رمضان باكستان.. تزايد الفقر وغلاء الأسعار

رمضان باكستان.. تزايد الفقر وغلاء الأسعار

31 مارس 2024
يؤثر الغلاء على طقوس رمضان في باكستان (عمير قريشي/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في باكستان، استقبل الشعب شهر رمضان بحماس ولكن الظروف الاقتصادية الصعبة، مثل الفقر وغلاء الأسعار، أثرت سلبًا على الاحتفالات والطقوس الرمضانية.
- البطالة، الفساد الحكومي، وارتفاع الأسعار أجبرت الأسر على تغيير نمط حياتهم وطريقة استقبالهم لرمضان، مما يعكس تأثير الأزمة الاقتصادية على النسيج الاجتماعي والثقافي.
- الحكومة وعدت بتخفيف العبء عن المواطنين خلال رمضان بمبادرات مثل تخصيص ميزانيات للمواد الأساسية وتنظيم أسواق بأسعار مخفضة، لكن هذه المبادرات لم تحدث فارقًا كبيرًا، وتراجعت موائد الإفطار الجماعية.

استقبل الباكستانيون شهر رمضان هذا العام بحماسة، لكن الفقر وغلاء الأسعار يجعلانهم في قلق كبير، خصوصاً أنهم باتوا لا يستطيعون إحياء الطقوس الرمضانية الاعتيادية، والأحوال التي يعيشونها ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة تغيّرات معيشية شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة.
يقول سميع الدين خان الذي يسكن في كوهات رود بمدينة بشاور (شمال غرب) لـ"العربي الجديد": "لا توجد هذا العام على غرار الأعوام الأخيرة أي أجواء رمضانية في باكستان. وفي ما يخصني أنا عاطل عن العمل منذ 3 أعوام بعدما تخلت شركة خاصة عن خدماتي بسبب الظروف السائدة، وهو ما حصل لعمال كثيرين أيضاً. ومنذ ذلك الوقت لم أعد أحيي مراسم شهر رمضان".
بدوره يقول محمد سعيد بتي، الذي يسكن في مدينة لاهور مركز إقليم البنجاب، لـ"العربي الجديد": "لم يعد أي شيء كما في السابق. خسرنا كل شيء بسبب فساد الحكومة رغم أن لدينا بحراً وزراعة وصناعة، وطوّرنا مهاراتنا خلال العقود الأخيرة، لكن الفساد منع تقدمنا على الصعيد المعيشي، ما أثّر على حياة المواطنين العاديين خصوصاً. ندفع بشق النفس إيجار المنزل وفواتير الكهرباء والغاز، علماً أن أولادي كانوا يتعلمون في مدارس خاصة قبل أن أضطر إلى إخراجهم منها، وإرسالهم إلى مدارس حكومية أعرف أنهم لن يتعلموا فيها مثل السابق، لكن لا مفر من ذلك استناداً إلى وضعي المعيشي الصعب الحالي.
 ويقول محمد عدنان الذي يسكن في مدينة تيكسلا بإقليم البنجاب، لـ"العربي الجديد": "أثّر غلاء الأسعار على جوانب كثيرة في حياتي المعيشية والاجتماعية. في السابق كنت أخصص جزءاً من راتبي في شهري رجب وشعبان لشراء مستلزمات شهر رمضان، لكنني لم أعد أستطيع أن أفعل ذلك حالياً، وأهتم بتوفير الاحتياجات الأولية التي لا بدّ منها في كل شهر، وأكرر ذلك في رمضان، علماً أن ارتفاع الأسعار معضلة كبيرة في كل الأشهر، لكننا كنا نتوقع أن تنخفض الأسعار في شهر رمضان، لكنّ الحكومة عرقلت ذلك ورفعت الأسعار".
وكانت حكومة تصريف الأعمال وعدت باتخاذ الخطوات اللازمة لتوفير الاحتياجات الأولية للمواطنين خلال شهر مضان، وأعلنت تخصيص ميزانية لهذا الأمر، وتنظيم أسواق رمضانية تقدم ما يحتاج إليه المواطنون بأسعار متدنية، لكنّ عامة الباكستانيين يرون أن هذه المبادرات مجرد حبر على ورق، ولا تغيّر الأمور كثيراً في ظل الأزمات المتتالية التي تواجهها البلاد.

الصورة
موائد الرحمن بنوعيات وكميات أقل (جان علي لغاري/ الأناضول)
موائد الرحمن بنوعيات وكميات أقل (جان علي لغاري/الأناضول)

ولا شك في أن الفقر وغلاء الأسعار يؤثران على طقوس شهر رمضان، وبينها موائد الإفطار المخصصة للفقراء التي تعرف بموائد الرحمن، إذ قلّ عددها مقارنة بالأعوام الماضية، وتراجعت كميات الأطعمة الموجودة فيها ونوعياتها.
ويقول الناشط الاجتماعي محمد مهران خان لـ"العربي الجديد": "كانت الموائد الرمضانية قبل سنوات أحد مظاهر التكافل الاجتماعي المميزة في بلدنا، وكانت تنتشر في أنحاء البلاد، ولا يخلو مسجد منها، لكن الحال تغيّرت في السنوات الأخيرة، ولم تعد الموائد كما كانت على صعيد العدد ونوعيات الطعام وكمياتها. ويبقى الأهم حالياً أن هذه الموائد لا تزال موجودة ما يشكل حالاً أفضل من فقدانها بالكامل، لكن في السابق كان فقراء كثيرون يعتمدون على هذه الموائد، وينتظرونها لأنهم لا يملكون طعاماً مناسباً في بيوتهم، و من ثم كانت موائد الرحمن تشكل فرصة جيدة لهم للحصول على طعام ملائم. واليوم لا يزال الفقراء يأتون بآمال كبيرة إلى موائد الرحمن لكنهم يستغربون أن خدماتها باتت مختلفة".

وكانت معظم الموائد الرمضانية توجد في أماكن وجود العمال، ما يجعل جلّ الحاضرين من الوافدين إلى العاصمة إسلام آباد لكسب لقمة العيش. ولم تكن إسلام آباد تحتضن وحدها الموائد الرمضانية، بل أيضاً مدينة بشاور (شمال غرب) حيث تقام موائد كبيرة قرب مسجد سبين جومات الشهير، يحضرها عادة عمال يأتون من مناطق نائية، وفقراء يعملون في أسواق قريبة، وكذلك عائلات مرضى يوجدون في المستشفى الرئيسي بالمدينة.
ومن ميزات موائد الإفطار في باكستان أن بعضها يختلف عن بعض، لكن غالبيتها تقدم وجبات إفطار ساخنة لا تصنع عادة في المنزل، ويشتريها القائمون على تلك الموائد جاهزة. وتضم هذه الوجبات عادة السمبوسة والحمص والبطاطا المقلية والبكورة، وأيضاً الجلبي، وهي سكريات متعرجة مقلية بالزيت، فضلاً عن أنواع من الفواكه، وعصير "روح أفزا" الشعبي، والماء. وهذه التشكيلة من المواد الغذائية ركيزة مائدة الإفطار.

المساهمون