القصيدة العربية

في "المكتبة الشرقية" ببيروت نُظّمت مؤخراً أمسية بذكرى رحيل الشاعر اللبناني التاسعة، شارك فيها شعراء ومسرحيون ومغنّون أضاؤوا أعمال صاحب "الوليمة" بعرض غنائي وقراءات شعرية استدرجت الحاضرين إلى عالم الحاج الشعري.

ينشغل الشاعر اللبناني، في عمله الجديد "أرني وجهك أيها الهارب"، بالقصيدة موضوعاً ضمن ثلاثة عناوين: السيرة، الحب، الشعر. أمّا قصيدته هنا، فهي أبعد وأوسع. هي الآن تقفز عما قرأناه له من قبل وتتوسّع فيه، لكن في الوقت ذاته تتكثّف وتبتعد.

ذاتَ غَفلةٍ يَأتي الموت/ لا يُمهِلُكَ التِفاتَةً، لا يُمهلُكَ الوَقتَ لكي تَندهِش/ لا شَمسَ بعد اليوم في عَينَيك/ لكِنّها تَبعثُ الضوء، يَعدو مِن قَدَميكَ حتّى رَأسِك/ وَتَبقى أنتَ قابِعًا حَيثُ أنت، وَيَجري الضوء/ يَترُكُكَ خَلفهُ في الظلِّ ويَعدو.

من قاربٍ إلى قارب/ أجولُ بين القناديل الخافتة/ على المياه التي تكتم كلّ الصوت إلّا بعض الوشوشة/ والناسُ عيدْ/ والأشعّة الخمريّة بين الوجوه الرطبة/كسِربٍ من الآلهة الطيّبة التي نجت من المحرقة/تلهو فوق الخشب الطافي الذي يعتّقه الموج.

قال لي النهر:/ أتراني/ مرآة/ تشهد فيها/ جلالَ الدينْ/ في حضرة شمس الدينْ/ وهما شمسانْ؟/ ثم قال،/ أتراني/ مرآة/ تشهد فيها/ طفلاً أبيضَ/ يجري/ خلف غزلانٍ/ يَجرون إلى البحر؟/ ثم قالْ/ أتراني/ مرآةْ/ تشهد فيها/القصيدةَ/تسألني كيف أكتبني.
مثلما أنت تكتب؟.

تسري الأسطورة بوصفها روحاً في معجم الشاعر السوري نوري الجرّاح، ذلك ما يتبدّى للقارئ من خلال المجلّد الثالث من أعماله، الصادر ربيع هذا العام عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في بيروت. إلّا أنّ المُعادِل لها هو التاريخ، وبالأدقّ التاريخ الراهن.

تُمثّل الترجمة إلى لغات أُخرى، بحسب رأي الجاحظ، المحكّ الحقيقي الذي تُعرَض عليه القصيدة، فتُعرَف بها أدبيتُها وشاعريتها.