مدينة المستقبل: ألعاب العلوم والهندسة ومهارات أخرى

مدينة المستقبل: ألعاب العلوم والهندسة ومهارات أخرى

06 مارس 2017
تلعب المسابقات الهندسية دوراً في تنمية مهارات القرن الـ21(Getty)
+ الخط -
كيف يمكن أن نجعل العالم مكانًا أفضل؟ هذا هو السؤال الذي طرحته مسابقة مدينة المستقبل على طلاب المراحل الإعدادية من أجل البحث عن إجابة له، وبعد مرور 25 عامًا على انطلاق المسابقة التي بدأت في عام 1992 بالولايات المتحدة الأميركية، استطاع العديد من الطلاب تطوير مهاراتهم الهندسية والمعرفية والتنظيمية بعد الإجابة على هذا السؤال.

داخل المدينة ..

مدينة المستقبل هي مسابقة مدرسية توفر نموذج محاكاة لبعض التحديات الهندسية الحقيقية، والتي تستهدف طلاب المراحل الإعدادية بغرض جذب اهتمامهم ناحية العلوم والهندسة، وإكسابهم مهارات القرن الواحد والعشرين من خلال لعبة تفاعلية تدور حول إنشاء مدينة متكاملة افتراضية. في كل عام، تأخذ المسابقة طابعا مختلفا من خلال فكرة محددة تدور حولها المسابقة مثل إدارة مياه الأمطار، الطاقة الخضراء، الزراعة في المناطق الحضرية، المساحات العامة، وغيرها من الموضوعات والأفكار التي تختلف من عام إلى آخر.

يقوم الطلاب بمساعدة مشرفيهم بإنشاء مدينة افتراضية من خلال برنامج "SimCity" الذي يمكن تحميله من موقع المسابقة، على أن تكون تلك المدينة بمواصفات محددة تقوم بتقديم حلول وأفكار للموضوع الرئيسي الذي تقوم المسابقة بتحديده. لا تقتصر المسابقة على المنافسة فقط، بل تعد فرصة لجميع الطلاب من أجل فعل الأشياء التي يفعلها المهندسون بأنفسهم، حيث تمكنهم المسابقة من تحديد المشاكل، الحصول على أفكار من العصف الذهني، تصميم حلول لمشاكل معينة، اختبار الحلول والأفكار، بناء المدن، وأيضًا مشاركة النتائج.


من خلال إجراء كافة هذه الأمور، يكتسب الطلاب العديد من المعارف والمهارات التي تتمثل في العمل الجماعي، التخطيط وإدارة الوقت، التفكير الإبداعي، إدارة المشروعات، ومهارات العرض والتقديم، بالإضافة إلى العديد من المعارف العلمية والهندسية حيث يقومون بتطبيق مبادئ العلوم والهندسة في حل مشاكل واقعية، واكتشاف ومعرفة أفكار وحلول متعددة للعديد من المشكلات الهندسة، وأيضًا معرفة جميع أقسام وتخصصات الهندسة التي يمكنهم استكمال الدراسة بها في المستقبل.

 

خمسة مخرجات..

يتم تقييم الطلاب المشتركين في مسابقة مدينة المستقبل بناء على خمسة مخرجات يجب عليهم إتمامها كالتالي:

 

1- تصميم المدينة الافتراضية:

باستخدام برنامج "SimCity" يقوم الطلاب بتصميم وإنشاء مدينة افتراضية، حيث يتعلم الطلاب في هذه المرحلة العديد من المهارات التي تتمثل في التخطيط المعماري، التصميم، وتتابع القرارات التي يقومون باتخاذها، وتتم هذه الخطوة وفق معايير محددة يجب على الطلاب اتباعها، والتي تحددها إدارة المسابقة.

 

2- كتابة المقال:

يقوم الطلاب بكتابة مقال من 1500 كلمة يصف السمات والخصائص الفريدة التي تتميز بها مدينتهم. هذا العام تدور المسابقة حول فكرة المساحات والأماكن العامّة، حيث يحاول الطلاب بناء شبكة مبتكرة من المساحات والأماكن العامة متعددة الاستخدام، لذا في هذا المقال عليهم توضيح ما الذي يجعل تصميم مدينتهم هو الأفضل فيما يخص استغلال تلك المساحات.

 

3- النموذج المجسم للمدينة:

يقوم الطلاب في هذه المرحلة ببناء نموذج مجسم لجزء من المدينة التي أنشأوها شرط أن يتم بناء النموذج من مواد مُعاد تدويرها وبمقياس رسم محدد وضمن ميزانية ضئيلة محددة.

 

4- العرض التقديمي:

يقوم الطلاب بتقديم عرض للمدينة بشكل مبتكر لمدة 7 دقائق حول خصائص وسمات المدينة التي قاموا بإنشائها، والأفكار التي نفذوها لحل المشاكل التي تواجه المدينة.

 

5- خطة المشروع:

يقوم الطلاب بإنشاء خطة خاصة بمشروع مدينة المستقبل التي عملوا عليها حتى يصبحوا أكثر تنظيمًا وتركيزًا، وذلك بالتعاون بين جميع أعضاء الفريق الواحد.

  


مصر ومدينة المستقبل

تُعد مصر نموذجًا ملهمًا للدول التي استطاعت تطبيق المسابقة، حيث بدأت المسابقة في مصر منذ عشر سنوات في عام 2007، ومنذ ذلك الوقت تعمل المسابقة على جذب اهتمام الطلاب للعلوم والهندسة حتى نجحت في تحريك شغف الطلاب وتوجهاتهم نحو وظائف ومجالات العلوم والهندسة.

تتبع المسابقة في مصر جمعية مهندسي الكهرباء والإلكترونات (IEEE)، وتتم برعاية وزارة التربية والتعليم وبالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة وأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا.

لا تقتصر مدينة المستقبل في مصر على الخطوات الإلكترونية فقط، بل تشمل المسابقة جزءًا ميدانيًا هامًا حيث يتم تنظيم معسكر يجمع الطلاب والمعلمين والمدربين والمشرفين من أجل تدريبهم وإكسابهم العديد من المهارات المرتبطة بالمسابقة فيما يناسب طبيعة كل شريحة، بالإضافة إلى إمدادهم بالمصادر والوسائل التي قد يحتاجونها من أجل ضمان نجاح تلك التجربة.

 

وبالرغم من أن تصفيات المسابقة الدولية تقتصر على أربع دول فقط، إلا أن نجاح التجربة المصرية كان عاملًا أساسيًا لمشاركة مصر للمرة الأولى بالتصفيات النهائية بالولايات المتحدة، مما يجعلها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تشارك في التصفيات النهائية لمسابقة مدينة المستقبل.

 

وفي الوقت الذي يسعى فيه الجميع إلى الحصول على خبرة تعليمية تفاعلية، تُعد مدينة المستقبل أحد أهم التجارب التعليمية التي يجب أن يحظى بها الطلاب، حتى وإن كان الأمر قاصرًا على التعلم الذاتي من خلال اتباع الأدلة وتحميل برنامج التصميم المدينة من خلال موقع المسابقة دون الاشتراك في المسابقة. خمسة وعشرون عامًا عمر المسابقة حتى الآن، والتي بالتأكيد نجحت في إعداد طلاب ذوي مهارات متعددة، بالإضافة الى أنها تجربة ملهمة ونموذج يسعى العديد من رواد تغير التعليم في العالم إلى اتباعه من أجل تطبيقه في نواحٍ مختلفة.

 

 

 

المساهمون