"حانوت عطّار" لابن شُهيد: تراجم لشعراء من الأندلس

"حانوت عطّار" لابن شُهيد: تراجم لشعراء من الأندلس

14 يوليو 2020
عولناز فتحي/ إيران
+ الخط -

اعتُبر ابن شُهَيد (935 - 1003 م) أحد أبرز شعراء الأندلس الذين طوّرا النثر بشهادة العديد من كتّاب المغرب والمشرق على حدّ سواء، الذين أثنوا على اتباعه أسلوباً يعتمد سهولة الألفاظ ورقّة العبارات وبراعة الوصف وكثافته، وقد شغل نقّاد عصره الذين تساجلوا حول كتابته.

وأبرز تلك السجالات دارت حول كتابه "رسالة التوابع والزوابع" التي جعل مسرحها عالم الجن، وهي تقوم على اتصاله بشياطين الشعراء، ومنافستهم ومناشدتهم الشعر، ومبادلتهم النقاش في الأدب والنقد والموازنة بين الشعراء والكتاب. 

صدرت حديثاً عن "معهد المخطوطات العربية" نصوص محققة من كتابه "حانوت عطّار" بدراسة وجمع وتوثيق عبد الرحمن المفصلي، ويضمّ العمل تراجم لشعراء الأندلس منذ الفتح الإسلامي وحتى عصر المؤلّف؛ أي في القرن الحادي عشر.

يتضمّن الفصل الأول دراسة حول المؤلّف والكتاب تشير إلى انتماء ابن شُهيد إلى أحد البيوتات القرطبية التي كان لها شأن رفيع في العلم والسياسة، وتولّى أفرادها مناصب عديدة في الإمارة والحجابة والوزارة والكتابة، والتي كان مؤّهلاً لها بما يمتلكه من معارف، لكن حالت بينه وبينها إصابته بالصمم، وكانت عاهته هذه مثار سخرية من خصومه.

غلاف الكتاب

تلك الظروف دفعته إلى الأدب والشعر، بحسب الكتاب، حيث عُرف بالفصاحة والبلاغة والبيان، كما مال إلى السخرية والهزل في عيشه وبعض كتاباته، وكان منبع ذلك سخطُه على زمانه وشكواه الدائمة من عدم إنصافه، وكان لديه مجلس يأنس إليه الكتّاب والمشتغلون في الأدب.

يوضّح المفصلي أن "حانوت عطار" الذي لم يُعرف حتى اليوم حجمه الحقيقي حيث ضاعت بعض أجزائه، يحتوي مختارات شعرية جمعها ابن شُهَيد ووضع عليها ملاحظاته وأحكامه النقدية التي تدلّ على سعة اطلاعه وذائقته المتميزة، كما يضيء الكتاب على حال الأندلس من خلال الموضوعات التي تطرّق إليها أصحاب القصائد طوال فترة زمنية ليست بالقصيرة.

ويشير المحقّق إلى أن فقدان بعض أجزاء الكتاب يجعل من الصعب تحديد المصادر التي اعتمد عليها ابن شُهيد في جمع هذه الأشعار وتوثيقها، وكذلك تصوّر خطته في التأليف وإن لم يستبعد أن يكون منهجه قريباً من المنهج الذي اتبعه الثعالبي في كتاب "الذخيرة"، حيث توضع مقتبسات شعرية وبعض الأخبار عن صاحبها ثم يكتب النقد حولها.

يضم القسم الثاني نصوص "حانوت عطّار"، والتي تفتتح بترجمة لأبي القاسم إبراهيم ابن الإفليلي دون ذكر أيّ من أبياته التي لم تصل بسبب ضياع بعض أجزاء الكتاب، لكن توجد مقتطفات لشعراء آخرين مثل منذر بن سعيد البلوطي، ومحمد بن وهيب الكاتب، وعبد الرحمن بن هشام المستظهر، وعبد الرحمن أبو المطرف، وأبي المخشي عاصم التميمي.

المساهمون