فيسبوك.. براءة مهدّدة

فيسبوك.. براءة مهدّدة

07 يناير 2015
... وحميميّتهم؟ من يصونها؟ (عن الإنترنت)
+ الخط -

يبدو "فيسبوك" حاسماً وهو يمنع تسجيل مشترك جديد دون الثالثة عشرة من عمره، ويُبلغه صراحة: "أنت لستَ مؤهّلاً لفتح حساب". لكن، "يقبرني ابن أختي. شعلة ذكاء. له مئات الأصدقاء على فيسبوك. سبق والده وهو فقط في التاسعة. ما شاء الله على جيل اليوم!". ونفخر.

بحذاقة ما بعدها حذاقة، نتحايل على موقع التواصل الاجتماعي هذا ونعدّل تاريخ الميلاد. هل يُعقل أن يملك ابن الجيران حساباً وابننا محروم منه؟

"هل تعلم بحقّ مع من يتواصل صغيرك عبر المواقع الإلكترونيّة؟"، سؤال يطرحه المتخصصون في الاستخدام الآمن للإنترنت. تجيب الوالدة مثلاً وكلها ثقة: "أنا صديقة ابنتي على فيسبوك. أصدقاؤنا مشتركون، بمعظمهم. حتى أعمامها أصدقاء لها".

مهلاً. كيف يكون أصدقاء امرأة في الثلاثين هم أنفسهم أصدقاء فتاة لا تكاد تبلغ 11 عاماً؟ سؤال آخر يشدّد عليه أهل الاختصاص، حتى وإن كان هؤلاء من الأقارب. يضحك الوالد قائلاً: "إذا كان الخوف من حدوث ما يجري في أميركا مع أولادنا، فهذا مستبعد. نحن مجتمع ما زال محافظاً على قيمه وأخلاقه".

لنضع احتماليّة التشكيك في "القيم والأخلاق" جانباً ولنسلّم أنك كلّك ثقة بهؤلاء الأصدقاء الافتراضيّين، هل تسمح عادة لصغيرك أن يشاركك جلساتك الخاصة مع أصدقائك وأقاربك؟ ألم تصرخ به قبل أيام لأنه حاول التطفّل؟

ويبقى على قلبك مثل العسل أن يضع "لايك" على نكتة خاله التي وعلى الرغم من عدم استيعابه إياها، إلا أن شروط اللياقة الفيسبوكيّة تفرض عليه إبداء الإعجاب بها ومشاركتها أيضاً على حائطه الخاص.

ونفخر بفطنتهم الفتيّة. ونباهتنا؟ نحن نغفل إمكانيّة تلقّيهم دعوات غير بريئة من غير الأصدقاء. هل نغفل ذلك حقاً أم نحن كلنا ثقة بمجتمع ما زال محافظاً على "قيمه وأخلاقه"؟

لا شكّ في أن أيّاً منا لن يسمح لصغيره بالذهاب في نزهة مع شخص التقاه للتو. لكن حسابات أبنائنا على فيسبوك مفتوحة. يمكن لأي كان التطفّل عليهم برسالة يبعثها إلى بريدهم الخاص، والدردشة معهم. ولعلّ الأسوأ هو أن صورهم وصور أصدقائهم معروضة أمام الجميع. وحميميّتهم؟ من يصونها؟

الكرة في ملعب الوالدَين، هذا ما يشدّد عليه طبيب الأطفال الفرنسي المتخصّص في الأمراض العصبيّة والنفسيّة مارسيل روفو. فوقاية الأطفال من التحرّش على الشبكة منوطة بهما، وكذلك مراقبة "جموح" هؤلاء الصغار المهدَّدين، حتى لو لم نشأ الاعتراف.

إذا كانت التجربة الأميركيّة لا تُعدّ معياراً بالنسبة إلينا للبتّ في علاقة صغارنا بفيسبوك (والإنترنت بشكل عام)، فقد نعيد حساباتنا إذا علمنا أن فرنسا وبريطانيا تنشطان اليوم لحماية "البراءة المهدّدة".

وللحديث تتمّة.

المساهمون