الجزائر: تحقيقات في فضائح توزيع إعلانات على صحف محلية وأجنبية

الجزائر: تحقيقات في فضائح توزيع أكثر من 800 مليون دولار إعلانات على صحف محلية وأجنبية

06 اغسطس 2020
تغيرت معايير منح الإعلان (بلال بن سالم/Getty)
+ الخط -

كشف مدير عام  المؤسسة الحكومية للإعلان في الجزائر، العربي ونوغي، عن فضائح فساد مالي وصفت بالكبيرة في قطاع الإعلان الحكومي الممنوح إلى صحف بشكل ملتبس يشوبه الفساد، ويجري التحقيق فيها لاحالتها إلى القضاء.

وقال ونوغي في حوار صحافي نشرته صحيفة "الخبر" الجزائرية إن الفساد المالي في عمليات توزيع الإعلانات طاولت توزيع 150 مليار دينار، أي ما يعادل 800 مليون دولار، بينها 200 مليون دولار وزعت خلال السنوات الأربع الأخيرة على صحف بطريقة غير قانونية وفيها الكثير من الاحتيال.

وذكر أن" التحقيقات لا تزال جارية في العديد من الملفات التي ينتظر أن تسقط العديد من الرؤوس، سواء من الذين مرّوا على تسيير القطاع أو أولئك الذين استفادوا بغير وجه حق، في صحف لم يكن يتجاوز سحبها الألفين نسخة".

وأكد ونوغي أن المؤسسة المكلفة بتوزيع الإعلان الحكومي تخضع في الوقت الحالي لتحريّات أمنية ومحاسباتية وتدقيق مالي، إلى جانب تدقيق داخلي للحسابات أطلق بالتعاون مع خبراء محاسبيين، بهدف إجراء تقييم مالي وحصر التلاعبات التي تمت وتحديد المستفيدين بطريقة غير قانونية، قبل إحالة الملف على العدالة.

وذكر المسؤول الجزائري أن صحفاً ووسائل إعلام ومجلات أجنبية استفادت هي الأخرى من الريع المالي الذي كان يوزع عليها وستشملها التحقيقات أيضاً، إذ كانت توجه إليها أموال ومبالغ كبيرة جداً، في حملات دعائية بهدف ظاهر هو تحسين صورة الجزائر، لكنه كان موجهاً لتلميع مجموعة الحكم السابقة، ولتحويل العملة الصعبة إلى الخارج.

وتشمل التحقيقات "لوموند"، ومجلة "جون أفريك"، ومجلة "أفرك آزي" لصاحبها ماجد نعمة، ونشريات تابعة للضابط الجزائري السابق المقيم في فرنسا هشام عبود، و قناة "أورو نيوز"، ومجلات متخصصة بالإنكليزية كانت تنشر أحياناً حوارات مكتوبة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وكانت صحيفة "لوموند" الفرنسية قد نشرت، في يوليو/تموز عام 2012 ، 16 صفحة عبارة عن دعاية للسلطة ولسياسات الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.

وكشف النقاب عن تورط وزير الاتصال السابق، جمال كعوان، في القضية، إذ كان يجمع بحسب ونوغي في نفس الوقت منصبي الوزير ومدير عام  شركة الإعلان وعضوية في ملكية صحيفة "وقت الجزائر"، إذ يرد اسمه في  السجل التجاري للصحيفة، وهو ما عده المحققون تضارباً للمصالح يمنعه القانون، ناهيك عن إيجار فيلا في منطقة في العاصمة باسم مؤسسة الإعلان، من دون استغلالها في أي من أنشطة المؤسسة، ويرجح أنها كانت موجهة للاستغلال في قضايا أخرى سيكشف عنها التحقيق.

اعتبر العربي ونوغي أن مؤسسة الإعلان الحكومي كانت عبارة عن "وكر  للفساد المالي خاضع لسلطة الهاتف ومتحرر من كل المعايير القانونية والأخلاقية، و الضحية الكبرى لتلك الممارسات هي عمال المؤسسة وموظفوها النزيهون الذين لم يستفيدوا من حقوقهم رغم أن مؤسستهم ذات طابع اقتصادي وكانت تسير المليارات، في مقابل حصول حفنة من الفاسدين على كل الامتيازات"، وتعهد بتطهير جذري للمؤسسة مع نهاية السنة الحالية، وفق الالتزامات التي قطعها مع رئيس الجمهورية.

 وكشف ونوغي عن توزيع ما يقارب المليار دولار من الإعلانات خلال العقدين الماضيين من حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، قال إنها كانت تصب في مصلحة ملاك الصحف بالدرجة الأولى، من دون أن يستفيد الصحافيون من هذه العائدات، وبعضهم لم يكن حتى مصرحاً بهم لدى الضمان الاجتماعي.

وبلغ عدد الصحف المستفيدة من الإعلان الحكومي 157، أبرزها صحيفة " النهار" المملوكة للصحافي أنيس رحماني، الموقوف في السجن، إذ حصلت بين 2012  و2019 على10 ملايين دولار، فيما استفادت صحيفة "الشروق" خلال الفترة نفسها من ما يقارب 9 ملايين دولار، فيما استفادت صحيفة  "الخبر"، كبرى الصحف الصادرة باللغة العربية، من 1.5 مليون دولار في الفترة ما بين 2016 و2019، لكونها ظلت ممنوعة من الحصول على الإعلان الحكومي منذ عام 1998.

وكشفت التحقيقات عن لجوء الناشرين إلى حيلة إصدار صحيفتين بالعربية والفرنسية للاستفادة المزدوجة، هي 60 صحيفة على غرار صحف يملكها رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان عبد الحميد سي عفيف، وهي "منبر القراء" ونسختها بالفرنسية. وحصل سي عفيف على عائدات تقدر بخمسة ملايين دولار. كما استفادت صحيفة"البلاغ" المملوكة للاعب الجزائري السابق والمعروف، رابح ماجر، على 1.5 مليون دولار.

وأعلن ونوغي أنه قام بوقف الإعلان عن صحيفة  "إيدوغ نيوز" التي يمتلكها نجل رئيس أركان الجيش الراحل أحمد قايد صالح، "لأن صاحبها لا علاقة له بالصحافة". وذكر أن التحقيقات كشفت أن عدداً كبيراً من الصحف كان يملكها ويديرها نواب في البرلمان وأبناء مسؤولين ورياضيين وسياسيين، عددهم 40 شخصاً، وكانوا يديرون صحف عبر أسماء مستعارة ويحصلون عبر نفوذهم على عائدات الإعلان الحكومي، برغم أنه "لا علاقة لهم بقطاع الصحافة وبرغم أن المادة 31 من  قانون الإعلام تمنع ذلك. المادة 25 من ذات القانون تنص على أن نفس الشخص الـمعنوي الخاضع للقانون الجزائري لا يمكنه أن يملك أو يراقب أو يسير نشرية واحدة فقط للإعلام العام تصدر في الجزائر في نفس الدورية".

وتقرر بحسب ونوغي وضع 15 معياراً لمنح الإعلان الحكومي، في الفترة الانتقالية الحالية التي تسبق ظهور قانون الإعلان، بما فيها المواقع الإلكترونية التي ستستفيد قبل شهر سبتمبر/أيلول المقبل، بينها معايير جدية الصحيفة وانتشارها وتوزيعها واحترامها لقانون الإعلام والخدمة العامة والتزام أخلاقيات المهنة واحترام مؤسسات الجمهورية وثوابت الأمة وخصوصيات المجتمع الجزائري، وتأمين الصحافيين والتصريح لدى مصلحة الضرائب.

المساهمون