مسجد هبط من السماء

مسجد هبط من السماء

18 يوليو 2015
يزعمون بأنه نزل على شاطئ المحيط الأطلسي (العربي الجديد)
+ الخط -

يعتقد عدد كبير من السنغاليين أن "المسجد الرباني" الذي يقع على المحيط الأطلسي، نزل من السماء، ليلة جمعة، في أواخر يونيو/ حزيران من عام 1973. وعلى الرغم من صعوبة تصديق ما تقوله الأسطورة، إلا أن أهل البلاد يعتقدون أنها واقعة حقيقية، تماماً مثلما يصدّقون غيرها من البدع التي تؤثر سلباً على تديّنهم.

ويمارس السنغاليون طقوساً غريبة مثل تقديس الشيوخ، وترديد ابتهالات خاصة وتقديم قرابين، الأمر الذي جعل تصوّف الشعب السنغالي وزهده محلّ جدال كبير، على الرغم من الدور الذي يؤدّيه التصوّف في تشبّث السنغاليين بالإسلام.

وقد افتتن الأفارقة بهذا المسجد الذي يزعم السنغاليون أنه نزل من السماء على شاطئ المحيط الأطلسي، وراح يقصده سيّاح من مختلف الدول الأفريقية، كانت قد أثارتهم أسطورته. هم يزورونه، أيضاً، للتمتّع بجماليّة عمارته ودقّة زينته.

عمارة جميلة

يحرص السيّاح على التقاط صور لهم بالقرب من واجهة المسجد الرباني أو "أوكاما" كما يسمّيه السكان المحليون. هنا وُضعت لافتة باللغتين العربية والفرنسية، تقول إن المسجد "نزل من السماء". ويقول الباحث المتخصص في الطرق الصوفية، سعيد ولد محمد السالك، في حديث إلى "العربي الجديد"، إن "هذه اللافتة توثّق ما يعتقد السنغاليون أنه تاريخ نزول المسجد من السماء، وسط صمت السلطات التي لم تتحرك لإزالة هذه اللافتة التي تحوّل الشائعات حقيقة".

ويشير إلى أن "معظم مرتادي المسجد يحرصون على ارتداء ملابس باللونَين الأبيض والأخضر، ويؤدّون طقوساً خاصة للتبرّك بهذا المسجد". مضيفاً أن "القائمين عليه يرفضون التشكيك في ما يعتقدون أنه حقيقة نزول المسجد من السماء. كذلك يرفضون قيام دعاة وخطباء من الدول العربية بإلقاء خطب تدحض ما يعتقده الناس عن هذا المسجد".

ويوضح ولد محمد السالك أن "أبرز ما يميّز المسجد هو زخرفته وعمارته اللتان تجمعان بين الذوق الأفريقي والعمارة الإسلامية. وكانت جدرانه قد زيّنت بفسيفساء جميلة تجمع بين البساطة والذوق الجميل، فيما القباب والأقواس تعكس الطابع المعمار الأفريقي".

بالنسبة إلى الباحث، "مثل هذه الأساطير المنتشرة في أفريقيا والتي تضفي على بعض الأماكن التاريخية والدينية قدسيّة مزيّفة، تؤثر سلباً على المعنى الدلالي للصوفية في أفريقيا التي تسعى إلى تقديم نموذج أوسع عن البعد الروحي للإسلام، وترسيخ الدين الإسلامي في الدول الأفريقية". ويلفت إلى أن عمليات توسيع طاولت المسجد، أخيراً، بهدف استقبال المصلين الذين تتضاعف أعدادهم في شهر رمضان. وكثيرون هم السنغاليون الذين يحرصون على أداء الصلوات في هذا المسجد الذي أصبح يتّسع لعدد يتراوح ما بين 800 و1100 مصلّ.

مسجد بجرس

إلى "أوكاما"، يأتي المسجد الكبير في مدينة سان لوي شمال السنغال، التي كانت عاصمة البلاد في عهد الاستعمار الفرنسي المتميّزة بمعالمها التي تعود إلى تلك الحقبة. وكان السنغاليون قد خاضوا صراعاً ضد الفرنسيين من أجل بناء مسجد كبير يتسع لسكان المدينة. حينها، اشترط الفرنسيون ألا يرفع الأذان في المسجد، وأن يكون النداء إلى الصلاة بواسطة جرس، فقبل السنغاليون - المغلوب على أمرهم - ذلك. تجدر الإشارة إلى أن عمليّة بناء المسجد كانت قد بدأت في عام 1838، لتنتهي في عام 1847.

حتى يومنا هذا، ما زالت مئذنة المسجد الكبير تضمّ جرساً وساعة، وهو ما دفع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونسكو" الى إدراجها على قائمة التراث العالمي.

تجدر الإشارة إلى أن نحو 95% من سكان السنغال البالغ عددهم 13 مليون نسمة يدينون بالإسلام، إلا أنهم يتبعون طرقاً صوفية عدّة، من أبرزها "التجانية" و"القادرية" و"المريدية".

الجرس للتنبيه.. فقط

ثمّة روايات تشكك في موضوع الدعوة إلى الصلاة عبر جرس، وتشير إلى أن سبب وجود جرس عند مئذنة الجامع الكبير في سان لوي، يعود إلى تأثر السكان بالمسيحية. وتوضح أن الجرس كان يستعمل فقط للتنبيه إلى وقت الصلاة، ولم يكن يقرع كبديل للأذان. وتشير الروايات التاريخية إلى أن الضغط الشعبي دفع بالمستعمر الفرنسي إلى الموافقة على بناء مسجد في داخل المدينة، بعدما كان يفضّل أن يكون في خارجها.

اقرأ أيضاً: حكام العالم يستعينون بمشايخ التجانيّة