إنني أهجر كل هذا وأسأل

إنني أهجر كل هذا وأسأل

04 ديسمبر 2017
عمرو الكفراوي/ مصر
+ الخط -

بابل بعد المسيح

في بابل بعد ميلاد المسيح لا أحب الرقص
مواطنو بابل يتبعون القانون ويخشون آلهة المدينة وملكها وموظفيه. القوانين الرادعة التي صنفتهم لأنواع. شرعة حمورابي العتيقة.
بابل ترقص على إيقاعات صلواتها وأنا وحيد
أحاول أن أستعيد شيئاً فقدته منذ عام
عند المعبد الأقدم
حيث الصيارفة واللصوص والجزارون والكهنة يرفعون القرابين.
البناؤون يضيفون حجراً إلى نافذتي.
لا تصدق من يقول إن الكون موسيقي
الكون أكثر جداً من هذا
الموضوع عويص ونحن لا نعرف شيئاً
لهذا لا أحب الرقص
أنا خارج الحفل على الشاطئ
في الظلمة أبحث عن طريق وسط حقل ألغام الذكريات
كيف يمكنني أن أرقص وأنا لا أعترف بالآلام التي انسدت تماماً في حياتي
أنا أكثر روتينية من أن أسمح لهذا بأن يمنحني أياً من سلامات اليأس
إننا عجلون والنهاية قريبة
حادثة ستنهي كل هذا
بكل هذه الكلاسيكية
أريد فقط أن أدخن
مرة أخيرة
في الشرفة


■ ■ ■


لا بدّ وراء النجوم خالق


"لا بد وراء النجوم خالق"
-هلدرلين-


إنني أتأرق لأيامٍ متعجباً
كيف يمكن للخليقة أن تكون وحيدة في الكون
إن السماء والأرض مليئتان بالصراخ
والإنسان صرخة طويلة طول الحياة
تدوي منذ القدم
"أين؟ وإلى أين؟"
البشرية تصعد السلّم ببطء
بأقدام مرتعشة
وكل لحظة يرى الناس ناسكاً يسقط وسط زوبعة من الريش المكسّر
متكوماً في القاع السحيق
إننا في حال عجيبة حقاً
مثل حصان متروك دون فارس
يرعى في مروج بعيدة
وفي مروج أبعد
ترتعش زهور متفتحة
لا يراها أحد
لمن تتفتح تلك الزهور
الحياة لمن يرى ويسمع معتورة بالهول
يقولون إن الحب والأصدقاء هم هوانُ هذا الهول المحدق بالمفكرين
لكنني لم أجد فيهما عزاءً
إنني أهجر كل هذا وأسأل
إلى أين تمتد هذه الصرخة؟
وهل ستصل إلى هدفها الأكبر
وحتى يحدث هذا
كم من النفوس ستتمزق شاعرة بالغربة الرهيبة
مولهة دون حبيب أو رفيق
تتخبط بين جدران كثيرة وسقوف
الحياة هكذا
دائرة كبيرة من العنف المحيط بالمسالمين
وإما أن تنمو مخالبك وأنيابك
أو أن تغادر تاركاً كل شيء من ورائك
السلّم عالٍ
والأرض زهرة زرقاء نمت في الركن
على أول درجاته
من يشمّ رحيقها السرّي الذي يعبق في كل مكان
لا تقطف هذه الزهرة أيها الشاعر
وتَلَمّس
ببطءٍ
طريقكَ إلى النجوم.


■ ■ ■


آذان مشتعلة

إنهم يشعلون أذنَي
وأنا نافشٌ في حقل جرائر
أعدائي يتوارثون الضحايا
والعَدد
والأيام
كلّما غادرت غرفتي تركت شيئاً ورائي
كلّما تركت شيئاً ورائي صغرت عاماً
إنني أدق وأنحل
في رحلة طويلة مشيت فيها بين بحرين
الحياة أثناء ذلك
مرآة زرقاء لم أنظر فيها
وسادة لم أنم عليها
دقيقة طويلة
لم أمضها في التدخين.


* شاعر مصري

المساهمون