الأجور في السودان مجحفة وساعات العمل لا تنتهي

الأجور في السودان مجحفة وساعات العمل لا تنتهي

27 ابريل 2015
السودانيون يمارسون أكثر من مهنة لتأمين حاجياتهم(أشرف شذلي/فرنس برس)
+ الخط -
يصعب أن يمضي شهر في السودان من دون أن تحمل الصحف عناوين احتجاجات عمالية للمطالبة بالاستحقاقات، أو متأخرات الأجور، أو دون ذكر التحركات التي تقوم بعد تصفية مؤسسات تابعة للدولة، وتشريد عدد كبير من العاملين والموظفين.

إذ يقف العامل السوداني وحيداً أمام جملة من التحديات داخل سوق العمل، تبدأ من القوانين التي لا تنصفه، وصولاً إلى مستوى الأجور الذي لا يتناسب وسرعة ارتفاع الأسعار، وكذلك بيئة العمل السيئة، إلى جانب الشكاوى من غياب نقابات حقيقية تدافع عن مصالحه. وفي حين أن الحد الأدنى للأجور يصل إلى 425 جنيهاً، فهو لا يكفي لسد 18% من الاحتياجات الحقيقية للموظف، بحسب بعض الدراسات.

يقول محمد، وهو موظف في مؤسسة حكومية، لـ"العربي الجديد"، إن مرتبه بالكاد يصل إلى 500 جنيه، وهو لا يكفي لشراء الحاجات الأساسية لطفلته التي يبلغ عمرها ستة أشهر، الأمر الذي دفعه إلى العمل في "أمجاد" (عربة نقل صغيرة تستخدم كوسيلة مواصلات خاصة). ويضيف: "أستيقظ مع أذان الفجر للعمل بـ"أمجاد"، حتى موعد وظيفتي الرئيسية، ومن ثم أواصل العمل في "أمجاد" بعد انتهاء الدوام، لأعود للمنزل في منتصف الليل، بعدما أكون قد عملت حوالي 19 ساعة".

أما الموظفة نفيسة، فتقول لـ"العربي الجديد"، إن مرتبها لا يكفيها، لذلك عمدت إلى بيع السندويشات لزميلاتها في المكتب.

ويتهم النظام في الخرطوم بأنه تعمّد شرذمة نقابات العمال منذ وصوله للسلطة عبر انقلاب عسكري في 1989، عبر حل جميع النقابات العمالية التي كانت قائمة وفاعلة واستبدالها بالاتحادات المهنية مع سيطرة الدولة الكاملة عليها وعلى قياداتها للحد من فعالية النقابة، وخاصة أن النقابات العمالية تلعب دوراً كبيراً في تغيير واقع من تمثلهم.

يقول مسؤول تنظيمات العمال في اتحاد نقابات عمال السودان، فتح الله عبد القادر، لـ"العربي الجديد"، "إن الاتهامات التي تطالنا ليست جديدة وظلت تلاحق الاتحاد منذ تكوينه، هو أمر غير حقيقي، فنحن خضنا الكثير من المعارك مع الحكومة لتحقيق مكاسب للعمال، ورغم الظروف الاقتصادية عمدنا إلى تمليك العمال منازل خاصة، وأصبح لديهم العديد من الامتيازات".

وفي المقابل، يشير عبد القادر إلى وجود مجموعة من التحديات تواجه العمال، على رأسها الظروف الاقتصادية وانعكاسها على غلاء الأسعار، فضلاً عن ضعف الأجور. ويقول: "هناك هوّة بين الحد الأدنى للأجور والغلاء المعيشي، إذ إن الراتب لا يكفي لسد 18 أو 19% فقط من تكاليف الحياة". ويذكر أنه ضمن التحديات ضعف قدرة الدولة على سداد المرتبات، فعند إقرار الزيادة على الرواتب والأجور، سرعان ما تتحوّل إلى متأخرات بسبب عدم التزام الحكومة بدفعها، مؤكداً أن الترهل الحاصل سببه السلطات التنفيذية والدستورية.

هذا، ولم تقدم الدولة على زيادة الأجور منذ العام 2004، ولكنها عمدت قبل أكثر من ثلاثة أعوام إلى استحداث منحة عُرفت محلياً بـ"منحة الرئيس"، والتي أقرها وقتها الرئيس عمر البشير، وسددت على دفعتين، وصلت في جملتها لـ200 جنيه، فيما خلت كافة الموازنات بعد العام 2004 من أي زيادة في المرتبات، وآخرها موازنة العام الحالي. يؤكد فتح الله عبد القادر أنه جرى الاتفاق مع وزارة المالية على زيادة الأجور، مشيراً إلى رفض الاتحاد لأي نوع من المنح.

من جهته، يرى الخبير النقابي، بشر الصائم، أن القوانين العمالية تشكل أكبر تحدٍ يواجه العمال، ولا سيما أنهم لم يشاركوا في صياغتها، ما جعلها بعيدة عن معاناتهم، ويوضح أنه "لا بد أن تعرض القوانين على الجمعيات العمومية العمالية، لتكون معبّرة عنهم". ويؤكد أن الدولة عمدت إلى حل النقابات، لأنها تعمّم الوعي الحقوقي، وتؤثر على القضايا السياسية في البلاد.

ويضيف: "نجحت الدولة في تفتيت النقابات، إلى أن بدأت تظهر تكوينات لنقابات تُعرف بـ"نقابات الظل" في موازاة الاتحادات القائمة للدفاع عن حقوق العاملين". ويردف: "تلعب أحزاب المعارضة دوراً سلبياً تجاه الحركة النقابية، ولم تستطيع طيلة 25 عاماً تكوين نقابات عمالية، لأن قيامها ليس في مصلحتها باعتبارها تضعف الأحزاب".

إقرأ أيضا: النقابات العربية لا تدافع عن مصالح العمال

دلالات

المساهمون