باب في الفراغ

باب في الفراغ

19 ديسمبر 2018
ناصر أوفيسي/ إيران
+ الخط -

الباب المعلّق
في الفراغ
بحبل سُرّي شفّاف
يحدق بعينين واسعتين
ومرعبتين
كما يقول جدّي (يُولد من حلم قديم
وسخيف جدّاً).
وهذا الرسّام المتعَب اليدَين
يرسم نافذةً
يعلّقها بأوهامه
كي أطلّ من خلالها على نفسي
وأسقط في فراغ
أكثر حنوّاً من امرأة
تارةً أسمّيها عزلة
وتارةً موتاً
وتارةً أضاجعها في المرآة
من خلال وجهي المفتعِل.
وهذه العجوز
التي أكاد أتبيّن تجاعيدها
في فراغ الأمكنة
أناديها: يا أمّي
ولكن أمّي لا تدخّن سجائرَ
ولا تدعوني إليها كلّما اشتدّ البرد
لكنها تشبهها كثيراً
عندما أثمل بالفراغ.
وكيف دخَلتْ كل هذه المدن التي أهملتها
من نافذتي
التي أوصاني بها الرسّام
قبل أن يرحل
محاولاً إفراغ
نفسه
من نفسه
وكيف تسلّل هذا الشعر اللعين مع الهواء البارد
ليخلق بخربشاته
على جدران الفراغ
فراغاً أزرق
وكيف نمتُ بعينين مفتوحتَين
كسمك الأكواريوم الأحمر
وحلمتُ بنفسي على هذه الهيئة
وقمت بنفس التصرّفات الطائشة
كأن أتحوّل.. مثلاً
عموداً كهربائياً محترقاً
وأقرأ العابرين بلا ملامح
سلاماً
وأهديهم وجوههم
في صناديق حلوى.
وأرى الباب
الذي صار ورماً
في جسد الفراغ
كحكيم هندي
صامتا كأنه يتحدّث
وأرى شخصاً آخر
يطلّ من النافذة
ويخيط كفناً من الفراغ.


* شاعر ومترجم مغربي

المساهمون