السوريون في بريطانيا بذكرى الثورة بين الإحباط والتمسك بالأمل

السوريون في بريطانيا بذكرى الثورة بين الإحباط والتمسك بالأمل

16 مارس 2020
رغم التشاؤم يظل الأمل (Getty)
+ الخط -
استطلع "العربي الجديد" مواقف عدد من السوريين المقيمين في بريطانيا في الذكرى السنوية التاسعة للثورة السورية، وتوقف عند شهادات يسودها الإحباط من الواقع الحالي وانهيار آمال التغيير التي دمرتها آلة الحرب الطاحنة لنظام بشار الأسد، دون أن يمنعهم ذلك من استشعار بصيص أمل يربطهم بسورية التي أجبروا على الخروج منها. 

ويقول المحاضر في جامعة لندن، محمد عتيق، لـ"العربي الجديد" إنه "بعد تسع سنوات من الثورة السورية، لا أرى الوضع الحالي في سورية كما كنا نأمل أن يكون بعد هذه السنوات. الوضع بشكل عام سيئ جداً، على جميع المستويات الاقتصادية والإنسانية والمعيشية والاجتماعية والتعليمية. وستبقى تبعاته لفترة طويلة، ما استمر الوضع الحالي بوجود نظام دكتاتوري، وفي غياب دور المجتمع الدولي لتحجيم هذا النظام أو التخلص منه".


وفي ما يخصّ الوضع السياسي، قال عتيق: "لقد كان هدفنا تحقيق تغيير سياسي بشكل عام، ولتاريخ اليوم لم يتم ذلك. ولكني أرى أن جزءاً منه قد تحقق من خلال رفع الوعي السياسي عند السوريين، رغم عدم وجود نتائج ملموسة واضحة".

وأوضح أن "تعرض اللاجئين السوريين لأنظمة ديمقراطية في أوروبا، رفعت من الوعي الكلي لمسألة حقوق الإنسان، وينقل اللاجئون هذه الأفكار للداخل السوري، ما يرفع من سوية الوعي الجمعي عند الناس".

من جهتها، تعتبر الناشطة في حقوق الإنسان، ماجدة الخوري، على حد قولها لـ"العربي الجديد" أن "سورية اليوم ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، وليس للسوريين يد بأية تغيير أو تسوية، هم فقط أوراق تستخدمها الدول في تصفية حساباتها السياسية والاقتصادية".

وأضافت أن "الصورة قاتمة جداً اليوم بالنسبة إليّ، ولا أرى مستقبلاً قريباً لأي تغيير يحاكي أهداف الثورة الأساسية. إلا أنني ما زال لدي أمل بقدرتي وبقدرة كثير من السوريين الوطنيين على صناعة تغيير على مستوى حقوقي للتأسيس لمرحلة التغيير السياسي الحقيقية. سورية لن تعود ساحة مواتية للتغيير الحقيقي على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي إلا بتغيير في المواقف الروسية الداعمة للأسد".


بدوره، قال مدير حملة التضامن مع سورية في بريطانيا، عبد العزيز الماشي، لـ"العربي الجديد"، إن "الوضع الراهن للأسف وصل إلى مرحلة لا تطاق في سورية عموماً وفي شمال غرب سورية خصوصاً"، موضحاً أن "تسع سنوات من الإجرام ارتكب فيها نظام الأسد الفاشي كل أنواع جرائم الحرب بحق الشعب السوري. هذه الجرائم لم تكن كافية لتحريك الضمير العالمي لفعل شيء لإيقاف شلالات الدم".

وتابع قائلاً إن "الشعب السوري العظيم أظهر لمدة تسع سنوات قوة قلّ نظيرها في تاريخ الإنسانية في مواجهة الظلم والقهر والدكتاتورية. فقد واجه هذا النظام بكل السبل المتاحة، وكشف وجهه الحقيقي وجرائمه للعالم أجمع، واستمر بالثورة بالرغم من حجم الإجرام والصعوبات وتخلي المجتمع الدولي عنها".

وأردف: "الشعب السوري مستمر بثورته حتى إسقاط هذا النظام بكل أركانه، بالرغم من إجرام هذا النظام ودمويته وتخاذل المجتمع الدولي عن نصرته".

من جهته، قال مدير البرنامج السوري للتطوير القانوني، إبراهيم العلبي، لـ"العربي الجديد": "لو كنا بوضع مثل مصر، لقلت إن التغيير أمر صعب، ولا مجال له. ولكن لا يزال جلياً عدم امتلاك أي طرف للحل في سورية. وما دام لا يمتلك أحد الحل، فيمكن الدفع بالتغيير"، داعياً إلى "إحياء فكرة أن معارضتنا للنظام ليست معارضة سياسية أو عسكرية، بل هي معارضة حقوقية".

وأضاف: "الأمر الجيد في بريطانيا، أن المنح الدراسية جلبت روحاً جديدة من الناشطين والناشطات من سورية ومن دول الجوار، وساهم هؤلاء في إعادة تفعيل النشاط في بريطانيا. وبريطانيا دولة تهم النظام، سواء بسبب أسماء الأسد (التي تحمل الجنسية البريطانية) أو بسبب الاستثمارات. وإلى الآن معركة النظام خاسرة في بريطانيا".

أما الباحثة نسرين الزرعي، فترى في تصريحها لـ"العربي الجديد" أن "الوضع في سورية بأسوأ مراحله. الثورة ومن بعدها الحرب والتهجير والجرائم التي ارتُكبَت بحق السوريين، قد لا تقارن بما سيقوم النظام وحلفائه بارتكابه بالمرحلة القادمة، التي سيكون عنوانها الأساسي (إعادة هندسة ديموغرافية)".


وهو ما يذهب إليه الناشط مع الجالية السورية، بلال الشامي، إذ يقول: "برأيي أن السوريين، بمن فيهم نحن في الخارج، سُلب منهم أي دور ليساهموا برسم شكل سورية اليوم وفي المستقبل. وبين طموحاتهم لبلدهم التي تظل بوصلة حياتهم وبين بعدهم جغرافياً عن الواقع الذي يهتمون به وغير القادرين على التأثير فيه، والذي يسبب أيضاً تردد اندماجهم الكامل ضمن المجتمعات الجديدة التي أصبحوا جزءاً منها. أصبح جزء كبير من السوريين ضائعين محبطين فاقدين الثقة بقدرتهم على التأثير بأشياء تعنيهم".

وختم بالقول إن "الوضع بسورية كارثي على مستوى إنساني واجتماعي وسياسي. ورغم أن جميع المؤشرات تقول بأنه وضع غير مستتب وقابل للانفجار، لكن تدويل القضية يحافظ على نوع من الحالة الهشة التي تناسب الدول المؤثرة، ولكنها مدمرة وخانقة لكل السوريين".

المساهمون