الأطعمة المزيّفة.. حين خدعتنا أمهاتنا لإسعادنا

الأطعمة المزيّفة.. حين خدعتنا أمهاتنا لإسعادنا

12 مايو 2015
اختبار مخيلة الطاهية وحيلها (Getty)
+ الخط -

حين يندر اللحم والشحم من مطبخ ما، يصبح التحايل على غياب هذا المكوّن المحبوب والثمين أمراً ضرورياً. وقد حدث هذا منذ زمن بعيد، ويتكرر اليوم. ففي مجتمعات تتفاوت فيها الطبقات الاجتماعية، لا بدّ أن تصبح رائحة اللحم المشوي المنبعثة من نافذة بيت ما، سوط تعذيب في بيت مجاور، لا يقوى أهله على شراء اللحم، باستثناء أوقات قليلة ومتباعدة.

لذا ابتكرت الأمّهات حيلاً لإشباع المخيلة وتشتيت العقول عما يجري في البطون، فصنعن المحاشي بالخضار والزيت مع الأرز بدل اللحم ودهنه، وأغرقن الخضراوات بصلصة الطماطم وقطع البصل المحمّرة لتعويض غياب اللحم من اليخاني، أما "الكبّة"، التي تتكوّن من البرغل واللحم الطازج النيء، الذي هو من دون شكّ أغلى من غيره من اللحوم، فقد نافسته الطاهيات بطبق "كبّة البطاطا"، حيث يتمّ عجن البطاطا المسلوقة بالبرغل، وإضافة تتبيلة "الكبة" باللحم التقليدية، من حبق ومردقوش وبهارات وملح وبصل فروم ناعم.

ولعلّ المرق هو الخدعة الأبرع على لائحة الوجبات والأطعمة المزيفة أو الخادعة.
والحصول على المرق أمر سهل ورخيص. من يعجز، لقصر اليد، عن شراء أي نوع من اللحوم، يمكنه أن يشتري العظام، التي تفيض عن الجزارين أثناء صناعة الكفتة والشاورما وغيرها.

غلي العظام، يوفّر مرقاً بنكهةِ ما كان يكسوها من لحم، ويمكن حينها سلق الأرز فيه، والحصول على أرزّ مشبّع بنكهة اللحم وبعض دسمه.

والتحايل طال الحلويات، كتعويض المكسرات الثمينة مثل الصنوبر بمكسرات أرخص كالحمص المملح، والزبدة بزيت نباتي رخيص، أما القشطة الطبيعية فحلّ معضلتها في نشاء الذرة الذي يمكنه تحويل الحليب إلى قشطة صناعية. وحلّ "القطر" مكان العسل، لتحلية الأطباق.

ولاثبات أننا أولاد تسعة، تمكّن الفقراء من صناعة طبق "عيش السرايا" المزيّفة أو "عيش القرايا" وفق تسمية سلام الراسي، بميزانية شبه معدومة: الحليب والنشاء بدل القشدة الطبيعية الطازجة، والخبز المنقوع في القطر بدل عجينة السميد والعسل.

اقرأ أيضا:انتبه.. الهضم السليم في الجلوس السليم

المساهمون