أنت في الزنزانة المجاورة

أنت في الزنزانة المجاورة

06 أكتوبر 2019
(إيريني رينيوتي)
+ الخط -

1

نأتي من الظلام
نتوجّه إلى الظلام
الباب
نعبره عراة بلا عظامٍ أو جسد

سجن هو العالم
نقضي فيه حكمنا المؤقت

في زنزانات مجاورة- وأحياناً مشتركة-
نغنّي الأغنية نفسها بصوت منخفض
نتنفّس بلا أن نعي النفَس
نلبس ثياباً تعتق مع جسمنا
بينما
في الخارج
تَخُبُّ بِحارٌ
تتغازل رياح
تجيش ياسمينات

تنفذ أصوات عبر الكوّة
تخترق القفرَ شظايا نورٍ

يتلوّى على بابنا الربيع
مصاباً بجماله نفسِهِ
ونحن ننشُد سماءً محدّقين إلى السقف
الذي يرشح قطرات المطر


2

أَيْ، أنت خلف الجدار
أنت الذي تدمع ليلاً في الخفية
كم أريد أن أعاين محيّاك!

لعلّنا تقابلنا في مكان آخر
في العتمة في دروب المدينة الوعرة
في دخان الشوارع أو في السُخام
حينما كان يحترق في العين الغبار
والإسمنت الذي يزيد حَرافة على اللسان

وقتَ انكسرت مرايا الصمت


3

أنت، في الزنزانة المجاورة، أريد أن تعلَم

تعرف الترابَ ركبتاي
لساني يعرف طعمه
شفّافةً من الألم أقترب منك
مخترَقة بالسهام أكلّمك

أكتب عنك قصائد على الجدران
أهدمها
ألغي السجن

آتَمِنُكَ على السرّ

سأهرب.


4

غوص

في اللحظة
في الصمت
في العشق
في الشعر
في الوقت

الغوّاص الذي يبحث عن سماء


5

كلّ الندوب التي أحملها في جسمي
هي غطسات تجرّأت عليها في الزمن

حجج للكيف واللماذا

السبب: ثقل التوهّم
حِمل يشدّك إلى القعر
لأنّه يزن أكثر من الحواسّ

"أسوار" يسمّونها بلغة الشعراء


6

من رَحِم إلى آخر
من غربة إلى أخرى
من قعر إلى آخر

أعوم دوماً لأُلاقي
قراراً سماءً


7

لسنوات يعذّبني ألم
إحساسٌ بالفقدانِ أو بتذكُّرِ السماء

ألعلّ الجناح يوجد
أم يُحبَل بِه؟

أم هو التوق إلى الطيران
يُلبسني أوهاماً
بأنّني أستطيع أن أتوازن على الغيوم؟

إن كنت أقدر أن أشقّ الأثير
فكيف أعوم في ظلمات القعر؟

إن يكن القعر سماء مقلوبة

فعندها إذن يصبح جناحاً على الأكتاف.


8

أجنحة من نور

الأجساد عارية إذ تصارع
صرخةٌ، نهرٌ، سيلٌ، تشنّجٌ

من وسط عويلِ نشيجِ اللذة
لذةُ نفسنا.

من الظلمة يتشكّل النور.


9

القَفر
لا حدودَ له

تعال معي

الحرّاس
أمّيون في ضوء الشمس

سنهرب منهم

سنصبح نوراً.


10

عودة إلى الجذور
لننمو بطريقة أُخرى

نحتاج حركةً واحدة
الحركةَ الصحيحة

أن نحوّل الغوص
إلى طَفْو

أن نرتقي.


11

احبس نفسك
كلّ لحظة
فإنّني أغطس.


* Eirini Rinioti شاعرة يونانيّة وُلِدَت في أثينا عام 1964. تخصّصت في الثقافة اليونانيّة ثمّ تابعت دراسات عليا في الكتابة الإبداعيّة وحازت على درجة ماستر. نشرت تسع مجموعات شعرية وحصلت على جائزة أكاديمية أثينا عام 2017 على مجموعتها الأخيرة الصادرة عام 2016. تُرجِمَ عدد من قصائدها إلى الألمانيّة والإنكليزيّة ولُحِّنَ بعض آخَر.

** ترجمة عن اليونانية روني بو سابا

المساهمون