تدريس العلوم بألعاب من القمامة

تدريس العلوم بألعاب من القمامة

26 أكتوبر 2016
الألعاب التعليمية تتم صناعتها باستخدام خامات من القمامة(Getty)
+ الخط -
تواجه الهند مشكلة ضخمة في مجال التعليم تتعلق بتدني مستوى الجودة خاصة في العلوم والرياضيات. وتتجلى تلك الأزمة في المناطق المهمشة والفقيرة، والتي تعد أغلبية في بلد يربو سكانه على المليار وربع المليار من البشر.
ولعل السبب الرئيسي وراء تلك المعضلة نقص التمويل الكافي وضعف البنية التحتية بالمدارس. للوهلة الأولى تبدو المشكلة صعبة وغير قابلة للحل، وهنا أتى أرفند جوبتا بفكرته العبقرية والبسيطة في آن واحد: تدريس العلوم والرياضيات باستخدام القمامة!

أرفند جوبتا
أرفند جوبتا مهندس هندي ترك مجال الهندسة سعياً وراء حلمه بتغيير العالم إلى مكان أفضل بفكرته العجيبة. إن فكرة أرفند تتلخص في استخدام القمامة والمخلفات في صناعة ألعاب بسيطة يتم من خلالها تدريس العلوم والرياضيات بشكل مختلف.
فعبر استخدام خامات ومواد بسيطة، كالتي قد تتواجد في أية سلة مهملات، يقوم الطلاب والمعلمون ببناء ألعاب متنوعة كل منها يشرح مفهوما علميا أو رياضيا بطريقة بسيطة وممتعة ومسلية. ويلخص أرفند فلسفته في جملة واحدة قائلا: "يستطيع أطفال المدارس تعلم العلوم بشكل جيد بقليل من المال والموارد".

سيارات مسرعة وزوارق وطائرات وألعاب من الورق ومحركات ومولدات كهربائية ومضخات ونوافير وألعاب ورقية، تلك هي عينة بسيطة من قائمة ألعاب أرفند لتدريس العلوم بشكل ممتع. وكل تلك الألعاب التعليمية تتم صناعتها باستخدام خامات من القمامة، كورق الجرائد وقصاصات الورق المقوى وإطارات الدراجات وأعواد الثقاب وأطباق الفلين وماصات الشرب وزجاجات البلاستيك الفارغة وأسلاك الكهرباء. وبهذا يصبح تدريس العلوم بالمدارس غير متطلبٍ تجهيزاتٍ باهظةَ الثمن من معامل وأدوات علمية مكلفة.

عبر عدة عقود قام أرفند بتطوير فكرته بشكل هائل، حيث عكف على تصميم وابتكار مئات من الألعاب العلمية والتي يمكن من خلالها تبسيط كافة فروع العلم الأساسية، كالفيزياء والكيمياء والأحياء والرياضيات والهندسة. ولم يكتف باختراع وتطوير تلك الألعاب المصنوعة من القمامة فقط، بل قام بإجراء عدد هائل من التجارب والأبحاث ليثبت فعالية ونجاح طريقته وفلسفته في تدريس العلوم والرياضيات.

إن طريقة أرفند تتواءم مع أفضل الطرق في التعليم والتدريس. فهي تعتمد بشكل أساسي على التعلم القائم على اللعب، فالأطفال يرون العملية التعليمية مجرد لعبة ممتعة مما يشجعهم على الانخراط في التعلم والتعلق به. كما أنها تعتمد على فكرة التعلم عن طريق الخبرة والممارسة، فالطلبة يقومون بصنع ألعابهم العلمية التعليمية بأيديهم، مما يعزز فهم المعلومة العلمية وتطبيقها مقارنة بالوسائل التقليدية المعتمدة على الحفظ والتلقين.

وأخيرا فإن الاعتماد على خامات ومواد بسيطة متوافرة في كل مكان لبناء تلك الألعاب يجعل من العالم كله - وليس المدرسة فقط - معملا كبيرا يمكن للأطفال فيه التعلم والتجريب والابتكار بغية تحصيل العلم والمعرفة.

التعليم للجميع

إن جل ما يشغل أرفند أن يكون العلم متاحا لجميع الطلبة في كل مكان مهمش ومحروم، ليس في الهند وحدها بل في العالم أجمع. ويتجلى هذا واضحا في فلسفته لتبسيط ونشر العلوم بالإضافة إلى مجهوداته العظيمة في هذا الصدد. فعبر أكثر من ثلاثين عاما قام بتدريب معلمي العلوم والرياضيات بأكثر من 2500 مدرسة بالهند وعدة دول أخرى. كما قام بتأليف ما يربو على 30 كتابا عن تدريس العلوم والرياضيات بطريقته المبدعة، وترجم أكثر من 150 كتابا في ذات الصدد إلى اللغة الهندية.

بالإضافة إلى ذلك أطلق أرفند موقعه الخاص عبر الإنترنت، والذي يحوي مكتبة ضخمة من المصادر التعليمية لتدريس العلوم بألعاب من القمامة. حيث يضم الموقع أكثر من 750 فيديو قصيراً عن الألعاب العلمية، والتي تمت ترجمتها إلى 18 لغة عالمية، بالإضافة إلى الكتب التي قام بتأليفها وترجمتها وعديد المقالات التي نشرها بمختلف الصحف والمجلات والمواقع. كل تلك المصادر تركها أرفند مشاعا مجانيا على الإنترنت، ليستفيد منها كل من يسعى لتبسيط وتدريس العلوم والرياضيات في كافة دول العالم النامية منها والمتقدمة.

"إن أروع الحلول هي أبسطها على الإطلاق" هذا ينطبق تماما على الحل الذي واجه به "أرفند جوبتا" أحد أعقد وأصعب المشاكل التي تواجه تعليم العلوم. فحري بنا الالتفات إلى هذا الحل العبقري الذي يجمع بين البساطة والنجاعة، عسى أن تخرج أجيالا من بلادنا العربية تحمل بذور العلم النافع لتنثر نورها بين الأمم، كما كان الحال في زمن ولى وفات.




(http://arvindguptatoys.com)

المساهمون