زفت

زفت

16 يناير 2018
بدأ العمل... الانتخابي (جوزيف براك/ فرانس برس)
+ الخط -

شارع في مدينة لبنانية عانى طوال سنوات من الحفر وغياب الأرصفة، ينقلب بين ليلة وضحاها بالكامل، إذ تأتي الحفارات والجرافات فتسمح بالتقاط صور تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي لحملة إصلاح شاملة فيه، من مدّ أنابيب صرف صحي وتجهيزات مختلفة بانتظار الزفت (الأسفلت) والأرصفة والإنارة في القريب العاجل.

ما الذي يحصل؟ لماذا هذا الاهتمام المفاجئ؟ هو ببساطة موسم الانتخابات، والمنطقة حيث يقع هذا الشارع فيها ما فيها من تنافس انتخابي يتطلب من القوى المسيطرة تقديم خدمات يشعر فيها المواطن بأنّها تهتم به على عكس الفريق المنافس الذي لن يتمكن من تقديم هذه الخدمات المرتبطة غالباً بالبلديات ومن خلفها الوزارات. لكنّ الجميع مع ذلك يملك المال اللازم حين تحتدم المعركة لشراء الأصوات وتحقيق النصر الانتخابي الموعود.

شارع آخر في مدينة لبنانية على الطرف الآخر من البلاد لم يحظَ بمثل هذا الاهتمام سابقاً ولن يحظى بذلك اليوم. هو طريق رئيسي يصل بين مدينتين رئيسيتين ولطالما عانى من الإهمال الواضح في حفر أكبر وغياب للإنارة وفوضى مختلفة التجليات تؤدي عادة إلى حوادث سير. هذا الشارع تابع لمنطقة محسومة النتائج الانتخابية فلا داعي لاجتذاب أصوات. وحتى الناخبون هناك يلعنون الساعة التي لم ينقلوا فيها سجلهم المدني - الانتخابي عندما كان ذلك ممكناً يوماً ما إلى مكان آخر. ففي بعض المناطق قد يتجاوز سعر الصوت الواحد 500 دولار أميركي، وقد يصل أحياناً إلى ضعفي المبلغ، وهو أمر عادي جداً أن نتحدث عنه بمثل هذا الوضوح.

في لبنان، ينشغل الجميع بالانتخابات. يُفرَض على المواطنين في المنافذ الإخبارية المختلفة أن يطلعوا على أجواء تلك الانتخابات وما يرافقها من قضايا تتخذ طابع الشدّ والجذب اللذين لا ينتهيان حول من معه الحق في هذه القضية أو تلك. ولا شكّ أنّ كلّ مؤيد لزعيم يتخذ طرفه ولا يجد في كلامه إلاّ كلّ قداسة، فهو النبي "وما ينطق عن الهوى".

هناك قانون جديد للانتخابات. الانتخابات نفسها التي أجريت في المرة الأخيرة عام 2009. لكنّ القانون مهما كان شكله ونوعه لا جدوى من الخوض في تفاصيله أساساً.

المسألة بسيطة، فمنظومة الفساد المتحكمة بلبنان ما بين المقاطعجية القدامى ومقاطعجية الحرب الأهلية بمباركة رجال الدين لا تسمح بالتغيير في ظلّ النظام القائم. لذلك، فإنّ الديموقراطية - الكذبة غير مجدية، وبالتالي، فإنّ أيّ قانون انتخابي سيأتي بالوجوه نفسها وبالمحركين وراءهم أنفسهم. وحتى تغيير الوجوه لا يسمح بتغيير العمل الإداري فالبنية نفسها فاسدة.

هذا الكلام ليس رأياً فردياً بل يتجاوز في معظم الأحيان 50 في المائة من الناخبين اللبنانيين ممن لا ينتخبون. لم ينتخبوا سابقاً ولن ينتخبوا اليوم... هذا إذا نظمت الانتخابات فعلاً.

دلالات

المساهمون