التلوث يدفع السلطات الإيرانية لإغلاق المدارس في طهران أسبوعاً

التلوث يشل إيران: إغلاق المدارس في طهران لمدة أسبوع وإجراءات مرورية مشددة

طهران

العربي الجديد

العربي الجديد
23 ديسمبر 2019
+ الخط -

لم يتراجع منسوب تلوث الهواء هذا الأسبوع في محافظات إيرانية، بل ازداد سوءاً جراء بقاء الطقس ثابتاً من دون أمطار أو رياح تخفف حدة الضباب الكثيف الذي يخيّم على الأجواء، الأمر الذي دفع السلطات المعنية إلى اتخاذ تدابير عاجلة، منها إغلاق المدارس وإعلان إجراءات مرورية مشددة.

وقال رئيس قسم رصد تلوث الهواء في منظمة حماية البيئة، شهرام سبهرنيا، إنّ مؤشرات التلوث وصلت إلى درجة غير صحية لجميع الفئات العمرية وخاصة الأطفال وكبار السن والمرضى، في عشر مدن إيرانية، هي طهران وهمدان والأهواز وخرم آباد، وكرمان، وشيراز، وأراك، وتبريز، وأرومية وإصفهان، وفق ما نقلت عنه أمس الأحد وكالات أنباء إيرانية.

ودفع استمرار التلوث السلطات الإيرانية المعنية إلى اتخاذ تدابير عاجلة، منها إغلاق المدارس خلال اليومين الماضيين، وتمديد ذلك إلى اليوم، وفي بعض هذه المحافظات إلى نهاية الأسبوع، وكذلك إعلان اتخاذ إجراءات مرورية مشددة.

من جهته أعلن نائب المحافظ للشؤون العمرانية في محافظة طهران، محمد تقي زادة إغلاق جميع مدارس المحافظة حتى نهاية هذا الأسبوع، بينما كانت هذه المدارس مغلقة خلال اليومين الماضيين.

وقال تقي زادة، إنّ لجنة طوارئ تلوث الجو اتخذت هذا القرار بالنظر إلى اشتداد التلوث، معلناً إغلاق كل مناجم الرمال حتى إشعار آخر، بالإضافة إلى حظر دخول الشاحنات والمركبات الثقيلة إلى داخل المدينة وفرض إجراءات مرورية مثل تضييق نطاق السماح بقيادة السيارات على أساس أرقام لوحاتها.

وأثار استمرار التلوث جدلاً بين السلطات والنخبة، وانتقادات للأجهزة المعنية بعدم التخطيط المناسب لمواجهة هذه المعضلة البيئية، وسط خلافات بشأن الأسباب والحلول لمعالجتها.

ويستشف من تصريحات الخبراء الإيرانيين أن معظم أسباب التلوث تعود إلى توسع المدن، والكثافة السكانية ومصادر مولدة للدخان من مصانع والمركبات العامة والخاصة التي تستهلك الوقود الأحفوري.

وفي هذا الصدد، تقول سلطات طهران، إنّ أكثر من 80 في المائة من التلوث فيها يعود إلى انتشار عدد كبير من السيارات والدراجات النارية في المدينة، إذ قال رئيس بلديتها، بيروز حناجي، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي لوكالة "فارس" إنّ عدد المركبات في العاصمة الإيرانية يصل إلى 4 ملايين و200 ألف.

وبحسب تقارير إعلامية، تعمل في طهران بين 4 إلى 5 ملايين سيارة، منها 400 ألف سيارة متهالكة، بالإضافة إلى وجود مليون و500 ألف إلى مليوني دراجة نارية. ويقول الخبراء إن هذه الدراجات تولد التلوث 5 أضعاف السيارات.

وبما أن عواصم أخرى في العالم تعاني من العوامل آنفة الذكر، لكن التلوث فيها لا يصل إلى ما وصلت إليه طهران. ويضيف بعض الخبراء عاملاً آخر، هو أن العاصمة الإيرانية محصورة ومغلقة من بعض الجهات، إلا أن آخرين يعتبرون أن ذلك ليس سبباً منطقياً، إذ إن هناك مدناً إيرانية أخرى مثل أصفهان ومشهد أيضاً تعاني من المشكلة نفسها، وهي ليست مغلقة جغرافياً.

في السياق، تحدث الأكاديمي الإيراني قاسم عزيزي، أستاذ الجغرافيا في جامعة طهران، عن سبب بيئي، هو أن إيران عموماً، ولا سيما مدينة طهران، تعاني من قلة الرياح.

وقال عزيزي لوكالة "إرنا" الرسمية، أمس السبت، إن الهواء غالباً في البلاد "هادئ وساكن"، مشيراً إلى أن إيران تقع على العرض الجغرافي بين 25 إلى 40 درجة من العرض الشمالي، وأضاف أن في هذه العروض الجغرافية "للأسف الرياح محدودة، وقلما تهبّ رياح مناسبة"، باستثناء بعض المناطق، ومنها الساحلية. وأوضح عزيزي أن العاصمة الإيرانية لا تشهد رياحاً في 67 بالمائة من أيام السنة.

أما بالنسبة إلى الحلول المقترحة، ففي ظل عدم نجاح تلك التي نفذت حتى الآن، يقترح البعض نقل العاصمة إلى مكان آخر، وهو ما يراه آخرون خياراً غير مجدٍ، بالنظر إلى الأوضاع المشابهة لمدن إيرانية كبرى.

في السياق، اعتبر عزيزي أن هذا الاقتراح ليس حلاً، مشيراً إلى أن المدن الإيرانية الكبرى تعاني من المشكلة نفسها أيضاً، بسبب الظروف المناخية. ودعا إلى الاعتراف بهذه الحقائق المناخية، والتخطيط بناءً عليها، ليقترح وضع حد لتوسع طهران وعدد سكانها وأعداد السيارات والدراجات النارية والصناعات الموجودة فيها.

يشار إلى أنّ التلوث بات جزءاً من الحياة الشتوية لطهران ومدن إيرانية كبرى خلال العقدين الأخيرين، وهي مشكلة بيئية كبيرة طرأت على العاصمة الإيرانية منذ ستينيات القرن الماضي بعد انتشار المعامل والسيارات فيها. وعلى الرغم من قيام السلطات بإجراءات في مواجهتها، فالمشكلة ما زالت قائمة وتزداد سوءاً مع تراجع هطول الأمطار، ولم تجرِ معالجتها جذرياً.


وما يقلق الإيرانيين، ليس فقط تداعيات التلوث على الحياة التعليمية لأبنائهم، بل آثاره السلبية أيضاً على صحة الشرائح كافة. إذ ذكرت وزارة الصحة الإيرانية، في الثالث من ديسمبر/ كانون الأول أن التلوث يودي بحياة 33 ألف إيراني سنوياً، أي أكثر من ضحايا حوادث المرور في البلاد، البالغ عددهم تقريباً 18 ألف شخص.

وأعلنت الوزارة أن الضحايا بين الفئة العمرية 30 سنة فما فوق أكثر من بقية الفئات، مشيرة إلى أن عدد الوفيات إثر التلوث في طهران كان 3 آلاف شخص، تجاوزت أعمارهم 30 سنة، بينهم 85 مريضاً مصاباً بأمراض تنفسية و96 مصاباً بسرطان الرئة و1085 من مرضى القلب و526 من المرضى المصابين بالجلطة الدماغية.

ووفق تقديرات منظمة الصحة العالمية، فإن التلوث يحمّل إيران خسائر سنوية تبلغ 30 مليار دولار، أي 2.48 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ذات صلة

الصورة
غزة (محمد عبد/ فرانس برس)

مجتمع

ينذر تراكم النفايات في شوارع غزة بكارثة صحية وبيئية، وسط تحذيرات أممية من تفشي الأمراض والأوبئة بين السكان الذين يشكون عدم قدرة البلديات على التخلص منها.
الصورة
سكان مخيمات شمال غربي سورية (العربي الجديد)

مجتمع

أدى استمرار المنخفض الجوي الذي يضرب شمال غربي سورية إلى تفاقم معاناة قاطني المخيمات، وخاصة العشوائية منها وذات الطرق غير المعبدة والخيام المهترئة.
الصورة
أطفال فلسطينيون جرحى في غزة (أشرف أبو عمرة/ الأناضول)

مجتمع

يمثّل غياب اللقاحات الدورية عن محافظَتي غزة وشمال غزة خطراً إضافياً يهدّد حياة الأطفال الفلسطينيين، إلى جانب القصف الإسرائيلي المتواصل منذ نحو 98 يوماً.
الصورة
خيام من أكياس الصحين والنايلون في رفح (عبد زقوت/الأناضول)

مجتمع

أصبح توفير خيمة شبه مستحيل في قطاع غزة، خصوصاً في مناطق الجنوب حيث تتفاقم الأزمة بعد موجات نزوح كبيرة من وسط القطاع ومدينة خانيونس إلى أقصى نقطة جنوباً.

المساهمون