عبثاً تحاول الموسيقى

عبثاً تحاول الموسيقى

11 ديسمبر 2016
مارلين دوماس / جنوب أفريقي
+ الخط -

أنشودة لنعاس الملاك

قبل أن يبدأ الريش بالظّهور
على كتفي
أغمضت عينيّ كمن يقبّل أول مرةٍ
وأفرغت جسدي كمن يفرغ القمامة من كيسٍ ثمين
أغمضت عيني...
ولو أنّ أُمّي جاءت تصرخ:
"النازيون على الأبواب، فلنهرب نحن يهود"
لما حرّكت ساكنًا،
ولما شككت أنّ أُمّي قد جنّت.
فلم أكن هناك،
كنت شبحي يراقص بحيرةً في جناح فراشةٍ
تراقص ذئبًا على لسان ظبي
كنت ألف فمٍ يشرب اليقظة من نعاس ملاكٍ
يهزّ أشجارًا في الغيم.
لكن، عبثًا تحاول الموسيقى أن تدسّ رسالةً في بريدي
فاللغة غامضةٌ بكتابةٍ مسماريةٍ في جلدي
تشبه اللغة التي خاطبني بها الطّفل الذي كنتُ
حين زارني في المنام ونحلة على شفتيه...
اللغة التي كنت أُجيدها
قبل أن يعلمني البشر الكتابة!


الكمان

...والكمان يعرف آلام شعبي
ابك أيّها الكمان الملمّع بالدم
ابك أيّها الهواء المعرق بالملح
كأنّ كلّ طفلٍ استلّ من حتفه
ثانيةً ليملي وصيته عليك:
"لو كان لي أصابعٌ لعزفت فصل الربيع"
أيّها الكمان...
فلتشغل مقعدنا الناقص في "عصبة الأٌمم"
فليصنع خشبك صندوقًا للسّاسة المتخمين بالخطب
وحدك من تحفظ دموع شعبي
يا شقيق نظرات الثّكالى
وحدك من تتهجأ شراييننا الضّاربة في الرّيح
فلتكن متحدثنا الرّسميّ...


النّاي

إلى أين يرشدنا النّاي؟
أليس إلى ذلك الوجع الذي خبأناه بعيدًا داخلنا،
الذي دفناه حيث لا نور يطأ
وأوهمنا أنفسنا أننا قتلناه؟
أليس أنينه نبض قلبٍ مذبوحٍ
هو قلبنا الحقيقي الذي سرقه قلبنا الكاذب...
قلبنا المخادع الذي ينبض فرحًا؟
ألا يرشدنا إلى الشجرة التي قُطِعنا منها
- كما قال جلال الدين الرومي-
تلك التي بلا عصفورٍ يحطّ من عشّها على كتفنا
تلك الكافرة بالغابة،
بشكل الشّجرة وهوائها،
تلك التي كنّا يومًا ملتحمين بها
يغذّينا حبلها السّريّ،
والذي انقطعنا منه حين ارتبطنا بحبال أمّهاتنا؟
أليست خطواتنا في غبار الطريق
أنينًا يبكي ضباب الجسور؟
ألسنا نايًا لدمٍ كالهواء
يدمج العناصر الأربعة بنار الوجود؟
أليس النّاي صوتنا الهارب من الألوان؟
النّاي زورقنا الذي يعبر النّهر مرتين،
ولا وجه لنا
لأننا "نحن" في كلّ مرةٍ أمام النّاي
وأنينه وجهنا.


* شاعر من فلسطين 

المساهمون