النظام السوري يمنع الموظفين من السفر... والاستقالة

النظام السوري يمنع الموظفين من السفر... والاستقالة

27 ابريل 2015
البطالة ترتفع ولا خلاص للسوريين (فرانس برس)
+ الخط -
منذ عام 2009، وجد نذير (30 عاماً) نفسه عالقاً في دوامة الوظيفة الحكومية في سورية. يقول لـ "العربي الجديد": ‏‏"حصلت على الوظيفة بعد اجتياز مسابقة عامة تنظمها الحكومة، وذلك هرباً من شبح البطالة، لكنني وجدت نفسي في ‏حالة من البطالة المقنعة وبدخل شهري متدنٍّ جداً لا يمكن أن أبني عليه أية خطة مستقبلية".

والحال أن معاناة موظفي القطاع العام في سورية تفاقمت، بصورة كبيرة، بعد اندلاع الثورة وتحولها إلى حرب دمرت ‏قطاعات الإنتاج، وهبطت بقيمة الليرة السورية إلى مستويات قياسية أدت إلى ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية ‏لرواتب الموظفين. يقول نذير: "عند تعييني الوظيفي في عام 2009 حصلت على راتب يناهز 10 آلاف ليرة سورية ‏‏(200 دولار)، أما اليوم فبعد كل الزيادات على الراتب والترفيعات الإدارية، التي حظيت بها، يصل راتبي إلى 26 ألف ‏ليرة سورية أي ما يقارب مئة دولار أميركي فقط".


وتشير البيانات الحكومية إلى تراجع حصة القطاع العام من سوق العمل، على مدى سنوات العقد الماضي، أما القطاع الخاص "فلم ينجح أيضاً في سد النقص الحاصل بسبب ‏تقلص دور الدولة، ولم يوسع حصته في سوق العمل بالدرجة المطلوبة، وفقاً لما كان يعول عليه في استيعاب الوافدين ‏الجدد، وهو ما انعكس بارتفاع معدلات البطالة" وفق ما يقول الباحث الاقتصادي، زين عبود، لـ"العربي الجديد".

ومع ذلك، شكل ‏القطاع العام، بحسب عبود، "الطريقة الأسهل والأسرع لامتصاص أكبر نسبة من البطالة، خصوصاً وأن الشباب دون سن 25 ‏عاماً يشكلون النسبة الأكبر من العاطلين عن العمل في سورية، وهو ما دفع بالدولة إلى زيادة أعداد الموظفين بشكل ‏كبير، مقابل أجور زهيدة بالكاد تكفي لسد الرمق".

وبحسب بيانات المكتب المركزي للإحصاء، فإن نحو 1.36 مليون عامل في سورية يعملون في القطاع العام من نحو ‏‏5.54 ملايين موظف يتوزعون بين قطاعات العام والخاص والمشترك.

ولا تقتصر معاناة موظفي القطاع الحكومي في سورية على تفاقم الضغوط المادية، بل تمتد إلى منع سفرهم إلى خارج البلاد من دون موافقة النظام، الذي يعرقل حصولهم على قرار إجازة أو قرار بالاستقالة في حال وجدوا وظيفة أفضل، أو قرروا السفر، في انتهاك واضح ومشين لحقوقهم البديهية.


‏تشرح ربا لـ "العربي الجديد" كيف "طلبت الوزارة الحكومية، التي أعمل لديها، من جميع الموظفين في نهاية عام 2011 ‏التوقيع على أنهم ممنوعون من السفر إلى خارج البلاد من دون الحصول على إذن خطي بذلك، وقد وقع الموظفون ‏السوريون في كل مؤسسات القطاع العام على ذلك". وتضيف ربا: "شعرت بأنني عالقة في دوامة الوظيفة الحكومية، ‏خصوصاً مع بداية عام 2013 حيث اشتدت الحرب في سورية وبلغ الدمار مستويات كبيرة".

كما تقدم سامي، الذي يعمل لدى وزارة المالية، بطلب خطي للحصول على إذن بالسفر إلى ‏لبنان كمرافق لوالده من أجل العلاج، انتظر أربعة أشهر قبل أن يتم رفض طلبه، بعدما خضع للتدقيق في فرع الأمن السياسي.

ومن أجل تجنب تلك العملية الأمنية، بات شائعاً لفترة من الوقت أن يقوم كل عامل يريد مغادرة البلاد بالتقدم بالاستقالة، ‏وبذلك لا يعود موظفاً ويمكن له السفر من دون تدقيق أمني. غير أن الحال تغيرت منذ أشهر، كما يقول عمر لـ"العربي ‏الجديد"، إذ "بات التقدم لاستقالة يحتاج إلى موافقة أمنية أيضاً، وفترة انتظار لا تقل عن ستة أشهر". ويضيف: " لم يعد ‏أمام الموظفين الحكوميين اليوم إلا السفر بطريقة غير نظامية إلى تركيا. إنه المخرج الوحيد للهروب من سجن الوظيفة".

إقرأ أيضا: الأجور في السودان مجحفة وساعات العمل لا تنتهي

دلالات

المساهمون