فاجعة بيروت تقلق العراق: مراجعة المواد المتفجرة المخزنة بالموانئ

فاجعة بيروت تقلق العراق: مراجعة المواد المتفجرة المخزنة بالموانئ وفي الأحياء السكنية

06 اغسطس 2020
مخازن أسلحة في أحياء سكنية( يونس كيليس/ الأناضول)
+ الخط -

وجّهت الحكومة العراقية، في ساعة متأخرة من ليلة أمس الأربعاء، بجرد الحاويات التي تحوي مواد عالية الخطورة، ذات الطبيعة الكيميائية والقابلة للانفجار، في المنافذ الحدودية، واتخاذ الإجراءات اللازمة بشأنها تلافياً لأي حادث مشابه للانفجار بمرفأ بيروت.

يأتي ذلك بعد ساعات من حملة واسعة دشنها ناشطون عراقيون حمّلوا فيها رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، مسؤولية حماية المناطق السكنية من وقوع انفجار مشابه لانفجار مرفأ بيروت، الذي وقع، أول من أمس الثلاثاء، في ظل تواجد ترسانة عسكرية كبيرة داخل المناطق السكنية في بغداد والمحافظات. وطالبوا بإخراجها بشكل عاجل، مشددين على ضرورة أن تعي الحكومة حجم المخاطر التي قد تنجم عن تلك الترسانة.

وقال رئيس هيئة المنافذ الحدودية، عمر الوائلي، في بيان، إنّ "رئيس الوزراء وافق على تشكيل لجنة على نحو عاجل برئاسة مدير المنفذ الحدودي وعضوية الدوائر العاملة فيه لجرد الحاويات عالية الخطورة (كيميائية، مزدوجة الاستخدام، نترات الأمونيا) المتكدسة والموجودة داخل المنافذ الحدودية"، مؤكداً أنه "سيجري وضع الحلول وإخلاؤها إلى أماكن نائية تخصص من قبل الشركة العامة لموانئ العراق فيما يخص الموانئ وسلطة الطيران المدني المتعلقة بالمطارات وشركة النقل البري فيا يخص المنافذ البرية".

وأشار إلى أن "اللجنة ستنهي أعمالها وتقدم تقريرها خلال الـ72 ساعة المقبلة".
الخطوة على أهميتها، إلا أن مخاطرها تعد أقلّ من مخاطر الترسانة العسكرية داخل الأحياء السكنية، والتي تصاعدت حدّة المطالبات الشعبية بوضع حلول عاجلة لها.

ونجم الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، الثلاثاء، عن تفجّر كمية كبيرة من "نيترات الأمونيوم" كانت مخزنة في عنبر 12 في المرفأ، ما أدّى إلى مقتل 137 شخصاً على الأقل حتى الآن وجرح زهاء 4 آلاف شخص، في وقت لا يزال العديد من الأشخاص مفقودين.

وخرجت تظاهرات شعبية، عصر أمس الأربعاء، في ساحة التحرير ببغداد، وفي عدد من المحافظات الجنوبية، عبر المتظاهرون خلالها عن مساندتهم للشعب اللبناني، كما طالبوا الحكومة بتحمل مسؤوليتها وإخراج المعسكرات ومخازن الأسلحة من داخل المدن.

الناشط المدني، وعد العبيدي، أكّد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن حفظ أمن المواطن، وأن وجود مخازن الفصائل المسلحة وترسانتها الكبيرة داخل المدن وبين المنازل السكنية، خطر كبير قد يعرض تلك المناطق إلى فاجعة أشبه بفاجعة بيروت، وأن مخاطرها تفوق مخاطر المنافذ الحدودية البعيدة عن المناطق الآهلة بالسكان"، مضيفاً "يجب على الحكومة أن تتخذ قراراً بعيداً عن المجاملات، بإخراج تلك المخازن خارج المدن بأسرع وقت ممكن".

وتساءل عن "جدوى تلك المخازن وتلك الترسانة الكبيرة للفصائل داخل المناطق السكنية، وهل الأحياء السكنية جبهة قتالية تحتاج لكل تلك الترسانة الكبيرة؟"، موضحاً أن "تلك الترسانة تشكل خطراً على المواطنين من طرفين، الأول أنها قد تتعرض للتفجير بأي لحظة، والثاني أن وجودها يزيد من أعمال العنف داخل المدن".

جهات سياسية، عدّت تلك المخازن "قنبلة موقوتة" تهدد أمن الأحياء السكنية. وقال النائب عن "تيار الحكمة"، علي البديري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "كل معسكر فيه عتاد وسلاح هو قنبلة موقوتة قد تتسبب بكارثة للمواطنين في أي لحظة، وإن أي معسكر ومكان سلاح في المدن يجب إخلاؤه بشكل عاجل".

واعتبر أن "الفاجعة التي وقعت في بيروت تعطي الكاظمي مسوغاً لإبعاد كل المخازن عن المدن لا سيما في بغداد التي يتواجد فيها أكبر عدد من تلك المخازن، وبالتالي فإن الكاظمي أصبح لديه المبرر لإخلاء كل المدن من تلك المخازن".

وأضاف أن "تواجد أي معسكر لأي فصيل داخل المدن، يهدف لإعطاء رسالة الى الحكومة بأنهم موجودون وبقوة"، مشدداً على "أهمية إخراجها بأسرع وقت ممكن".

عضو لجنة الأمن البرلمانية، النائب بدر الزيادي، أكّد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "وجود المعسكرات داخل المدن وفي أطراف المدن ينطوي على مخاطر كبيرة"، مبيناً أن "عملية خزن الأسلحة داخل المدن غير صحيحة لما لها من آثار سلبية، كون السلاح يحتاج إلى مخازن خاصة وضمن ضوابط معينة، أما خزنه كما يجري حالياً بطرق عشوائية، وداخل المدن فهو مخالف للضوابط وشروط الأمان، وأن ما حدث في بيروت يجب أن يكون درساً للجهات المسؤولة العراقية، يجب أن تعيه".

وأضاف "يجب على القيادة العامة للقوات المسلّحة أن تشكل لجاناً خاصة لمتابعة هذا الملف والاطلاع على وجود تلك المخازن داخل المدن، وعلى كيفية الخزن، وأن تتخذ إجراءات إخراجها خارج المدن"، مؤكدا أن "الحكومة لها القدرة على اتخاذ الإجراءات القانونية، تجاه أي فصيل له مخازن أسلحة داخل المدن، وأن يتم إجبارها على إخراج مخازنها بشكل قانوني".

وانتقد "الإهمال الحكومي وإهمال وزارة الدفاع لهذا الملف الخطير، وعدم متابعة تلك المخازن وطرق خزنها".

وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، دعا ناشطون ومثقفون إلى إخراج سلاح المليشيات، محذرين من مشهد يشبه انفجار بيروت.

وقال الباحث في الشأن العراقي، شاهو القرداغي، في تغريدة على "تويتر"، "المواطن العراقي استشعر الخطر بعد حادثة بيروت، ويطالب بإبعاد العتاد من المدن، بينما المسؤولون وصناع القرار وقادة المليشيات لا يشعرون بأي مسؤولية عن دماء المواطنين ولا يهتمون بهذا الخطر".

 أما الناشط حسين آل ثاني، فقال في تغريدة له، "حتى لتصير بغداد مثل بيروت صار لزاماً إبعاد سلاح المليشيات عنها، خاصة في المناطق السكنية".

 الناشط فهد فراس، قال في تغريدة على "تويتر"، "أخرجوا سلاحكم من المدن حتى لا يتكرر المشهد وتصير بغداد بيروت ثانية".

 أما المواطن محمد حسن فقال في تغريدته، "نريد العيش بسلام، كفى حروب".

يشار إلى أن المطالبات بإخراج معسكرات وترسانة الفصائل المسلحة من داخل المدن ليست جديدة، إذ سبق أن تصاعدت دعوات خلال فترة حكومتي عادل عبد المهدي وحيدر العبادي السابقتين، لكن قيادة "الحشد الشعبي" رفضت ذلك، وأصرت على البقاء داخل تلك المعسكرات.