التضامن مع قطر يتّسع وجهود الحلّ تتسارع...وواشنطن محوراً للاتصالات

التضامن مع قطر يتّسع وجهود الحلّ تتسارع...وواشنطن محوراً للاتصالات

14 يونيو 2017
يزور وزير الدفاع القطري خالد العطية واشنطن(ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -
يتوقع أن تبقى واشنطن، في الساعات والأيام المقبلة، محور الاتصالات والزيارات والاجتماعات المتعلقة بالحملة من قبل بعض الدول العربية ضد قطر، مع وجود مسؤولين رئيسيين معنيين بالأزمة الخليجية في العاصمة الأميركية، وسط صدور مواقف جديدة رافضة للإجراءات المتخذة من قبل محور الرياض ــ أبوظبي، ومؤيدة لوساطة أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، مع وجود احتمال بأن تدخل دول كبرى في الوساطة، ما من شأنه زيادة الضغط لإقناع الدول التي تشنّ الحملة، بوقف تصعيدها والتراجع عن قرارات "العقاب الجماعي".

ويوجد حالياً في واشنطن كل من وزير الدفاع القطري، خالد العطية، ووزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، في انتظار وصول وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في نهاية الأسبوع إلى واشنطن أيضاً. ولم يزُل الغموض بعد عن حقيقة الموقف الأميركي إزاء الأزمة، في ظل تفسيرين اثنين يتنازعان شرح التناقض الكبير بين موقف الرئيس دونالد ترامب المتبني الرواية السعودية ــ الإماراتية عن "دعم قطر للإرهاب"، في مقابل وزيري الخارجية والدفاع، ريكس تيلرسون وجايمس ماتيس، واللذين دعيا، مراراً، لوقف التصعيد ضد قطر، بموازاة إشادتهما بـ"دور الدوحة في مكافحة الإرهاب والحفاظ على الأمن الإقليمي".


ويفيد التفسير الأول بأن التناقض في الموقف هو جزء من توزيع أدوار بين الضغط على الدوحة ومد اليد لها. أما الشرح الثاني، والذي ذهبت إليه صحيفة "واشنطن بوست" مثلاً، فيعتبر أن التناقض يكشف أنه للمرة الأولى، تقرر وزارة الخارجية الأميركية تحييد نفسها عن مواقف الرئيس الأميركي لتصبح أميركا أمام مشهد غريب، وهو أن لديها سياستين خارجيتين مختلفتين. وبناءً على كلام وزير الخارجية القطري قبل يومين، في لندن وموسكو، عن أن الدوحة تتعامل مع السياسة الخارجية الأميركية بناءً على اتصالاتها مع "الحكومة الأميركية"، يُتوقع أن يكون لقاء بن عبد الرحمن آل ثاني مع نظيره تيلرسون خطوة في اتجاه فهم الدوحة حقيقة الموقف الأميركي من الحملة عليها. وآخر المواقف الأميركية في هذا الصدد، صدر مساء الثلاثاء عن وزير الدفاع ماتيس، عندما قال إن "قطر تسير في الاتجاه الصحيح لمنع تمويل التطرف العنيف". واعتبر ماتيس أن "الحصار المفروض على قطر من بعض دول الخليج "وضع معقد للغاية ومجال يجب التوصل فيه إلى تفاهم". وأبلغ ماتيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب أن "أمير قطر ورث تركة صعبة وأنه يتحرك في الاتجاه الصحيح". 


وشكل الاتصال الهاتفي الثلاثي بين زعماء كل من قطر وتركيا وفرنسا، الأمير تميم بن حمد آل ثاني، ورجب طيب أردوغان، وإيمانويل ماكرون، محطة رئيسية في اتصالات الحلّ، بناءً على المواقف الصادرة في الساعات الماضية من أنقرة ومن باريس التي زارها كل من وزيري الخارجية القطري والسعودي، من دون أن يتمكن الأخير هناك من نيل تأييد للإجراءات العدائية الصادرة من بلده ضد قطر، لا بل إنه سمع كلاماً سلبياً إزاء هذه الخطوات، من مسؤولين أوروبيين رئيسيين، مثل نظيريه الألماني والبريطاني، سيغمار غابرييل وبوريس جونسون. كلام مشابه صدر عن موسكو أمس، عن الرئيس فلاديمير بوتين، والذي سبق أن استقبل ولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، قبل أيام. وقال بوتين للملك سلمان، خلال اتصال هاتفي جرى بينهما يوم الثلاثاء، إنه يأسف "لأن التوتر الحالي لا يساهم في الجهود المشتركة لتسوية الأزمة السورية"، بحسب ما أورده بيان للمكتب الإعلامي للكرملين.

وترجم المغرب موقفه الرافض للانخراط في الحملة ضد قطر، وعرض الوساطة الذي تقدمت به الرباط، بجولة لوزير الخارجية ناصر بوريطة بدأها من أبوظبي التي انتقل منها إلى الكويت حيث أبلغ أميرها رسالة شفهية من الملك محمد السادس، عبر فيها عن "دعمه الكامل للمساعي والجهود الرامية لرأب صدع البيت الخليجي". وذكرت وكالة الأنباء الكويتية، أن الشيخ صباح استقبل بوريطة في قصر "بيان" في العاصمة الكويت، بحضور وزير خارجية الكويت الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح. وأوضحت أن العاهل المغربي شدّد في رسالته لأمير الكويت على "أهمية احتواء الأزمة الخليجية وإزالة الخلافات من خلال الحوار بين الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي". وكانت وزارة الخارجية المغربية قد أوضحت، في بيان، يوم الإثنين، أن بوريطة "أبلغ ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رسالة شفوية من الملك محمد السادس"، دون تقديم مزيد من التفاصيل.


في هذا الوقت، استبق الجبير لقاءه بنظيره الأميركي تيلرسون بتصريحات حاول فيها التقليل من حجم الحصار الذي تحاول عواصم المحور السعودي ــ الإماراتي فرضه على الدوحة، بإعلانه أن "مقاطعة السلطات فى الدوحة ليست حصاراص ونحن نطبق حقنا السيادي"، موضحاً أن "موانئ قطر ومطاراتها مفتوحة، ونحن لا نمنع إلا الطائرات المملوكة لقطر ولا يوجد حصار عليها وبإمكان قطر إدخال وإرسال بضائع متى شاءت... لذلك من الناحية الفنية لا يوجد حصار"، قبل أن يقول كلاماً فُسر على نطاق واسع على أنه لا يليق بموقع مسؤول دبلوماسي رفيع المستوى، حرفيته أن السعودية "مستعدة لتقديم المساعدات الغذائية والطبية لقطر إذا كانت بحاجة لها"، مع علمه أن قطر لا تفتقد أياً من السلع والأدوية في ظل إمكاناتها وعلى ضوء التضامن الذي حظيت به من عدد كبير من الدول الإقليمية والعربية والأجنبية.


وقد صدرت عن أردوغان مواقف جديدة مؤيدة للموقف القطري، داعياً الملك سلمان، والذي وصفه بـ"كبير الخليج"، إلى إيجاد حل للأزمة الخليجية. وقال أردوغان في كلمة أمام أعضاء الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية، اولذي يترأسه، في أنقرة، "أعتقد أنه يجب على عاهل السعودية باعتباره كبير الخليج أن يحل هذه المسألة"، مشيراً إلى أن "قطر ليست دولة داعمة للإرهاب بل أكثر بلد يحارب مع تركيا ضد تنظيم داعش الإرهابي"، وشدد على أن الاتهامات الموجهة إلى قطر "لن تعود بالنفع على المنطقة". ولفت إلى أن محاولة عزل شعب بلد في كافة المجالات من الأكل إلى الشرب، ومن السفر إلى التجارة وحتى العبادة، يعد أمرًا غير إسلامي وغير إنساني". أكثر من ذلك، اعتبر أردوغان أنه لولا الدعم التركي والقطري للمعارضة السورية "لما استطاعت أن تصمد في وجه داعش والنظام الظالم (الأسد)". وختم الرئيس التركي كلامه معلناً أن أنقرة تجري سلسلة اتصالات دبلوماسية، "واليوم (أمس) سنجري اتصالاً ثلاثياً عبر دائرة تلفزيونية مغلقة مع الرئيس الفرنسي وأمير قطر لنقيم التطورات مجدداً". هذا وقد رجح وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، أن يبحث أردوغان مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الحملة ضد قطر خلال الأيام المقبلة.


في موازاة ذلك، كانت رئاسة الأركان التركية، تفيد بأنه تم إرسال وفد عسكري إلى قطر يوم الإثنين لإجراء عمليات استطلاع وتنسيق لنشر قوات فيها، وفقاً لاتفاق بين حكومتي البلدين، والذي أقره البرلمان التركي يوم 7 يونيو/ حزيران الحالي. وأشار بيان صادر عن الأركان، أمس الثلاثاء، إلى أن الوفد مؤلف من ثلاثة أشخاص وسيقوم بعمليات الاستطلاع والتنسيق المتعلقة باستعدادات نشر القوات في قطر. في هذا الوقت، كان وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، يعترف باستمرار تباين مواقف قطر وروسيا حيال الملف السوري، مؤكدا في الوقت نفسه أن رئيس النظام بشار الأسد "لن يقف حجر عثرة بين البلدين". وقال الوزير في حوار مع صحيفة "فيدوموستي" الروسية نشر نصه الكامل في عددها الصادر يوم الثلاثاء: "يحتاج بلدانا إلى سورية موحدة ضمن حدودها الحالية وليس منقسمة، وأولويتنا المشتركة هي الاستقرار والأمن في المنطقة. كيف نحقق ذلك؟ هنا يبدأ التباين مع موسكو. موسكو على قناعة بأن الأسد يجب أن يترشح في الانتخابات وله حق البقاء في السلطة في حال فوزه. إلا أننا لا نعترف بمثل هذا الحق لهذا المجرم. لكن الأسد لن يقف حجر عثرة بين روسيا وقطر، وهدفنا المشترك في الفترة المقبلة هو خفض التصعيد". وأعرب آل ثاني عن قناعته بأن "الأسد ارتكب جريمة بحق شعبه وقتل أكثر من 400 ألف سوري، وهو مجرم يجب أن يحاسب على أعماله". وأضاف أن "السعودية والإمارات وتركيا وحتى أوروبا، وبريطانيا وفرنسا، والولايات المتحدة دعمت هذه المجموعات"، متسائلاً: "هل يعني ذلك أننا جميعا ندعم الإرهابيين؟"، في رد على الاتهامات الجديدة التي تروج لها الدول التي تشن حملة سياسية ــ اقتصادية ضد قطر وأحد عناوينها دعم قطر للمعارضة السورية ولأطراف "إرهابية" هناك. ونفى بن عبد الرحمن وجود صلة بين تصريحات ترامب، والذي اتهم قطر بـ"دعم الإرهاب" بناءً على وشاية دول عربية لدى الرئيس الأميركي، وبين الحملة التي يشنها محور الرياض ــ أبوظبي، قائلا: "لا نرى صلة بين الحصار ورد فعل ترامب على ما يجري، لأن موقف واشنطن الرسمي من هذه المسألة كان واضحاً تماماً: يجب رفع الحصار وحل المشكلة عن طريق الحوار فقط". وأضاف: "لدينا علاقات استراتيجية قوية مع واشنطن، استثمر الجانبان كثيرا في هذه العلاقات. تعاوننا العسكري والمشتريات من الولايات المتحدة واستثماراتنا في الاقتصاد الأميركي - لا وجه للمقارنة بينها وبين الخلاف الراهن. لن يؤثر ذلك على علاقاتنا مع واشنطن بأي شكل من الأشكال".