الكركرية تثير الجدل في الجزائر

الكركرية تثير الجدل في الجزائر

25 اغسطس 2017
شيخ الطريقة وبعض أتباعه (عن فليكر)
+ الخط -
انتشرت مؤخراً في عدد من مناطق غرب الجزائر طريقة صوفية معروفة باسم الكركرية تحاول نشر أفكارها في عدد من الولايات الجزائرية. تفيد مصادر لـ"العربي الجديد" بأنّ الطريقة الكركرية تنتسب إلى الشيخ محمد فوزي كركري، الذي وُلد في مدينة تمسمان بالمملكة المغربية. وهناك تأسست الطريقة وبدأت في نشر أفكارها.

اللافت أنّ الشيوخ التابعين لهذه الطريقة والمريدين يرتدون ملابس غريبة مزركشة بمختلف الألوان في شكل مربعات، تتمثل في عباءة تجمع ما بين الأحمر والأزرق والأخضر والأصفر والأبيض، ويمكن بذلك تمييزهم عن بقية الطرق. وهي الملابس التي لفتت انتباه الجزائيين في مناطق عديدة بولاية مستغانم (480 كيلومتراً إلى الغرب من الجزائر العاصمة).

ظهر هؤلاء الشيوخ والمريدون في الأيام الأخيرة عقب إعلان عدد من المشايخ والأئمة في هذه الولاية اعتناقهم مبادئ هذه الطريقة وانتماءهم إليها، بعدما اختبروه من "كرامات وأحلام" تدعوهم إلى ذلك. وقال هؤلاء في عدد من تسجيلاتهم بالصوت والصورة إنّهم وجدوا "نور الله في هذه الطريقة"، لافتين أيضاً إلى أنّ الطريقة الكركرية تنتسب إلى الملاك جبرائيل في الأساس.

في المقابل، يحذّر المستشار السابق في وزارة الشؤون الدينية الجزائرية، عبده فلاحي، من انتشار هذه الطريقة في الأوساط الجزائرية، معلناً تحفّظه عليها. ويستغرب من وجودها في منطقة مستغانم المعروفة بانتشار الطريقة القادرية، كما يتساءل عن "سرّ استيرادها من المغرب" على حدّ تعبيره.

يدعو فلاحي، وزير الشؤون الدينية الجزائري، إلى التدخل ومنع انتشار هذه الطريقة و"التعاطي معها بحذر"، لاعتبار "استيرادها من المغرب" يطرح علامة استفهام كبيرة بحكم العلاقات بين البلدين التي ما زالت "متوترة منذ سنوات" كما يقول.

ظهور الطريقة الكركرية في هذا التوقيت بالذات وفي منطقة الغرب الجزائري في حد ذاته، مثير للشكوك، بحسب فلاحي. يشير إلى تحفظه كذلك على مسألة البيعة "التي أطلقها عشرات الأئمة الجزائريين لهذه الطريقة الصوفية، ومباشرتهم نشرها في ربوع الولايات، فالبيعة معناها أنّهم سلّموا أمرهم لقائدهم الذي يمكن أن يهدد أمن البلاد، خصوصاً إن كان من الخارج". يعلل ذلك بالقول إنّ من "الجماعات السياسية أو الدينية التي لديها أجنداتها ومرجعياتها خارج الوطن".

يضيف فلاحي أنّ ظهور هذه الطريقة يستدعي تدخل السلطات العليا في البلاد، سواء أكانت السياسية أو الأمنية. ويلفت إلى أنّ المجتمع الجزائري تهدده الكثير من الطوائف التي تستدرج العقول بـ"أفكار تهدد بتفتيت نسيجه المجتمعي ومعتقداته الدينية".

على الصعيد الشعبي، يعتبر البعض انتشار الطريقة "مجرد مزحة"، بينما يدخلها غيره في خانة "الجهل العام في المجتمع" أو بشكل أدق "تجهيل المجتمع"، كما يقول الأستاذ الجامعي في علم الاجتماع الديني، رضوان العلمي. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ هذه الطريقة ستجرف معها عشرات الجزائريين نحو القيام بطقوس "غريبة عن مجتمعنا الجزائري الموحد". يضيف أنّ الطرق الصوفية المعروفة في الجزائر تجاوز عددها الثلاثين، أهمها "القادرية والتيجانية والشاذلية والرحمانية والقاديانية والعيسوية والسنوسية". ويوضح أنّه متخوف من انتشار هذه الطريقة بسبب ما أسماه "جرأتهم في أداء الطقوس والإعلان عنها على الملأ ودعوة الأئمة إلى الانضمام إليها في العلن ومن دون رادع".

من جهتها، تقول مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إنّ السلطات الأمنية في مدينة مستغانم فتحت تحقيقاً أمنياً حول القضية أمام مروجي هذه الأفكار وخلفياتهم السياسية، خصوصاً أنّها تزامنت مع الحرب التي شنتها الحكومة الجزائرية على الطائفة الأحمدية "التي انتشرت بطقوسها في عدد من المناطق وفتحت فروعاً لنشر تعاليمها".

اللافت أنّ الطريقة الكركرية أشعلت وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً موقع فيسبوك، من خلال الصور التي نشرها البعض في حساباتهم، معلنين تهكمهم من الملابس ومن اسم الطريقة، فقد راح البعض يربطها بكلمة "كركري" باللهجة الجزائرية، أي "اسحبي"، وهي التي قالها رئيس الوزراء الجزائري الأسبق، عبد المالك سلاّل، خلال الحملة الانتخابية، متوجهاً إلى النساء تحديداً أن "يكركرن أزواجهن إلى مراكز الاقتراع". ويقول الناشط يوسف زحالي إنّ "الطريقة الكركرية هي نتيجة لكركرة سلاّل الشعب الجزائري". كذلك، شبّه البعض ملابس أتباع الطريقة بألوان التلفزيون الجزائري في الثمانينيات، قبل ابتداء البث اليومي للقناة الرسمية.