طريقهم لم تنته بعد

طريقهم لم تنته بعد

10 ابريل 2018
("طريق تيشكا"، سلسلة جبال الأطلس الكبير في المغرب)
+ الخط -

من أجل النسيان، تلقّفوا خطوات صديقهم نحو نهاية المسير. لكنّه وجد أمامه طرقاً جديدة باتجاهات مختلفة!
علا الاستغراب محيّاهم، فكان لا بدّ من السؤال:
- كيف لنا أن نسلك سبيلاً، لن نضطرّ معه للعودة إلى ذواتنا مرّة أخرى؟!

ثلاث طرق وثلاثة أصدقاء. كانت استراحتهم على ناصية الانتظار المتبقية من يومياتهم. رحلتهم كانت طويلة. لكن طريقهم لم تنته بعد، فلماذا انطلقوا أوّل مرّة؟ ومن أغراهم بأن يتركوا ذواتهم؟

انزووا قليلاً إلى دواخلهم، حيث صمتهم الضاجّ بأسئلة حول من يكونون؟ من أين أتوا؟ وأين سيستقر بهم خطوهم؟ كل هذا بعد أن تاهت منهم أسباب الوجود. لكنّهم في الحقيقة يوطّدون علاقة الصداقة بينهم.

واحد منهم أعياه الخطو، بعد أن ثقلت رجلاه على طريق متعرّج لا قرار له. فخاطب صديقيه:
- في الماضي كنت وأناي صديقين. كنّا على رأي واحد. لكن عندما حلّت زوبعة الآخرين، لم تتمكّن ثقافتي المقموعة من فكّ شيفرات حروفها، ولا تمكّنت من التدقيق في تفاصيلها. لذلك أحمل فوق كاهلي كل معالم قصتي. أرجوكما صديقيّ أن تفتحا صفحات القصة، في مكان ما، بعيداً عن أشعة الشمس والمطر. بعيداً عن ظلام حالك أيضاً!

بين هؤلاء الأصدقاء الثلاثة شابّ أصغرهم سناً. ما زال يقوى على السير إلى أبعد نقطة. ميزته أنه ابن الثورة، وأينما حلّ يترك آثاراً لعنفوانه وقصصاً على شجاعته.

ثالثهم غريب جداً، لا يكشف سرّه، ومنطوٍ على نفسه. لا أحد يعرف لماذا يصاحبهما. لكنّه مع ذلك يبقى أنيساً لهما في طريقهما. على الأقلّ تجمعهم ثلاثتهم طريقٌ طويلة، رغم اختلافهم في مسائل كثيرة ظلّت عالقة في جماعتهم!

يبدو أن هناك ما يوحّدهم. ثلاثة أصدقاء انفصلوا عن ذواتهم. وهم ثلاثة أصدقاء تائهون أيضاً. أمام هؤلاء الثلاث طرق لا يعرفون اتجاهها ولا آخرها. كيف سيسلكونها؟ هل سيختار كل واحد منهم سبيله؟ أم سيختارون واحدة من الطرق؟ وأي واحدة من هذه الطرق الثلاث سيختارون؟

كلها أسئلة علت أذهان الأصدقاء الثلاثة التائهة. لكنهم فكّروا ملياً، فاستقر بهم رأيهم على سلك طريق من الطرق الثلاث بغضّ النظر عن نهايتها.

كأنهم بذلك يتحدّون أنفسهم عندما لملموا وحدتهم في ذواتهم. لقد أخذتهم صيحة البحث التي لا بداية ولا نهاية لها.


* كاتب مغربي أمازيغي مقيم في إسبانيا، من مواليد منطقة الريف شمال المغرب عام 1974.
** ترجمة عن الأمازيغية: عبد المومن محو

المساهمون