جمعيات تونسية مهددة

جمعيات تونسية مهددة

13 سبتمبر 2018
تؤمّن الجمعيات للأطفال نشاطات تراعي سلامتهم (تيري تونيل/ Getty)
+ الخط -

يأمل 100 طفل من الأشخاص ذوي الإعاقة، قبولهم في "جمعية التأهيل والإحاطة بالمعوقين عضوياً"، في ولاية بن عروس بالضاحية الجنوبية لتونس العاصمة، لكنّ طاقة استيعاب الجمعية محدودة ولا تخوّلها قبول سوى 45 طفلاً منهم، بحسب رئيس الجمعية، الهادي جنوب.

يقول جنوب، لـ"العربي الجديد"، إنّ الجمعية خيرية، وهي ذات صبغة اجتماعية، وقد تأسست في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2001، وتسعى إلى إخراج الأطفال ذوي الإعاقة من عزلتهم والعناية بهم وتقديم التأهيل اللازم لهم، لكن يترتب على ذلك بقاء كثير من الأطفال في قائمة الانتظار على أمل أن تجري توسعة الجمعية، أو يبنى مركز نموذجي مختص لم يتحقق بعد، بالرغم من تمكنها من الحصول على قطعة أرض منذ نحو 10 سنوات.

الهادي جنوب ويوسف حمو (العربي الجديد) 













لا تعتبر الجمعية الوحيدة في تونس التي تعاني صعوبات مادية وحواجز إدارية تعيق عملها، إذ يبلغ العدد الإجمالي للجمعيات المرخص لها في تونس، حتى 24 فبراير/شباط من العام الجاري، 21.178 جمعية، بحسب إحصائيات أعدها مركز الإعلام والتكوين والدراسات والتوثيق حول الجمعيات "إفادة". ويعتبر العدد، وفق العديد من المراقبين، كبيراً جداً، إذ إنّ 11.547 جمعية من بين العدد الإجمالي تكونت بعد الثورة. تظهر الإحصاءات نفسها، أنّ عدد الجمعيات ذات التخصص الاجتماعي الخيري يبلغ 2385 جمعية، أما الشبابية فهي 377 جمعية، ويبلغ عدد الجمعيات التي تعنى بالطفولة 304، أما الجمعيات العلمية فعددها 1606، والجمعيات ذات النشاط التعليمي والتدريسي فهي 4586 جمعية، أي بنسبة 21.6 بالمائة من مجموع الجمعيات المرخص لها.

تتصدر ولاية تونس ترتيب الولايات في عدد الجمعيات بنسبة 19.89 في المائة، تليها محافظة صفاقس بنسبة 7.95 في المائة. لكن أقلّ النسب هي في الجنوب التونسي، فتطاوين لا تضم أكثر من 2.16 في المائة من الجمعيات، ومدنين 4.53 في المائة. مع ذلك، يعاني العديد منها صعوبات مالية وإدارية.




يعتبر أمين مال "جمعية التأهيل والإحاطة بالمعوقين عضوياً" وأحد الأساتذة المختصين في تعليم الأطفال ذوي الإعاقة، يوسف حمو، أنّ الصعوبات هي في الأساس لوجستية ومادية. يضيف، لـ"العربي الجديد"، أنّه نظراً إلى محدودية عدد الأقسام في الجمعية، فإنّ بناء مركز نموذجي سيحلّ العديد من المشاكل، وسيحسن من نوعية الإحاطة بالأطفال، مثل التربية المختصة، والعلاج الحركي، وتقويم النطق، والرعاية النفسية والطبية، إلى جانب تأمين النقل، لأنّ أغلب الوافدين هم من إقليم تونس الكبرى، وبعضهم من العائلات المعوزة التي لا يمكنها تأمين النقل. يشير إلى أنّ حافلة الجمعية كثيراً ما تتعطل، ما يضطر العديد من الأطفال إلى البقاء في بيوتهم. وكانت الجمعية قد تلقت شاحنة إسعافات هبة من فرنسا عام 2014، ولم تصل إلى الجمعية بعد.

من نشاطات المصائف والجولات (عن فيسبوك) 













بدوره، يلفت الكاتب العام لجمعية "الشبان والعلم"، بدر الدين لسمر، إلى أنّ أنشطتها موجهة إلى الأطفال والشباب، وهي ذات طابع ثقافي وعلمي، لكنّ العديد من النوادي التابعة للجمعية أغلقت أبوابها بسبب صعوبات مالية وغياب المقرات، مبيناً أنّ لديها حالياً 46 نادياً تتوزع في مختلف المحافظات التونسية. يضيف لسمر، لـ"العربي الجديد"، أنّ لدى الجمعية عدة نوادٍ من دون مقرات، بالإضافة إلى المشاكل المادية التي تعاني منها، ما أدى إلى توقف نشاط بعض النوادي الأخرى بالكامل، في حين يعجز بعضها الآخر عن دفع الإيجار. نشاط النوادي يرتكز على التجارب والمختبرات العلمية التي تتطلب تمويلاً. يشير إلى أنّهم يؤازرون جهود العديد من الوزارات كوزارة الشباب والطفولة والمرأة والتربية، ويسعون إلى تدريب الشباب على الحياة المدنية وتمكينهم من ممارسة نشاط في المجال التكنولوجي والعلمي، وفي المقابل لا يلقون دعماً من تلك الوزارات. يوضح أنّ المشكلة عميقة وتتطلب قراراً على المستوى الوطني، فعوضاً عن بقاء بعض الأطفال والشباب في الشارع، فإنّهم يمارسون هوايتهم في النوادي التي توفرها الجمعية، فيتحصل بعضهم على جوائز دولية في الخارج بسبب النشاطات، لكن إن لم تتوفر النوادي فإنّ نشاطهم سيتراجع.




يؤكدّ عضو المنظمة الوطنية التونسية "المصائف والجولات" الموجهة إلى محدودي الدخل، رضا الزعايبي، لـ"العربي الجديد"، أنّهم يستقبلون سنوياً 100 ألف طفل وشاب تقريباً، مبيناً أنّ الطلبات أكبر من هذا العدد، لكنّ الإمكانات المادية ومحدودية الميزانية تحول دون استقبال أعداد إضافية. يتابع أنّ أقل دورة للمصيف تستمر 10 أيام، ما يتطلب توفير الأكل للمشاركين والنقل، خصوصاً أنّ بعضهم يأتي من محافظات بعيدة كتطاوين ومدنين ويجري نقلهم من الجنوب إلى الشمال. يؤكدّ أنّ دور المنظمة التي دأبت على تنظيم مخيمات للأطفال والشباب مهم في حماية الشباب من الانحراف ومن خطر الإرهاب، إذ تعلمهم الاندماج والاتكال على الذات. يشير إلى أنّ الدولة لا تساهم بأيّ منح لدعم نشاطهم، بل إنّ أغلب التمويلات تتأتى من مساهمات المشاركين في النوادي والرحلات، ومن التمويل الذاتي.