وحدة فلسطين أولى من قبرص أيّها "الحريص"

وحدة فلسطين أولى من قبرص أيّها "الحريص"

03 مارس 2016
آن الأوان لإخراج المدنيين من المهاترات السياسية (فرانس برس)
+ الخط -

لم أعهد عزّام الأحمد يوماً بهذا الحزم والصلابة، ولا أنكر أنني صدمت كثيراً أثناء متابعتي المقابلة التلفزيونية لعضو اللجنة المركزية في حركة فتح وهو يتصدى بكل ما أوتي من قوة لمحاولات بعض "العملاء" الفلسطينيين في قطاع غزة العبث ما وراء البحار بوحدة دولة قبرص "الشقيقة والوفية"، مشدداً على أنه سيتصدى لأي محاولة تمسّ العلاقة الفلسطينية - القبرصية المقدسة!



غضبة وفورة الأحمد على خلفية الحديث عن مفاوضات لإنشاء ميناء عائم في قطاع غزة بالاشتراك مع جزيرة قبرص الخاضعة للسلطات التركية، وهو ما اعتبره تهديداً مباشراً للعلاقات "الأخوية" مع قبرص، ومحاولة ملتوية للمس بهذه العلاقة التاريخية.

إلا أن ما غاب عن الأحمد هو أن هذه "العوامة"، كما أحب له أن يصفها، لن تستهدف علاقات فلسطين الخارجية، بل على العكس هي تهدف أصلا إلى ربط قطعة من أرض الوطن بالعالم، بعد أن تم عزله عن المحيط الخارجي طيلة ثماني سنوات وتحويله إلى سجن كبير.

ولعل الأحمد تناسى أن أغلب سكان قطاع غزة هم من الفقراء الذين يكافحون لتحصيل قوت يومهم، ويموتون في الأنفاق في سبيل إدخال البضائع إلى غزة، وهذه الفئة من الناس لا تعرف شيئاً، أو بالأحرى لا تهتم أصلاً ببروتوكول وأصول العلاقات الدولية، طالما أنها لن تسد جوع الأطفال الصغار المحاصرين.

ويا ليت لو أن غضب الأحمد وحزمه خرجا وقت أن دمّر الاحتلال ميناء قطاع غزة ومطارها، أو وقت أن شددت مصر الحصار على القطاع وأغرقت تخومه بمياه البحر، أو أنه وظّف حرصه المتزايد للحفاظ على الوحدة الفلسطينية وإنهاء الانقسام بين الضفة الغربية وغزة، بدل أن يستغل كافة المناسبات للهجوم على شركائه في الوطن ورميهم بالعمالة والارتهان وغيرها من نعوت كلامية.

كما أنه آن الأوان لإخراج المدنيين من المهاترات السياسية ومحاولات تسجيل النقاط على حساب المحاصرين من أبناء غزة، فكيف يمكن لسياسي "وطني" أن يقلق على وحدة دولة خارجية أكثر من مصير شعبه، عوضاً عن تسخير إمكاناته لإنجاح مشروع يخفف من الأزمة المستفحلة.

موقف على قدر ما يثير الاستغراب يؤكد أن الساحة الفلسطينية، خاصة منظمة التحرير، تفتقر إلى رجالات دولة حقيقيين قادرين على الفصل والتمييز ما بين الخلافات السياسية الداخلية والثوابت الوطنية، ليتحول الفلسطيني إلى رهينة في يد تجار يقاربون مصالح الوطن العليا بميزان الربح والخسارة.

(فلسطين)

المساهمون