القانون لا يحمي الغزّيات

القانون لا يحمي الغزّيات

24 نوفمبر 2015
ربما تشعر بالضيق لفقدانها السند العاطفي (إيمان عبد الكريم)
+ الخط -

تعاني المرأة في قطاع غزة من مشاكل عدة، غالباً ما تبقى حبيسة الجدران نظراً لخصوصيّة هذا المجتمع المحافظ، الذي ما زال متمسّكاً بعاداته وتقاليده. وإن كان الدين الإسلامي قد حفظ مكانة المرأة في حياتها الزوجيّة، وأعطاها حقوقها كاملةً، إلا أن بعض الرجال يصرّون على التعامل بسلطوية مع شريكة حياتهم، فيهجرها أو يعيدها إلى المنزل، كأنها مجرد قطعة من أثاث البيت.

لم تحصل سعاد (33 عاماً) على الطلاق بعدما رفض زوجها منحها هذا الحق، هو الذي تزوج من أخرى وتركها. ولأن ظروفها المادية صعبة، بدت عاجزة عن رفع دعوى قضائية ضد زوجها، لتنضم إلى قائمة طويلة من النساء "المهجورات" اللواتي يعانين لعدم قدرتهن على الحصول على الطلاق، وبالتالي على النفقة لهن ولأطفالهن.
اليوم، تعيلُ سعاد ثلاثة أطفال، أكبرهم محمد (12 عاماً). يوماً بعد يوم، تزداد معاناة هذه المرأة، وقد مرت أربع سنوات على تخلي زوجها عنها. تقول: "بعدما حصلت على شهادة الثانوية العامة، تزوجت من رجل يكبرني باثني عشر عاماً، رفض أن أتابع تحصيلي العلمي. وبعد فترة من الزواج، بدأت معاملته تزداد سوءاً من دون أن أتمكن من اللجوء إلى أي جهة تساعدني خوفاً على مستقبل أطفالي". في وقت لاحق، طلبت أم محمد الطلاق من زوجها مراراً على أن تتولى الاعتناء بأطفالها. لكنه فضّل تركها بعدما أخذ الجزء الأكبر من المنزل، باستثناء غرفتين لهم. تضيف أنها تشعر بالوحدة على الرغم من أنه يسكن في المنزل نفسه.

في الوقت الحالي، تعتمد سعاد على مساعدات أهل الخير، بالإضافة إلى أسرتها، علماً أنها لا تكفي لسد احتياجاتها. كل ما تتمناه في هذه الحياة سماع عبارة: "أنتِ طالق". في المقابل، بدا الأمر مختلفاً بالنسبة لكريمة (52 عاماً). هي من عائلة بدوية ما زالت تتمسّك بعاداتها وتقاليدها، ما يعني أنه لا يمكن للمرأة طلب الطلاق من زوجها ما لم يكن يرغب في ذلك. تقول لـ"العربي الجديد": "هجرني زوجي قبل 20 عاماً، ولم أعد أذكر تفاصيل حياتي معه. أنجبت فتاتين بعد ثلاث سنوات من زواجنا، لكنّه أراد صبياً، فتزوج من أخرى وسكن في المنزل نفسه".
تقول كريمة، أو "أم البنات" كما تلقبها عائلة زوجها، إنها عانت كثيراً خلال السنوات الأولى، بعدما تخلّى زوجها عنها وعن الفتاتين. وبعدما تزوّجت ابنتاها، ما زالت تسكن في البيت نفسه وتؤمن طلبات زوجها، فهي لا تريد أن تعيش بقية عمرها وحيدة.

وتقول الباحثة الاجتماعية ريهام الكيلاني إن المرأة قد تشعر بالحيرة والضيق والتوتر لفقدانها السند العاطفي، مضيفةً أن الشعور بالوحدة يؤدي إلى البحث عن بديل سواء بالطرق المشروعة أو غير المشروعة، بالإضافة إلى الشعور بالعجز والسلبية. وترى أن هذه التفاصيل تؤثّر سلباً على مستقبل الزوجة، وخصوصاً إذا كانت تعيل أطفالاً، وقد تصبح عدوانية أو تستسلم إلى الإهمال والتقصير.

وإلى الوضع القانوني للمهجورات، لم يتطرق قانون الأحوال الشخصية العثماني والمصري في مواده للمرأة "المعلّقة" (التي رفض زوجها منحها الطلاق بعدما تركها)، باستثناء المادة 93 من قانون العائلة الفلسطينية، التي تنص على أن غياب الزوج لأكثر من سنة يعطي الزوجة الحق في طلب الطلاق من القاضي. في الوقت نفسه، فإن القانون المطبق في الضفة الغربية يفصل بين من غاب عنها زوجها بسبب هجرانه لها، وبين من سافر زوجها للعمل في الخارج.
من جهتها، تؤكّد المحامية سعاد المنشي أنه يحق للزوجة طلب الطلاق بعد مرور عام على هجر زوجها لها، وهي المدة القانونية التي يذكرها القانون الفلسطيني. إلا أنه ينص على أن تتواجد الزوجة في منزل أهلها. وتلفت إلى أن الطلاق ليس الهدف الأساسي للدعوى القضائية، بل التوفيق بين الزوجين. وفي حال أرادت الزوجة الطلاق، يجب أن يظهر أن الزوج طردها من منزله. لكن في معظم القضايا، غالباً ما تكون هناك مماطلة من قبل الزوج، لتبقى القضية معلّقة لسنوات. إلا أن الزوجات اللواتي هجرهن أزواجهن، وما زلن يعشن في المنزل الزوجي، فلا يوجد قانون ينصفهن ما لم يعمدن إلى مغادرة المنزل والإصرار على المطالبة بحقوقهن.

اقرأ أيضاً: مراكز إيواء النساء المعنفات مخابئ مؤقتة

المساهمون