قوارب الموت.. المأساة تلاحق اللاجئين براً وبحراً

قوارب الموت.. المأساة تلاحق اللاجئين براً وبحراً

23 سبتمبر 2015
قوارب تقل المهاجرين إلى أوروبا (فرانس برس)
+ الخط -
على الرغم من تضارب الأرقام بين المؤسسات الدولية حول أعداد المهاجرين الذين لاقوا حتفهم بحراً. إلا أن محصلة الأرقام مخيفة، لا بل خطيرة إلى حد إعلان حالة طوارئ عامة داخل المجتمع الدولي.

أكثر من ألفي قتيل، جرّاء غرق قوارب مكتظة بالمهاجرين. رقم يشكل للمرة الأولى في تاريخ المجتمع الدولي صدمة قوية، خاصة أن ضحايا الغرق هم من الأطفال والنساء. بحسب روايات من حالفهم الحظ ووصلوا إلى الشواطئ اليونانية أو الإيطالية، فإن هذه القوارب لم تكن لتتسع لأكثر من 20 مهاجراً، فيما كانت تصل حمولة المركب إلى أكثر من 100 مهاجر أي أربعة أضعاف قدرة القارب للاتساع. ويروي الناجون أن ما أجبرهم على الإبحار والتعرض إلى ابتزاز المهربين، هو غياب الأمن في بلادهم بسبب الصراعات المسلحة.

حتى ملح البحار... لفظهم
وكأنه قدر على المدنيين العزل في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعنة الموت براً وبحراً. في الأونة الأخيرة، كثر الحديث عن "قوارب الموت" التي تقل المهاجرين واللاجئين من الدول العربية والأفريقية نحو أوروبا بحثاً عن الأمن والأمان. تناولت وسائل الإعلام بشكل يومي تكرار مأساة المهاجرين. من الشواطئ الليبية والتركية، تنتقل قوافل الموت. ساعات يقضيها المهاجرون بحذر وخوف. ساعات من العطش والجوع.

اقرأ أيضا: عقيدة الهجرة: ضحايا الحرب والجوع "قرابين للبحر"

بحسب المنظمة العالمية للهجرة، فإن عدد الذين لاقوا حتفهم غرقاً منذ عام 2000 إلى عام 2014 يقدر بنحو 22 ألفاً، فيما سجل عام 2015 أكبر كارثة على الإطلاق، فقد ارتفع عدد المهاجرين الذين لاقوا حتفهم في البحار أكثر من 30 ضعف الرقم الذي سجل في عام 2014. وتشير المنظمة إلى أن عدد المهاجرين الذين لقوا حتفهم هذا العام أثناء محاولتهم عبور البحر المتوسط إلى أوروبا تخطى عتبة الألفي قتيل (بين 2750 و2900 مهاجر).

وتشير البيانات الموجودة على موقع المنظمة العالمية للهجرة إلى أن المهاجرين الذين وصلوا الشواطئ التركية، قادمين من القارة الأفريقية، حيث عبر 30 ألفاً من إتيريا، و15 ألفاً من نيجيريا، ومن الصومال وصل نحو 8 آلاف، ثم السودان بمعدل 7 آلاف، ومن سورية نحو 6 آلاف. أما المهاجرون الذين وصلوا الشواطئ اليونانية، فكانوا بمعظمهم من دول المنطقة العربية وجنوب آسيا، حيث تصدرت سورية الرقم بمعدل 175 ألفاً، ثم أفغانستان بنحو 50 ألفاً، وباكستان نحو 11 ألفاً، والعراق بنحو 9 آلاف مهاجر. وقد فقد أكثر من ألف مهاجر داخل البحار، إذ قال المتحدث باسم منظمة الهجرة الدولية، جويل ميلمان "إن البحر الأبيض المتوسط أصبح مقبرة لأكثر من ألف و750 مهاجراً خلال هذا العام".

تعتبر المياه الإقليمية بين تركيا واليونان، طوق النجاة للباحثين عن حياة أفضل في قارة أوروبا، إلا أن هذه البقعة الجغرافية، تعد الأكثر خطورة بالنسبة إلى المهاجرين، حيث تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن أكثر من 432761 لاجئاً ومهاجراً قاموا بتلك الرحلة المضنية عبر البحر المتوسط إلى أوروبا منذ بداية العام، غرق منهم أكثر من الف منهم.

اقرأ أيضا: الهجرة تغري العرب بتحسين أوضاعهم

وتعتبر هذه الأرقام مؤشراً خطيراً يطاول نواحي اقتصادية واجتماعية. خاصة أن الهروب إلى أوروبا مكلف مادياً ومعنوياً، وتنشط في هذا الإطار تجارة البشر، والتي تعتبر محرمة دولية، ويعاقب عليها القانون الدولي.

يقول الخبير الاقتصادي العراقي، حسين عمار، "إن ارتفاع حالات الغرق في المتوسط، تعود بالدرجة الأولى إلى انتشار تجار البشر، فعلى الشواطئ التركية ينتشر "تجار البحر" وهو مصطلح يطلق على المهربين، حيث يقومون بنقل اللاجئين من العراق وسورية إلى اليونان بأسعار خيالية". مشيراً إلى أن الانتقال في البحر يزدهر عادة خلال فصل الصيف، ولذا نلاحظ ارتفاع الأسعار، إذ تختلف أسعار الانتقال عبر القوارب، بدءاً من 2000 يورو وصولاً إلى 10 آلاف يورو.

وعن أسباب انتشار هذه الظاهرة، يفيد عمار بإن الأجواء الأمنية، والحروب التي تشهدها المنطقة العربية، تدفع المدنيين للإبحار والتعرض للمخاطر، بحثاً عن فرصة للنجاة".

ويؤكد أنه خلال السنوات الماضية هاجر أكثر من مليون عراقي إلى الخارج، ووصلت نسبة الذين لاقوا حتفهم في البحار ما يقارب 2%، وهو ما يعتبر كارثة إنسانية، يتوجب على المجتمع الدولي حلها.

اقرأ أيضا: القتل يلاحق السوريين براً وبحراً

تدابير خجولة
دقت المنظمات الدولية ناقوس الخطر منتصف الشهر الماضي، محذرة من ارتفاع أعداد ضحايا البحار، وطالبت المجتمع الدولي التدخل لحماية اللاجئين والفارين من مناطق النزاعات، فقد دعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني حكومات الاتحاد إلى دعم عمل مشترك لحماية المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط".

ويقول الخبير صالح الزغيدي لـ"العربي الجديد" إن المأساة التي يعيشها اللاجئون السوريون والعراقيون والأفغان والليبيون، في البحار تتطلب من المجتمع الدولي التحرك سريعاً لإنقاذ المدنيين، خاصة أن معظم الذين يلاقون حتفهم هم من الأطفال والنساء. ويؤكد أن الجهود الدولية ما زالت خجولة في هذا الإطار، مشيراً إلى أن الهجرة غير الشرعية، تتسبب في حدوث هذه الكارثة الإنسانية.

المساهمون