اللاجئون الفلسطينيون... تعدّدت الأماكن والمأساة واحدة

اللاجئون الفلسطينيون... تعدّدت الأماكن والمأساة واحدة

23 سبتمبر 2015
اللجوء يطارد الشعب الفلسطيني (Getty)
+ الخط -
تختصر المخيمات الفلسطينية حكاية الوجع الإنساني بأكمله. أطفال التصقت جلودهم المترهّلة بعظامهم. مسنّون اضمحلّوا. أجساد تتقاذفها المنافي والمخيمات. من فلسطين إلى الشتات. ومن الشتات إلى اللجوء. ومن اللجوء إلى النزوح. المصير ما يزال مجهولاً. نسيهم التاريخ. ونسيتهم الجغرافيا، وتجاوز عنهم الزمن، عاشوا في غرف من الصفيح، لا تقي حر الصيف، ولا تنجي من برد الشتاء.

يقدّر العدد الكلي لفلسطينيي العالم ما بين 9 و11 مليوناً، يعيش ما لا يقل عن نصفهم خارج بلدهم. وتشير إحصائيات الجهاز المركزي الفلسطيني إلى أن عدد اللاجئين المسجلين لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) حتى العام 2014 بلغ نحو 5.4 ملايين لاجئ.
يقول أحمد حنون، مدير عام دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، لـ"العربي الجديد": "إن وضع اللاجئين مختلف في فلسطين. فهناك لجوء العام 1948، ونزوح العام 1967، حيث بدأ اللجوء من الأراضي المحتلة من الساحل الفلسطيني إلى الضفة الغربية والقدس وغزة وداخل الأرض المحتلة نفسها، وكان عدد النازحين آنذاك 900 ألف لاجئ، أما نازحو عام 1967 فتجاوزعددهم 350 الفاً تم تهجيرهم إلى الأردن".

اقرأ أيضا: رفيق النتشة: نتابع قضية فساد في مخيمات الفلسطينيين

ويضيف حنون: "إن نحو 40% من لاجئي عام 1948 تم تهجيرهم إلى الأردن والضفة الغربية، فيما تم تهجير نسبة 20% إلى قطاع غزة، ومثلهم إلى لبنان وسورية، أما النسبة الباقية فتوزعت في جميع أنحاء العالم".

ويكشف حنون أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى "الأونروا" وفي المناطق التي تقدم لها خدماتها يبلغ 5 ملايين لاجئ موزعين كالآتي: "مليونان و200 ألف لاجئ تم توزيعهم على 10 مخيمات في الأردن، و450 ألف لاجئ تم توزيعهم على 12 مخيماً في لبنان، و510 آلاف نازح تم توزيعهم في 9 مخيمات في سورية، بالإضافة إلى 10 آلاف في مصر، و60 الفاً في العراق، والباقي في دول الخليج وأوروبا والأميركيتين".


أما بالنسبة إلى اللاجئين داخل الأراضي الفلسطينية، فهم موزعون على الشكل التالي: 910 آلاف لاجئ تم توزيعهم في 24 مخيماً في الضفة، 5 مخيمات منها لم يتم الاعتراف بها حتى اليوم، بحيث لا تقدم لهم الأونروا أي خدمات، كمخيم بيرزيت، ومخيم عين عريك، مخيم سلواد، ومخيم قدورة، بالإضافة إلى مليون و300 ألف لاجئ تم توزيعهم في 8 مخيمات داخل قطاع غزة". ويشير حنون إلى أن الغريب في الأمر أن هناك أعدداً كبيرة من اللاجئين المهجرين عام 48 يعيشون داخل الأراضي المحتلة عام ثمانيةٍ وأربعين، وعلى بُعد أمتار من مناطقهم المصادرة وبيوتِهم المسلوبة، مثل قرى "صفورية" و"لوبية".

اللجوء ثم التشرّد
بعد اندلاع الحرب في سورية، تعرّض الفلسطينيون إلى مأساة جديدة، حملتهم من اللجوء إلى التشريد خارج المخيمات. ويقول حنون "يوجد في سورية نحو 546 ألف لاجئ، تشرّد منهم 60 ألفاً إلى لبنان، و40 ألفاً إلى مصر وغزة، ناهيك عن موجات النزوح داخل سورية، وعلى الحدود اللبنانية والتركية، فيما بقي نحو 40 ألفاً داخل مخيماتهم.

تروي إحدى اللاجئات الفلسطينيات الوافدة من سورية نحو الأراضي الفلسطينية المحتلة المعاناة التي تعرضت لها، فتقول: "تمكنت من السير على الأقدام لمسافات طويلة، هربت من مخيم اليرموك المحاصر مع طفلي الذي لم يتجاوز عامه الأول، إلى داخل فلسطين، حيث سمحت لي السلطات الإسرائيلية بالدخول، فيما لم تسمح لأبنائي الآخرين. فهرب ابني الكبير إلى لبنان، أما الآخر فعاد إلى سورية"، مشيرة إلى أن المأساة التي تعيشها لا تتعلق بالتشرد من منطقة إلى أخرى، بل بشتات العائلة بين عدة مناطق، حيث تخشى أن لا تستطيع رؤية أبنائها مجدداً، بحسب ما أكدته لـ"العربي الجديد".

وتتابع "يعيش في مخيم اليرموك نحو 200 ألف لاجئ قبل بدء الصراع. بعد ذلك، وبسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية، والحصار الذي قضى على العديد من الفلسطينيين داخل المخيم، لم يبقَ أكثر من 10 آلاف فلسطيني، فيما لجأ الباقون إلى مدن سورية أكثر أمناً، أو توجهوا نحو لبنان".

اللاجئون اليوم يعيشون المأساة نفسها، وإن اختلفت بعض التفاصيل. ازدحام سكاني في بقع جغرافيةٍ خالية من أي بنيةٍ تحتية، أوضاع اقتصادية مزرية بلا خدمات حقيقية، بطالة مستشرية.

المساهمون