كيف تصنع من طفلك رائد أعمال ناجحاً؟

كيف تصنع من طفلك رائد أعمال ناجحاً؟

27 مارس 2017
الرغبة في جني الأموال يمكن توجيهها تربوياً (غيتي)
+ الخط -
سواء في المنزل أو داخل المدارس، دائمًا ما ينصح المعلمون وأولياء الأمور الأطفال بأن يجتهدوا حتى يصبحوا أطباء أو مهندسين أو غيرها من الوظائف الشهيرة التي تحظى بتقدير الناس نظرًا لمكانتها الاجتماعية المرموقة، لكن لا أحد يخبر طفله أن يصبح رائد أعمال.

بالرغم من أهمية توجيه الأطفال لدراسة التخصصات التي تناسب مهاراتهم واهتماماتهم، سواء كانت في ناحية الطب أو الهندسة أو الإدارة أو التعليم وغيرها، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بمهارات ريادة الأعمال يتم تجاهلها وتوجيه الأطفال حتى يصبحوا موظفين متخصصين في المجالات التي يرغب بها أولياء أمورهم، وليس تلك التي يفضلها الأطفال. هذه هي المشكلة التي ناقشها "كاميرون هيرالد" في محاضرته على مسرح "تيد" طارحًا سؤالًا مهمًا: لماذا يجب أن يصبح الأطفال روّاد أعمال؟



لماذا نحتاج إلى رواد للأعمال؟ 

يعتمد مفهوم ريادة الأعمال على تقديم حلول مبتكرة وإبداعية للمشاكل التي يعاني منها المجتمع بهدف إيجاد حلول لها.

ونظرًا لكون العالم في العصر الحالي يعاني من العديد من المشاكل التي لا تنتهي، فإن هذا الأمر يخلق سوقًا للعديد من الأفكار المبتكرة التي قد تساهم في التغلب على تلك المشاكل.

أيضًا لم يعد الاقتصاد العالمي يعتمد فقط على الشركات والمؤسسات العملاقة، بل أصبح قائمًا بشكل رئيسي على الشركات الناشئة نظرًا لتوافر العديد من الفرص والوظائف.

على سبيل المثال، تصل نسبة العاملين في القطاع الخاص في الولايات المتحدة في الشركات الصغيرة إلى 49.2% من إجمالي العاملين في القطاع الخاص، مما يجعل الشركات الناشئة الصغيرة عصب اقتصاد أي دولة بشكلٍ عام، فضلًا عن أن العديد من الشركات العملاقة في الوقت الحالي نشأت كشركات صغيرة مثل إمبراطورية "آبل" التي نشأت من جراج المنزل، وفيسبوك، الذي كان مجرّد فكرة لطالب جامعي، لكنه أصبح اليوم أكبر موقع للتواصل الاجتماعي في العالم.

مهارات ريادة الأعمال للأطفال

إذا كان الطفل يميل إلى حبّ العلوم فبإمكانك إذًا توجيهه حتى يصبح عالمًا، وإذا كان يفضل الطب يمكنه أن يصبح طبيبًا، أما إذا كان لديه سلوك روّاد الأعمال فعليك إذًا تنمية مهاراته حتى يصبح أحد روّاد الأعمال الذين يغيرون العالم نحو الأفضل، لذا في حالة كنت تود تعليم طفلك ريادة الأعمال، عليك إذًا تنمية هذه المهارات لديه:




حل المشاكل

عندما تصبح صاحب مشروع، فإن معظم ما تفعله هو حلّ المشاكل، سواً كانت مشاكل العملاء أو الموظفين أو المنتج، وبالطبع مشاكلك الشخصية. في هذه الحالة، لا يمكنك الهرب من المشاكل، بل تجب عليك مواجهتها وتحديد القرار الأفضل لاتخاذه حتى يتم حل المشكلة.

بالطبع، الأطفال أكثر تسرعًا من البالغين والكبار لعدم خبرتهم الكافية أو تعرضهم لعواقب اتخاذ قرار سيئ، إلا أنه من الممكن تعزيز مهارات تقييم المشاكل وحلّها لدى الأطفال من خلال تشجيعهم على تحديد المشكلة والتحدث عنها، واقتراح أفكار للحلول المحتملة لهذه المشكلة، وتحديد الفوائد والعواقب المترتبة على كل حل محتمل، واتخاذ قرار بالحل، ومواجهة العواقب التي قد تنشأ عن القرار الذي قاموا باتخاذه حتى لو كان خاطئًا ما دامت تلك العواقب آمنة بالنسبة إليهم.

 

الرغبة في جني الأموال

أحد الأمور التربوية الخاطئة التي يشير إليها العديد من خبراء التربية هي إعطاء الأطفال أموالًا زائدة عن حاجتهم. لذا بدلًا من هذا السلوك الخاطئ يمكن تشجيع الأطفال على جني الأموال بأنفسهم حتى يعلموا قيمة هذه الأموال، وبالتالي صرفها على نحوٍ صحيح. هذه الرغبة يمكن تشجيعها عند الأطفال من خلال شراء الألعاب والهدايا التي يرغبون فيها من أموالهم الخاصّة التي يقومون بالحصول عليها مقابل عملهم.

مهارات البيع

حينما يريد الأطفال مبلغًا معينًا من المال أو شراء لعبة ما، بدلًا من تكليفهم بعملٍ منزلي لقاء الحصول على هذا المبلغ، يمكن تشجيعهم على بيع بعض المنتجات من أجل الحصول على

المال الكافي لشراء هذه اللعبة. هذا الأمر يساعد في تعليم الأطفال العديد من المهارات، من بينها الحصول على أفكار مشاريع ناجحة، البحث عن وظائف، مهارات البيع، مهارات التفاوض، التحدث أمام جمهور، عدم الخوف من الفشل أو الرفض، مهارات الإقناع، خدمة العملاء، العلاقات وغيرها. يمكن أن يعمل الأطفال على بيع العصائر المصنعة بالمنزل للجيران والأصدقاء، أو توزيع الصحف على المنازل، أو إعادة تدوير وبيع ما لم تعد الأسرة بحاجة إليه.

الإبداع والابتكار

الإبداع والابتكار هما صفتان متلازمتان لرائد الأعمال الناجح، مما يستدعي تعزيز هذه المهارات لدى الأطفال وتشجيعهم عليها. هناك العديد من الأمور التي يمكن فعلها لتعزيز مهارات الإبداع والابتكار عند الأطفال، من بينها السماح لهم باللعب. الألعاب بشكل عام وليست القاصرة على الأجهزة الإلكترونية فقط تساعد في جعل الأطفال يواجهون المشاكل بحلول مبتكرة وأيضًا التفاعل مع اللاعبين الآخرين وتبادل الخبرات معهم. أيضًا يمكن تشجيع الأطفال على مهارات التصنيع من خلال اكتشاف طرق أخرى لإعادة استخدام المواد، أو بناء أدوات جديدة لها وظائف محددة باستخدام المهملات. يمكن كذلك تشجيع الأطفال على الإبداع والابتكار من خلال تشجيعهم على التساؤل والتفكير. كثرة الأسئلة هي دليل على العبقرية، وكلما كثرت الأسئلة التي يسألها الأطفال، كلما ساهم هذا الأمر في زيادة فضولهم وأيضًا زيادة مدى الإبداع لديهم.

 

الفشل

حسنًا.. المدارس بالتأكيد مخطئة في ما يتعلق بالفشل، وهذه هي الحقيقة التي يجب إخبارها إلى جميع الأطفال. حينما تصبح رائد أعمال ستواجه الفشل العديد والعديد من المرات، وإذا لم تكن مؤهلًا من البداية لتقبّل هذه الحقيقة، فغالبًا سينتهي بك المطاف متخليًا عن فكرتك ومشروعك عند أول تحد.

في المدارس، يتم إعداد الأطفال وإخبارهم أن الفشل أمرٌ سيئ، في حين أن ونستون تشرشل تُنسب إليه مقولة "النجاح هو فنّ التنقل من فشل إلى فشلٍ دون أن تفقد عزيمتك"، وذلك لأن الفشل بشكلٍ أو بآخر يؤدي إلى اكتساب العديد من الخبرات التي تساعد في صناعة رائد الأعمال الناجح. لذا، بدلًا من أن يتجنب طفلك الفشل، دعه يواجه هذا الأمر حتى يعلم أنه لا خجل من الفشل، وأنه سيكتسب العديد من الأمور التي ستساعده في مواجهة الفشل في المستقبل.

وأخيراً، بالتأكيد الأطفال هم مستقبل هذا العالم، لذا من المهم أن نوجه أطفالنا، ونقوم بإعدادهم حتى يصبحوا قادة هذا المستقبل، وإحدى الطرق التي نستطيع فعلها لتأهيلهم هي أن نساهم في جعلهم روّاد أعمال.

  

المساهمون