هل بإمكان الحكومة العراقية المرتقبة تنظيم انتخابات خلال عام؟

هل بإمكان الحكومة العراقية المرتقبة تنظيم انتخابات خلال عام واحد؟

19 ابريل 2020
الانتخابات المبكرة مطلب دعت له التظاهرات (أحمد الربيع/فرانس برس)
+ الخط -
بالتوازي مع الحراك الذي يجريه رئيس الوزراء العراقي المكلف مصطفى الكاظمي، لتشكيل حكومته، التي وعد في وقت سابق بأنها ستكون حكومة أزمة، وتعمل على تهيئة انتخابات مبكرة في عموم مدن البلاد خلال مدة لا تتجاوز عاما واحد، يؤكد مسؤولون عراقيون وسياسيون أن تنظيم الانتخابات المبكرة يحتاج إلى جملة عوامل مهمة، بعضها مرتبط بالأزمة الصحية (جائحة كورونا)، في حال استمرارها، وأخرى بالأزمة المالية. 

ويتطلب إجراء الانتخابات العراقية موازنة مالية لا تقل عن مليار دولار لافتتاح أكثر من 60 ألف محطة انتخابية، يتم تأسيسها بناء على قانون الانتخابات الجديد، الذي أقره البرلمان نهاية العام الماضي على وقع الاحتجاجات الشعبية، فضلا عن متطلبات فنية وقانونية تتعلق بتقسيم الدوائر الانتخابية، وفك ارتباط النواحي والأقضية التي اعتبرت دائرة انتخابية واحدة، ودمج تلك التي لا يتجاوز عدد سكانها 100 ألف نسمة مع مدن أخرى لتكون دائرة انتخابية واحدة، وهو إشكال فني وقانوني وسياسي أيضا يتعلق بمكونات بعض المدن وجمهور الأحزاب فيها.

وتعد الانتخابات المبكرة والنزيهة مطلبا شعبيا، دعت له التظاهرات العراقية التي عمّت البلاد خلال الفترة الأخيرة، والتي أجبرت حكومة عادل عبد المهدي على الاستقالة.

واليوم الأحد، أصدرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بيانا هو الأول من نوعه، قالت فيه إنها "تعمل بجهد استعداداً لإجراء انتخابات البرلمان المبكرة وفق المعايير الدولية، مستدلة بما تمتلكه من قدرات إدارية وفنية وعملياتية، وبمساعدة الأمم المتحدة"، مؤكدة أنها بانتظار تشريع قانون الانتخابات والجداول الملحقة به، والتي تحدد الدوائر الانتخابية وعدد المقاعد لكل دائرة، فضلاً عن تخصيص الموازنة الانتخابية".

وأشارت إلى أن "إجراء الانتخابات يمر بعدة مراحل، وفق الجدول العملياتي، بدءا من مرحلة تسجيل الناخبين وتحديث وتهيئة سجل الناخبين، وطباعة وتوزيع بطاقة الناخب الإلكترونية للمسجلين بايومترياً، وتهيئة قوائم الأحزاب والتنظيمات السياسية، مع فتح باب تسجيل المرشحين للانتخابات، وتجهيز عدة التحقق الإلكترونية، وجهاز الفرز والعد الإلكتروني، وبرامجيات إعلان النتائج، فضلاً عن إعداد المطبوعات المتضمنة ورقة الاقتراع واستمارات التسوية والنتائج، وسجل الناخبين، وتجهيز المواد المستخدمة على مستوى مركز تسجيل ومركز اقتراع، والتهيئة لإبرام العقود والتعاقد لما تحتاجه الانتخابات".

وأكدت المفوضية أن "هذا يتطلب جهداً ووقتاً يبدأ من تاريخ تشريع قانون الانتخابات وملاحقه وتخصيص الميزانية المالية الانتخابية"، ولفتت إلى أنها "عملت على مد جسور التعاون مع شركاء العملية الانتخابية من خلال التواصل معهم، وبشكل واسع، لإيصال رسائل تتضمن سياسة الثقة التي اعتمدتها المفوضية، من خلال تنسيق اللقاءات معهم في موعد يحدد في كل شهر، وحالت دون ذلك جائحة كورونا في هذا الشهر".

وشددت على أنها "تسعى لإجراء انتخابات نزيهة وشفافة تلبيةً لتطلعات الشعب العراقي، وتحقيقاً للعدالة المنشودة في التمثيل النيابي، من خلال تجنيد كل إمكانياتها البشرية والمادية والمالية، وتأمين أجواء انتخابية آمنة لتشجيع المشاركة الواسعة، مما يعزز ثقة الناخب العراقي، ويبعث رسائل تطمين بحفظ صوته الانتخابي إرساءً لأسس الديمقراطية في العراق". 

مسؤول عراقي بارز في بغداد، وعلى اطلاع بمشاورات الكتل السياسية، قال لـ"العربي الجديد"، إن "إجراء الانتخابات المبكرة خلال عام واحد صعب، بل يبدو صعبا جدا في مثل هذه الأوضاع".

وأضاف المسؤول ذاته أنه "حتى لو زالت أزمة كورونا من العراق، وتحسن الوضع المالي، وتوفرت الموازنة الكافية لإجراء الانتخابات، فإن هناك مشاكل قانونية تتعلق بتنظيم الجانب الفني من قانون الانتخابات الجديد، وهي مهمة بحاجة لتدخل وزارة الداخلية والتخطيط والبلديات وجهاز الإحصاء العام لتنظيم المدن، وتحديد الدوائر الانتخابية، وتنظيم تلك التي لا يتجاوز عدد سكانها 100 ألف نسمة، ووضعها مع مدينة أخرى لا تبتلع أصواتها، خاصة فيما يتعلق بالأقليات والمدن المختلطة، وهي مهمة ليست سهلة، وتحتاج وقتا وتوافقا سياسيا غير يسير، كما أنه مع انفلات السلاح والاحتكاك الأميركي الإيراني المتكرر داخل العراق، وتدخل فصائل مسلحة بالعملية السياسية بالفترة الأخيرة، يجعل كثيرين يشككون بإمكانية إقامة الانتخابات في عام واحد".

وكشف المصدر ذاته عن أن "الرؤية العامة لكل القوى السياسية تتحدث عن أن الانتخابات إن أقيمت فعلا بشكل مبكر فإنها لن تكون قبل نهاية عام 2021، على اعتبار أن الحكومة الجديدة ستباشر عملها الفعلي إن مررت فعلا من البرلمان منتصف العام، ما يعني عاما ونصف العام بحد أقصى إن توفرت الأجواء السياسية والأمنية وتلاشت الأزمتان الصحية والمالية بالعراق"، معتبرا أن "التظاهرات في حال عودتها فعلا ستكون الضاغط الأكبر على العملية السياسية، إن لم تكن الوحيد لإجراء الانتخابات المبكرة". 

وتؤكد جهات سياسية أن الأزمة المالية التي يمر بها العراق تصعّب من إمكانية إجراء انتخابات مبكرة. 

وقال النائب عن "تحالف الفتح"، الجهة السياسية الممثلة لـ"الحشد الشعبي"، حسن شاكر عودة، إن "الانتخابات تحتاج إلى أموال طائلة، وإن العراق يمر بأزمة مالية جرّاء انخفاض أسعار النفط"، مؤكدا، في تصريح صحافي، على ضرورة أن "تكون هناك دراسة دقيقة لحجم الأموال التي ستصرف على الانتخابات، قبل الشروع بها". 

من جهته، أكد النائب السابق عن الحزب الديمقراطي ماجد شنكالي على ضرورة تمرير حكومة الكاظمي، لأجل تمرير الموازنة، وضمان إجراء انتخابات مبكرة.

وقال في تغريدة له: "كابينة الكاظمي يجب تمريرها للخروج من حالة الشلل التي تعيشها مؤسسات الدولة بسبب حكومة تصريف الأمور اليومية وعدم إقرار الموازنة وأزمة كورونا والأزمة المالية، وتمريرها أيضاً قد يضمن إجراء انتخابات مبكرة. الكاظمي لن يستطيع التغيير كثيراً، ولكن مرحلته قد تكون البداية للتغيير". 

وكان عضو البرلمان العراقي عباس عليوي قد أكد، في وقت سابق، أن أغلب القوى السياسية "غير راغبة بإجراء الانتخابات المبكرة"، مبينا أن "عدم إكمال الملحق المتعلق بقانون الانتخابات يحول دون إجرائها".

وتحدث، في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، رئيس "شبكة عين" لمراقبة الانتخابات في العراق، عبد الرحمن المشهداني، عن أن إجراء الانتخابات في ربيع 2021 أمر صعب جدا في ظل الأزمة الاقتصادية التي تضرب البلاد، مبينا أن "العراق يمر بمشاكل اقتصادية، وأن إجراء الانتخابات يتطلب مبالغ مالية لا تقل عن مليار دولار تقريبا".

يشار إلى أن الحراك الشعبي الواسع، الذي انطلق في العراق في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كان قد طالب بقوة بإجراء انتخابات مبكرة، وهو أمر لقي تأييد المرجعية الدينية في النجف، وممثلية الأمم المتحدة في العراق.