ثلاثة مواعيد مقترحة للانتخابات العراقية المبكرة: خدعة إعلامية

ثلاثة مواعيد مقترحة للانتخابات العراقية المبكرة: خدعة إعلامية

29 يوليو 2020
من الانتخابات التي أجريت في مايو 2018 (مرتضى سوداني/الأناضول)
+ الخط -

تطرح قوى سياسية عراقية ثلاثة مواعيد مختلفة لإجراء الانتخابات المبكرة المرتقبة، كلها في العام المقبل، في الوقت الذي يواصل فيه البرلمان والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، بدعم من بعثة الأمم المتحدة إلى العراق، عقد اجتماعات فنية وقانونية، تهدف إلى إتمام الجوانب التفصيلية من قانون الانتخابات الجديد للمصادقة عليه.
ورغم الشكوك المتصاعدة بشأن إمكانية إجراء الانتخابات في الظروف الحالية في العراق، التي لا تتوقف عند أزمته المالية، وتعذر توفير نحو مليار دولار لإجراء الانتخابات، بل تتعدى إلى جوانب ميدانية أمنية تتعلق باستمرار سيطرة المليشيات على بلدات كاملة، وعدم عودة نحو مليون نازح إلى منازلهم، فضلاً عن مخاوف تدخل سلاح الفصائل المسلحة في الانتخابات، فإن محوراً مهماً داخل العملية السياسية يدفع ويستعجل إجراء الانتخابات خلال العام المقبل، مقابل محور رافض أو مماطل، يجد أن إجراءها قريباً يخدم قوى مدنية ووطنية، بسبب النقمة الشعبية على الأحزاب والقوى السياسية، وتحديداً تلك المقربة أو المدعومة من طهران.

يدفع محور مهم داخل العملية السياسية لإجراء الانتخابات خلال العام المقبل مقابل محور رافض أو مماطل

وفي آخر اجتماع لرئاسة البرلمان، مع قادة الكتل السياسية، الأربعاء الماضي، والذي أدير من قبل اللجنة القانونية في البرلمان لمناقشة إكمال النسخة النهائية لقانون الانتخابات، الذي سبق وأن صوَّت عليه البرلمان بأغلبية الثلثين، أكد المجتمعون، في بيان ختامي، على تهيئة المستلزمات والظروف اللازمة لإجراء الانتخابات، وضرورة قيام الحكومة بتقديم الدعم الكامل للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، من كلِّ النواحي، المالية واللوجستية والأمنية، لتمكينها من إجراء انتخابات حرة وعادلة ونزيهة.
وبحسب مصادر من داخل البرلمان العراقي فإنه قد تم تقديم مقترحات لثلاثة مواعيد لإجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة في 2021: الموعد الأول منتصف إبريل/نيسان، والثاني نهاية يونيو/حزيران، والثالث في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بعد استكمال قانون الانتخابات، الذي تبقى منه موضوع أو جانب فني بحت، تشترك به وزارات البلديات والتخطيط والعدل، وهو تقسيم الدوائر الانتخابية، وتسمية الأقضية والمدن التي ستُكون دائرة انتخابية، ودمج تلك التي يتواجد فيها أقل من 100 ألف نسمة لتكون دائرة واحدة، فيما تواصل مفوضية الانتخابات التأكيد على ضرورة إقرار الموازنة المالية الاتحادية للعام الحالي لتنفيذ الممارسة الانتخابية، وهو ما لم يتحقق لغاية الآن.

ووفقاً للمصادر فإن هناك ضغطاً من الأمم المتحدة، ومن رئاسة الجمهورية تحديداً، للإيفاء باستحقاق الانتخابات المبكرة، مدعوماً من أحزاب وقوى عدة، لكن في المقابل هناك كتل سياسية وفصائل مسلحة لا ترغب بإجراء الانتخابات المبكرة كونها تعي إمكانية خسارة الكثير من نفوذها بالبرلمان المقبل بسبب النقمة الشعبية الحالية، وتحديداً تحالفي "الفتح"، و"دولة القانون"، بزعامة كل من هادي العامري ونوري المالكي. وأوضحت المصادر أن طرح مواعيد مفترضة، خلال اجتماع البرلمان مع قادة الكتل السياسية، كان بمثابة محاولة لمعرفة قدرة المفوضية على إتمام متطلبات فتح مراكز ومحطات اقتراع، وتحشيد الناس للمشاركة في الانتخابات، وإعادة الثقة للعملية الانتخابية بشكل عام لدى العراقيين.

المتظاهرون بلغوا القناعة شبه الكاملة بأن النظام الحالي لن يخضع لمطالب الجماهير الغاضبة

 

وقال عضو في اللجنة القانونية بالبرلمان إن "قانون الانتخابات، والآلية التي من المفترض أن تسري عليها عملية الاقتراع جاهزة إلى حد كبير، إلا أن كتلاً سياسية تمارس عرقلة مقصودة لمنع أي جلسات برلمانية مرتبطة باستكمال القانون، أو تفعيل لجان الجانب الفني في الموضوع المتعلق بالدوائر الانتخابية وتوزيعها". وأضاف، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "المواعيد المقترحة، والتي سُرّبت عبر الإعلام المحلي في العراق، بشأن إجراء الانتخابات المبكرة، ليست أكثر من خدعة إعلامية للأحزاب المتنفذة الرافضة لإجراء الانتخابات، تقصد من خلالها تخفيف غضب المتظاهرين، الذين توعدوا بالانطلاق بتظاهرات خلال الأسابيع المقبلة. لكن على أرض الواقع، فإنه لا توجد أي نية لدى الكثير من الأحزاب لإجراء الانتخابات، لما فيها من مضرّة كبيرة لها". وبين أن "الحكومة العراقية أيضاً غير قادرة على توفير الاحتياجات الخاصة بالانتخابات، مثل الاستتباب الأمني والأموال".
وقال القيادي في ائتلاف "دولة القانون" سعد المطلبي إن "طرح مواعيد للانتخابات المبكرة من قبل بعض القوى السياسية ما هو إلا تخدير للعراقيين، بل إنها خدعة كبيرة، لعدم وجود الأجواء الكافية لإجرائها. إضافة إلى أن إجراء الانتخابات يحتاج إلى وجود المحكمة الاتحادية المعطلة حالياً، ولا بد من إقرار قانونها عبر البرلمان العراقي". وبين، لـ"العربي الجديد"، أن "الحراك الشعبي والتظاهرات التي طالبت بالتغيير، وإجراء الانتخابات، لن تحصد ما طالبت به، لأن حكومة (مصطفى) الكاظمي غير قادرة على تحقيق المطالب. كما أن عمل الحكومة انحرف، وهي تعمل حالياً وكأنها حكومة اعتيادية وليست حكومة أزمات، ناهيك عن أن بعض الكتل السياسية تدفع باتجاه عدم إجراء الانتخابات إلى حين انتهاء فترة الحكومة الحالية".
وكان مجلس النواب قد صوّت، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، على قانون الانتخابات البرلمانية، من دون جدولة أو توزيع الدوائر الانتخابية، التي تعد أساساً لإجراء الانتخابات، وهو ما عرقل إرسال القانون إلى رئاسة الجمهورية للمصادقة عليه، فيما لم يحدد إلى الآن موعد لاستكمال إقرار هذه الدوائر. من جانبه، قال عضو تحالف "عراقيون" والنائب علي البديري إن "يوماً واحداً يكفي لإنهاء كل المتعلقات المرتبطة بإجراء الانتخابات المبكرة في البلاد، لكن هناك إرادة سياسية تكاد تكون قوية تمنع التقدم بهذا الملف. كما أن اتفاقات سياسية خفية تقضي بتحميل الحكومة مسؤولية الإخفاق أو النجاح في إجراء الانتخابات". وأكد، لـ"العربي الجديد"، أن "بعض الجهات السياسية تعمل على تدوير ملف الانتخابات ما بين رئاسة مجلس النواب واللجنة القانونية في البرلمان لأكثر من مرة، بحجة ورود أخطاء فيه، أو عدم اكتماله، أو الاتفاق على شكل الانتخابات، عبر تقسيم المحافظة إلى عدة دوائر انتخابية، أو أن تكون المحافظة دائرة انتخابية واحدة. وما هذه الحركات إلا من أجل تضييع الوقت والمماطلة في إجراء الانتخابات".
إلى ذلك، بيّن الناشط المدني وعضو الحزب الشيوعي العراقي أيهم رشاد أن "المتظاهرين يراقبون عمل البرلمان والحكومة الحالية، ولم يلمسوا أي تقدم باتجاه تحقيق أهم مطلب، وهو إجراء الانتخابات المبكرة النزيهة، بإشراف أممي، لضمان إزاحة الوجوه الفاسدة والمتهمة بسرقة وقتل العراقيين. وحتى المواعيد التي تم تسريبها ليست أكيدة. كما أن المتظاهرين بلغوا القناعة شبه الكاملة بأن النظام الحالي لن يخضع لمطالب الجماهير الغاضبة، وبالتالي لا سبيل لدى المحتجين سوى العودة إلى ترتيب الصفوف من جديد". وأوضح، لـ"العربي الجديد"، أن "الكاظمي بيده كل الأدوات التي تجعله إما أن يقف إلى جانب المتظاهرين والشعب، أو أن ينحاز إلى جانب الأحزاب. وفي حال انسجام رئيس الحكومة مع الكيانات الفاسدة، فهذا يعني مقتله سياسياً ونهاية حكومته".

المساهمون