عن أيّ عنفٍ نتكلم؟

عن أيّ عنفٍ نتكلم؟

24 نوفمبر 2015
النساء في أوقات الحروب أكثر عرضة للتهميش (Getty)
+ الخط -

ربما كان واقع المنظمات النسائية في عملها من أجل تحسين أوضاع النساء، منذ عام 2011 مُربَكاً. منذ حينه، ومعظم البلدان العربية تعيش على وقع نزاعات وحروب. في سورية ومصر وليبيا واليمن والعراق ولبنان وغيرها من البلدان العربية واقع النساء مأزوم وواقع منظمات المجتمع المدني النسائية في حالة إرباك. بين ضرورة الاستجابة للحاجات الإغاثية للنساء (والرجال) واللاجئات وضحايا الحروب (والتي تعد أولوية)، وبين الحاجة إلى التمسك بالمكتسبات السابقة والعمل بشكل استراتيجي لمناصرة قضايا النساء، تبرز حالة الإرباك. يزيد حالة الإرباك أو يضاعفها استعداد المجتمع بثقافته وسياسته ومؤسساته لتحديد الأولويات والاستجابة لها.

النساء في أوقات النزاع والحروب يصبحن أكثر عرضة للتهميش والعنف. يتعرضن لأشكال مضاعفة من العنف، والعنف الجنسي، والاغتصاب كسلاح حرب. تشكل النساء أكبر نسبة لاجئين، ويصبحن مسؤولات عن إعالة الأسر دون موارد أو فرص تمكنّهن بالضرورة من ذلك. يبرز الإرباك حين يصعب الحديث في المجتمع عن عنف خاص ومضاعف تتعرض له النساء دون الإشارة بالمقابل إلى عنف مجتمعي يطاول كافة فئات المجتمع في ظل الحروب. وتبرز جذور الإرباك بسبب ما يلي:

- المنظومة السياساتية العامة وأنظمة الحكم الذكورية، هي التي تعيد خلط الأولويات. هي في المبدأ لا تدرج حقوق النساء ضمن سلم الأولويات بشكل عام. فكيف بأوقات النزاعات والحروب؟ يضيف ذلك عبئاً على المنظمات النسائية في العمل بشكل مضاعف من أجل تسليط الضوء وحشد الاهتمام السياساتي والشعبي على حقوق النساء الإنسانية.

- الموقف الثقافي العام تجاه العنف وعتبة القبول به أو التسامح معه حين يصبح العنف جزءاً من نمط الحياة. الكثير من العنف يجعله أمراً "مقبولاً" في أذهان الناس. يحصل تطبيع مع العنف، الأمر الذي يضع على عاتق الحراك النسائي مسؤولية التغيير في الذهنية والمواقف بشكل مستمر.

يضع هذا الواقع الحراك النسائي أمام تحد كبير في العودة بشكل مستمر من نقطة الصفر دون المساومة على تراكم الجهود أو المكتسبات السابقة. في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، لا يمكن الحديث عن العنف أو التعاطي معه كقضية جامدة. لعل أبرز ما يلخص هذا الواقع ما حدث في لبنان حين تحركت الجمعيات النسائية بشكل سريع على خلفية ما صرح به وزير الخارجية، جبران باسيل، عن حق المرأة اللبنانية بمنح جنسيتها لأسرتها. تكثّفت الاتصالات بين القيادات النسائية لإبداء موقف جماعي من الأمر. بعد يومين من تاريخه، وأثناء المؤتمر الصحافي كان حضور الصحافة والمشاركين خجولاً جداً. إذ قبل المؤتمر بيوم، وقع انفجاران في منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت. عن أي عنف إذاً يجب أن نتكلم؟

(ناشطة نسوية)

اقرأ أيضاً: "مين قال؟ نحن قال"

المساهمون