مع أنَّني قديمة

مع أنَّني قديمة

26 نوفمبر 2017
عمل لـ رائدة شاهين، 2016
+ الخط -

كُثُرٌ حَولي

كثُرٌ حولي
يسمعون الآهَ مجلجلةً في صمتِ الليالي
كُثُرٌ.... والمخلصونَ قِلَّةٌ
وأنا من فرطِ انشغالي ببياضِ القطنِ
صرتُ واهيةً كالقطنِ
ومن فرطِ انصهاريَ بالوجدِ
صرتُ أنا الكوبَ وما في الكوبِ
فَعلَى أيِّ موعدٍ سيشربُ عُشّاقيَ نخبي؟
إذ هرقتُ العقلَ والنَّقلَ
والتفاسيرَ،
دَرسَ المُمكناتِ النَّاسخاتِ والمنسوخاتِ؟
ونعستُ
(أيوه) نعستُ
كما لو بحضنِ عاشقي قد صَحَتْ رغباتي!

أينكَ أيُّها الحبُّ المُوَلَّهُ
كالرّكضِ في فلَواتِ المرايا؟

أين الحريرُ والشَّوكُ
والضِّياءُ البصيرُ المُعَمَّى؟

مرَّ من جسدي القوسُ والسّهمُ،
مرَّتِ الأشجارُ حُبالَى،
مرَّ من نرفزاتي المُحِبّونَ
قد احتاروا
من مزاجي الغجريِّ.
ما الذي أودُّ من كلِّ هذا الرُّكامِ المُدَمَّى؟

رحلتْ نَزوةٌ إثرَ نزوةٍ،
رحلتْ صورةٌ إثرَ أخَواتٍ لها،
رحلَ العشّاقُ متوارينَ في الهمسِ والخوفِ والظلِّ،
رحلَ الأدنَوْنَ والأبعدونَ؛
من شُدَّ بنياهُم ومن همُ شظايا.

رحلتْ فكرتي عن شبابِ الأمواجِ
والغاباتِ،
عن رائحةِ النهوندِ في التَّذكُّرِ والصدِّ،
عما روتْهُ الحكايا..

كم من الأحبابِ ليَ بَعدُ؟
مثلَ كمْ من الشُّموعِ أشعلْتُ في الكنائسِ
حتى يستقيمَ منهم نصيبي؟
وأنا..
أنا في الفلَكِ الضَّبابيِّ
لي رجاءٌ صغيرٌ
كي لا يكونَ هذا الفراغُ الكبيرُ
لي واحداً من تصاريفِ مرحلةْ..

يا لَبِللورِ تلكَ الليالي الشاحباتِ الباكياتِ..

كيفَ يسّاقطُ مثل وقوعي في صحنِ باءِ الحبيبِ
في كفِّه العميقةِ
مثلَ أن يسّاقطَ الندى فوقَنا في غُربة النّصِّ!!؟؟
يا لَأنينِ ضُلوعِها،
تلكَ الليالي،
والصناديقُ مُقفَلَةْ..

إنَّهُ الحبُّ
لا..
ليسَ هو الحبَّ..
بل
إنَّه
لَفحيحٌ جادتْ به
جمرةٌ
في الدياجيرِ
مُغفَلَةْ...

2017.1.21
عمّان

■ ■ ■


لم أكُ على استعدادٍ


لم أكُ على أُهْبةِ استعدادٍ
لتناولي قميصَ العاصفةِ بالفمِ
كما أنَّ أجراسي
لم تُعلنْ بعدُ عما ستؤولُ إليه البراري في عَدوِها المحمومِ
كلَّما قُرِعَت في سديمِها الأبيضِ
مرةً تلوَ مرَّةٍ..
إنَّه الحُبُّ
ذلكَ المُدلَّعُ
يتقافزُ صوبي كما لو كنتُ قطعةَ حَلوى
مع أنَّني قديمةٌ قِدَمَ الغبارِ في الهواءِ النّاريّ
ومع أنَّ لي رائحةً لا ترتوي من هسيسِ اللزّابِ*
ربما من العسيرِ التكهُّنُ
بما سأختارُ من حواضرِ بيتِ التراجيديا؛
ففي هذا الفصلِ الملثَّمِ بالصَّقيعِ
لا يُنصَحُ إلا بنبيذٍ
عتَّقتْهُ الجَدّاتُ في أعالي "الشَّراةِ" أو "إشتفينا"**
[حيثُ تغرِّدُ كثيراً]
قُبَّراتٌ تائهاتٌ باحثاتٌ عن الشعرِ..

[لا تَدَعي فِصامَ الليلِ الأعمى
يحوِّلْ غرفتَكِ إلى حقلِ حلزون
يتسلَّقُ جسدَكِ المنهار]
واتركي العُواءَ يئزُّ ويشتدُّ
في بئرِ لَذّاتِكِ الثاويةْ..

واتركيهِ –ذاكَ العواءَ-
مسفوحاً لكي تبصرَ ما فيهِ
عينُ عَشّاقِ المدَى الأزرقِ الافتراضيِّ..
فالكلامُ الذي يسقطُ فجأةً كمصيرٍ محتومٍ
فوقَ ذراعيهِ يغفو،
بينما المذيعاتُ صافناتٌ في الأنباءِ،
ويُعلنَّ عن سفينةٍ بلعتْها عاصفةٌ
لم تلتقطي قميصَها بأصابعِك الواهيةْ..
يا لَهولِ المُراد!!!

2017.1.22
عمّان


* اللزاب نوع من شجر الصنوبر لا يُثمر.
** الشراة جبال في جنوب الأردن، وإشتفينا منطقة غابات في شمال الأردن.

*** شاعرة أردنية، النصان من مخطوط لم يُنشَر بعد عنوانه "سِفرُ النون".

دلالات

المساهمون