"عيش تونسي" مبادرة في وجه اليأس

"عيش تونسي" مبادرة في وجه اليأس

24 نوفمبر 2018
الهدف إعادة الأمل إلى التونسيين (عن صفحة عيش تونسي)
+ الخط -

"عيش تونسي" مبادرة شبابية تنظم نشاطات ثقافية وترفيهية تساهم في إعادة الأمل إلى التونسيين وإخراج الشباب من دوائر اليأس باتجاه التطوع والعمل وتغيير الواقع، وهو ما طبقه مؤسسو المبادرة على أنفسهم ونجحوا فيه.

صفوان الطرابلسي، شاب تونسي، عشريني، يقطن في المحمدية بالعاصمة تونس، سلاحه حبّ النجاح. شارك في تأسيس مبادرة "عيش تونسي" التي تحولت إلى جمعية، وتهدف إلى إعادة الأمل للتونسيين. درس الطرابلسي علم الاجتماع وبعد عدة دورات أصبح يساهم في إعداد ومساعدة أساتذته إذ يقدم لهم الجديد خصوصاً من الناحية التقنية وآليات العمل التي خبرها من مدربين أجانب والتي ساعدته كثيراً في حجز مكانة لم يكن ليحلم بها. يقول الطرابلسي، الذي يعمل حالياً في مختبر التنوير والحداثة بالمعهد العالي للعلوم الإنسانية لـ"العربي الجديد" إنّ التدريب المتوافر في تونس في علم الاجتماع كلاسيكي، ويرتكز على الدراسات الكيفية (تحليل المحتوى وغير ذلك)، وعندما يتطلب الأمر دراسات كمية (إحصاءات واستمارات وتحليل أرقام ونسب) يجري اللجوء إلى خبراء أجانب أو تونسيين تلقوا تدريباتهم في الخارج، وهكذا يقدم الإضافة لأساتذته أنفسهم.

يتابع الطرابلسي أنّهم بعد عدة دراسات في "عيش تونسي" خلصوا إلى أنّ هناك غياباً كبيراً للثقة ولا يمكن الحديث عن تغيير وسياسات عمومية جديدة في تونس من دون أن يكون الشعب هو الذي يقود التغيير، ولذلك تعمل المبادرة على تقديم بدائل جديدة تشارك التونسيين الفرحة والأمل بعيداً عن الانقسامات الأيديولوجية، فأيّ تونسي من أيّ مكان بإمكانه أن يستعيد الأمل وأن يعمل على كسر الجمود في حياته من خلال المبادرة.



"عيش تونسي" مبادرة شبابية تشجع الشباب على الحلم والإبداع بعيداً عن التشاؤم والإحباط الذي سببته خطابات الطبقة السياسية والعديد من المسؤولين. وبعد نشاطات في ولاية قبلي والساحل التونسي، وصولاً إلى الملاسين وهو أحد الأحياء الفقيرة والمهمشة في العاصمة، تسعى "عيش تونسي" إلى نشاطات كالرقص والغناء والألعاب، والهدف إدخال الفرحة الى القلوب، إذ يتوافد إلى نشاطاتها آلاف التونسيين، وقد تمكنت المبادرة من الوصول إلى مناطق لم يسبق لها تنظيم أيّ نشاطات والتسلل إلى قلوب التونسيين قبل عقولهم.

يؤكد رئيس جمعية "عيش تونسي" سليم بن حسن، لـ"العربي الجديد": "تجد في عيش تونسي الفلاح وأبناء الأحياء الشعبية والطالب والموظف والأستاذ والمثقف والأمّي والفقير والغني فجميع الفئات والشرائح الاجتماعية يمكن أن تنشط فيها، وتشارك في إبداء الرأي". يضيف: "البعض توقع أنّ هذه المبادرة تقودها وجوه معروفة لكنّ كلّ الناشطين فيها وعددهم 500 متطوع تقريباً هم أشخاص من عامة الشعب، وهم موزعون عبر تنسيقيات جهوية في كامل المحافظات التونسية، لكنّ هؤلاء يجمعهم الحلم والرغبة في إعادة الأمل إلى التونسيين".



يؤكد بن حسن، وهو ثلاثيني درس العلوم السياسية في أوروبا، أنّه عندما جاء إلى تونس بعد الثورة، لاحظ لدى العديد من الفئات إحباطاً كبيراً وكماً هائلاً من اليأس وفقدان الثقة في الطبقة السياسية والأحزاب، إذ لا حديث إلا عن الواقع السلبي والتشاؤم وهو ما لا يمثل في الحقيقة التونسي الذي في إمكانه أن يكون مبدعاً وفناناً وعاملاً مجتهداً وموظفاً ناجحاً وطالباً حالماً، كما يقول. يضيف أنّ المشكلة هي في الطبقة السياسية التي للأسف لم تفهم كيفية التعامل مع التونسي ولم تنجح في ملامسة مشاغله الحقيقية فظلت تخاطبه من برجها العالي ما دفع بكثيرين إلى النفور من السياسة، لكنّ "عيش تونسي" خبرت العمل مع التونسيين من خلال زيارات ميدانية لأغلب المحافظات حاولت الاستماع إلى الناس الذين يتحدثون عن مشاغلهم وواقعهم وأحلامهم.

تأسست جمعية "عيش تونسي" رسمياً في مارس/ آذار 2018، لكنّها كمبادرة بدأت نشاطها قبل 5 سنوات، وهي فترة أمضاها المؤسسون، وأغلبهم من الشباب، في العمل الميداني، ثم انطلق العمل بمبادرات وأفكار بسيطة لاقت استحسان التونسيين وذلك من خلال إعلانات تلفزيونية تبث الأمل وتقوي العزيمة، إذ تكرم أشخاصاً ناضلوا من أجل المجتمع، من بينهم من قام بعمل بطولي أو تعرض إلى تمييز بسبب اللون أو الشكل أو الوضع الاجتماعي. وفي خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أطلقت "عيش تونسي" حملة "طيح الحيط باش نرجعو نعيشو" أي اكسر الجدار كي نعود إلى الحياة. من خلال هذا الشعار يجسد متطوعون وهم رجاء وأمين وعبد المجيد وحبيبة ومجدي، ظواهر مجتمعية كالفساد والتحرش الجنسي والبطالة والمعيشة الصعبة، ويطلب عبر صفحة الجمعية على "فيسبوك" التفاعل مع مختلف هذه القصص وسؤال الناس هل تريدونهم أن يعيشوا أم لا؟




حول التمويل، يؤكد بن حسن أنّهم رفضوا تمويلات حزبية أو حكومية أو خارجية، وهكذا فالتمويل هو من شباب تونسيين لديهم مشاريع ناجحة في أفريقيا أو في تونس، ويؤمنون بالمشروع، وبالتالي يساهمون في تمويله لإعادة الحلم إلى التونسيين. ولا يستبعد القائمون على الجمعية أن تتحول في يوم ما إلى حزب سياسي، لكن بتصورات مختلفة عن تلك السائدة اليوم حيث سيكون المشعل بيد الشباب وسيقود التونسيون هم المبادرة ليقرروا مصيرهم بأنفسهم.

دلالات

المساهمون