الجائحة، وركز على تطوير إجراءات مقترحة لضمان التدفق المستمر للإمدادات والمعدات الطبية. 

صندوق إنعاش أوروبي

هذا وتعتزم المفوضية والمجلس الأوروبي خلال القمة التي ستعقد اليوم الخميس، إنشاء صندوق إنعاش أوروبي سيكون موضوع اقتراح يقدم لاحقا، وفقاً لخريطة الطريق المشتركة التي نشرتها هيئتان أوروبيتان مساء الثلاثاء.

وحسب فرانس برس، كتب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في دعوته التي وجهها لرؤساء الدول والحكومات وأرفقها بخارطة الطريق هذه "أقترح الإتفاق على العمل على إنشاء مثل هذا الصندوق في أسرع وقت ممكن".

ويعقد قادة دول الاتحاد الـ27 قمة بعد ظهر اليوم عبر الفيديو للمرة الرابعة منذ بداية أزمة فيروس كورونا لدراسة طرق التمويل الممكنة لدول الاتحاد الأوروبي التي تئن ميزانياتها تحت ضربات الفيروس التاجي.

ويقترح ميشال تكليف اللجنة "تحليل الاحتياجات الفعلية وتقديم اقتراح يفي بالتحدي الذي يواجه دول الاتحاد". وهذا يعني أنه لا يتوجب على القمة حسم موضوع التمويلات التي تثير آراء متباينة للغاية بين الدول الغنية ودول الجنوب الأوروبي التي تعاني من أزمات مالية مستفحلة. ومن المتوقع إيداع عدة مئات المليارات من اليورو في هذه الأداة الجديدة المقترحة.

صعود الأسهم

وقد صعدت أسواق الأسهم الأوروبية، اليوم الخميس، بعد دفعة من تقارير عن أرباح فصلية‭‭ ‬‬أفضل من المتوقع، حتى مع استعداد المستثمرين لبيانات تعكس تراجعاً في نشاط الأعمال بسبب جائحة فيروس كورونا.

وارتفع المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.3% بحلول الساعة 07:05 بتوقيت غرينتش، متعافيا لليوم الثاني على التوالي، بعدما أدى انهيار تاريخي في أسعار النفط إلى عمليات بيع في بداية الأسبوع.

كما ارتفعت الأسهم اليابانية، اليوم الخميس، إذ غطى البائعون مراكزهم، بعد أن انتعشت بورصة وول ستريت أمس بفضل وعود بمزيد من الإنقاذ الحكومي الأميركي لتخفيف الضرر الاقتصادي الناجم عن أزمة كورونا.

وصعد المؤشر نيكاي القياسي في بورصة طوكيو للأوراق المالية 1.52% إلى 19429.44 بعد 3 جلسات متتالية من الخسائر. وربح المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 1.36% إلى 1425.98 نقطة.