الخارجية الأميركية تنأى بنفسها عن ترامب: سياسة بديلة؟

الخارجية الأميركية تنأى بنفسها عن ترامب: سياسة بديلة؟

07 يونيو 2017
تيلرسون: الخارجية لا تعوّل على ترامب (مارتي ملفيل/فرانس برس)
+ الخط -
توقّفت صحيفة "واشنطن بوست"، اليوم الأربعاء، عند تناقض السياسة الخارجية الأميركية بين موقفي الرئيس دونالد ترامب، ورأس الدبلوماسية، وزارة الخارجية برئاسة ريكس تيلرسون، والتي عبّر عنها بشكل خاص تعاطي واشنطن مع الحملة ضدّ قطر.

وقالت الصحيفة، في مقال للكاتب جوش روجين، إنّ "من يستمع لأول بيان للمتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيثر نويرت، يخرج بانطباع أنّ الولايات المتحدة تسلك سياسة خارجية تقليدية ومتوازنة، بل ودقيقة نوعاً ما على الساحة العالمية".

وأشارت في هذا السياق، إلى أنّ "المشكلة، بطبيعة الحال، هي أنّ تصريحات الرئيس ترامب بشأن السياسة الخارجية، تدمّر تلك الصورة، بينما لا يبدو أنّ هناك أي جهد من قبل أي من الجانبين لمعالجة التناقضات الناتجة".

وأوضحت الصحيفة أنّ هذا التناقض "بدا أكثر وضوحاً" عندما حاول الصحافيون، عدة مرات، معرفة وجهة نظر وزارة الخارجية حول "العاصفة" التي خلّفتها تغريدة ترامب ضدّ قطر، على الرغم من كونها دولة حليفة للولايات المتحدة.

وفي أول تعليق له بعد الأزمة الخليجية الناجمة عن قطع دول العلاقات مع قطر، أقرّ ترامب، أمس الثلاثاء، بحملة التحريض التي تشنّها دول في المنطقة ضدّ الدوحة، بل ذهب أكثر من ذلك في تغريداته، ليعلن تأييده للحملة.

وأقدمت السعودية والإمارات والبحرين، أول من أمس الإثنين، على قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وإغلاق المنافذ البرّية والبحرية والجوية، وذلك بعد حملة تحريض واسعة ومدبّرة ضدّ الدوحة، من قبل الوسائل الإعلامية التابعة لهذه الدول، انطلقت بعد فبركة تصريحات لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وقرصنة موقع وكالة الأنباء القطرية الرسمية "قنا".

وقال ترامب إنّ الأزمة بين قطر وجيرانها في الخليج العربي، دليل على أنّ اجتماعاته مع قادة دول عربية، الشهر الماضي، في العاصمة السعودية الرياض "تؤتي ثمارها"، مشيراً إلى قطر خلال حديثه عن "تمويل الإرهاب".

هذه التغريدة تتناقض بشكل مباشر، بحسب "واشنطن بوست"، مع دعوة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، جميع الأطراف للعمل معاً على حلّ خلافاتهم، وعرضه المساعدة والتوسّط في الأزمة.

لكنّ المثير للاهتمام، وفقاً للصحيفة، أنّ الإجابات التي أعدّتها المتحدّثة نويرت، في بيانها الصحافي، أعربت عن دعمها لقطر وليس لتعليقات ترامب.

وقالت المتحدّثة باسم الخارجية الأميركية: "ندرك أنّ قطر بذلت بعض الجهود الكبيرة لوقف تمويل الجماعات الإرهابية... ويتعين عليها القيام بالمزيد من العمل"، مضيفة أنّ "علاقاتنا مع قطر قوية".

وكشفت نويرت أنّ دولة الإمارات أبلغت الحكومة الأميركية بقرار أربعة من حلفاء الخليج قطع العلاقات مع قطر، "مباشرة فقط قبل" إعلان القرار، ما يناقض تأكيد ترامب أنّ "هذا الخبر سار للقيادة الأميركية في المنطقة".

وحاولت نويرت، بحسب "واشنطن بوست"، تدوير الزوايا بالقول إنّ "اجتماعات الرياض حقّقت تقدّماً، في تعاون الجهات الفاعلة الإقليمية في مكافحة الإرهاب".

لكنّ أحد المراسلين أشار صراحة إلى أنّ تفجّر الحملة على قطر، بعد أسبوعين فقط من زيارة ترامب، هو في الواقع دليل على أنّ زيارة الرئيس الأميركي كان لها الأثر المعاكس تماماً، في حين خرجت نويرت عن نصّ البيان الصحافي، لتحاول إقناع السائل بأنّ ذلك كان مجرّد "عثرة مؤقتة في الطريق".

وحاولت نويرت شرح المزيد، قائلة إنّ "الاجتماع كان حول التعاون... الذي ما يزال قائماً. ما يحدث في الوقت الراهن هو انشقاق. وزير الخارجية (تيلرسون) ودول أخرى، عرضت التوسّط لرأب هذا الصدع".

نويرت، وهي مذيعة سابقة في شبكة "فوكس نيوز"، انتظرت خمسة أسابيع قبل التوجه إلى محاضرة السلك الصحافي التابع لوزارة الخارجية، والذي يضم صحافيين دبلوماسيين محنكين، وعلى دراية بـ"الفروق الدقيقة" في القضايا الدولية.

كانت المتحدّثة، وفقاً لما يقول روجين، كاتب مقال الصحيفة، "مستعدة بشكل جيد، حازمة ولكن ليس كمقاتلة، إذ بدأت بالثناء على مراسلي وسائل الإعلام لقيامهم بوظائفهم في خدمة الولايات المتحدة، والمثل العليا التي تمثلها أميركا".

وأضاف روجين: "لكن مع مرور الوقت، في إحاطتها الإعلامية الأولى، فإنّ الانفصال التام بين ما كانت نويرت تحاول شرحه بصفته سياسة الخارجية الأميركية، وبين ما قاله البيت الأبيض وترامب، كان صارخاً".

حاولت نويرت، عدة مرات، بحسب الصحيفة، العودة إلى الاستشهاد بنصوص معدة، واقتبست قول تيلرسون، إنّ "وزارة الخارجية لا تعوّل على ما يقوله ترامب عن السياسة الخارجية للولايات المتحدة".

ونقلت نويرت عن تيلرسون قوله إنّ "للرئيس طرقه الفريدة للتواصل مع الشعب الأميركي، وهذا خدمه بشكل جيد".

"قد تكون تغريدات ترامب خدمته بشكل جيد"، يقول روجين في "واشنطن بوست"، "ولكن عندما يخلق الرئيس أزمات دبلوماسية على أساس منتظم دون سبب واضح، فإنّ ذلك لا يخدم البلاد بشكل جيد".

وتختم الصحيفة بالقول: "إذا كانت للإحاطة الإعلامية للخارجية الأميركية أي دلالة، فهي أنّ خطة وزارة الخارجية تقتضي المضي قدماً بسياساتها الخاصة، والتظاهر بأنّها لا تتعارض مع ترامب"، معتبرة أنّ هذه "الاستراتيجية، التي لا يمكن الدفاع عنها، من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من الارتباك والالتباس، وبالتالي إلحاق الضرر بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة".

(العربي الجديد)




المساهمون