جنّيات في بيتي

جنيّات في بيتي

15 ابريل 2018
أحمد مرسي/ مصر
+ الخط -

لم أقرر أن أستضيف في بيتي أربع جنيات. نعم أربع جنيات. كنت في تلك الليلة، أستمع إلى موسيقى "بنك فلويد" حين ظهرّن أمامي. لم يتوقفن طوال الليل من التودّد لي، لمشاركتي بيتي الصغير، أربع جنيات ودودات اقتحمن وحدتي، لمشاركتي الاستماع إلى تلك الموسقى التي أدمنت سماعها في آخر الليل. لم أرتعب، أنا لم أستحضرهن إلى عالمي المسحور.

الجنية الرشيقة ذات القوام الجميل. هي الأصغر سناً، لمحت أن عمرها تجاوز الثلاثمئة سنة، كانت ترتدي فستانًاً مرقط اللون، ربما لتبدو أكثر إثارة من الأخريات، أما السمينة. يا الهي! كيف لي أن أحتمل جنية سمينة قادمة من قرى الجن البعيدة، كانت تربكني بنظراتها المتواصلة وحركاتها الغريبة، وابتساماتها المحيرة، بينما لا تنفك الوسطى المجدلة الشعر الأحمر، عن إمالة جسدها نحوي بطريقة مثيرة، حيث تنبعث منها رائحة عطر الجن.

القصيرة السمراء، فاتنة اللحظ، التي تلسع بنظراتها، تجيد المشي، مثل لاعبة جمباز فوق النوافذ، متعالية قليلاً، كانت تنقر بأقدامها على بلاط البيت، مصدرة أصواتاً ذات نغمات حادة، هنّ لا يتنافسن فيما بينهن للحصول على اهتمامي، أقمّنَ معي في تلك الليلة بهدوء، الرشيقة تشاهد التلفاز. وذات الجدائل الحمراء، تقلّم أظافري. أما السمينة تدلك يداي ببراعة. والسمراء تسرد لي قصص غريبة بلا نهايات، أقمن معي في سكون غريب. إلى أن حدث شئ مخيف.

حين ظهرت تلك الأنثى الفارعة الطول التي رشقتني بعينيها الواجلتين، وزعقت، بصوت يشبه الوشيش، أمرتهنّ بالخروج من البيت، قامت بإرغامهن على القفز عنوة خارج البيت واحدة تلو الأخرى، تطايرن من النوافذ نحو الفضاء البعيد، حتى تلاشَيْنّ في الفراغ الأسود، ثم جلست تلك المرأة الشاهقة بهدوء أمامي، أخذت تحدّق في عينيّ، وهي تحمل بين يديها كوكب صغير، ليس عليه إلا بيت واحد، دققت النظر مذهولاً، وجفلت، حينما رأيت رجلاً يشبهني، يجلس وحيداً على مقعد خشبي داخل البيت، يستمع الى موسيقى "فرقة بنك فلويد" ولا يكترث.


* كاتب من الأردن

المساهمون