مريض "ألزهايمر" لكل 120 ألف عائلة جزائرية

مريض "ألزهايمر" لكل 120 ألف عائلة جزائرية

03 ابريل 2017
120 ألف مصاب بداء "ألزهايمر" في الجزائر (Getty)
+ الخط -

"مؤلم أنه لا يعرفنا. لكن المهم أننا نعرفه". هكذا يعبّر الجزائري إبراهيم ساولي (37 سنة)، عن أزمة والده الصحية منذ أصيب بداء "ألزهايمر" قبل 5 سنوات، وصار لا يعرف أحدا من أولاده ولا زوجته.


يضيف الابن لـ"العربي الجديد": "إنها حياة أخرى. أبي لا يعرفنا. إن كلمناه ينادينا بأسماء أخرى، وغالبا ما يغادر المنزل فجأة، فتبدأ رحلة البحث عنه. كم هو مؤلم أن ترى والدك لا يعرفك بعد أن نسي كل شيء عن حياته السابقة. وكم هو مؤلم أننا لم نكتشف إلا متأخرا سبب هذا الأمر".
ويصيب داء "فقدان الذاكرة" أو "ألزهايمر" آلاف الجزائريين، وخصوصا كبار السن، لكن الداء لا يمكن تشخيصه ببساطة، بحسب كثير ممن يعايشون مصابين، فيعيش المريض حالة غربة مع محيطه.

ويقول الطبيب المتخصص في الأمراض العصبية، عبد الرحمن جلول، لـ"العربي الجديد"، إن "مرض ألزهايمر يجعل المصاب غريبا عن كل شيء، لأن ذاكرته عاجزة. ينسى متى ولد ومتى تزوج، وهل توفيت زوجته أم لا، بل يكون الكلام عبارة عن تكرار دائم لأسئلة كثيرة قد يعيدها على مختلف الأشخاص من حوله، وهو غير واع إلى أنه طرح السؤال مرات ومرات وتلقى الإجابة عنه".

ويؤثر "ألزهايمر" على المريض كما يؤثر على العائلة، لأن رعاية المريض تكون غاية في الصعوبة، وخصوصا أن المعاناة تصل إلى حد نسيان أولاده والأمكنة التي ترعرع فيها. وبحسب تصريحات متفرقة لكثيرين يعيشون المعاناة مع مرضى في عائلاتهم، فبعض المرضى يكرر الأسئلة فقط، وبعضهم يلزم الصمت، وهناك من يتحول إلى شخص عدواني.

كان السيد بوعلام (76 سنة)، أحد الأشخاص المعروفين في منطقة باب الوادي بالعاصمة الجزائرية، كان يستشار في كل كبيرة وصغيرة، ويحترمه الكبير قبل الصغير، وله هيبته وسط العائلة، لكن "ألزهايمر" محا كل هذا وجعله مثل الطفل الصغير، حسب قول صديقه نورالدين، لـ"العربي الجديد".
ويقول ابنه البكر، محمد: "والدي لا يتذكر أسماءنا. بات لا يعرفنا منذ مدة تزيد عن سبع سنوات. وقتها كان عمره 63 سنة، أصيب بالمرض فعرضناه على أحسن الأطباء بالعاصمة، لكن دون جدوى. أصبحنا نخاف عليه لأنه صار يتصرف مثل الأطفال الصغار".
ويضيف أنه "قبل أيام خرج من البيت دون أن ينتبه إليه أحد، وأغمي عليه في الشارع، ولولا عناصر الشرطة الذين نقلوه إلى المستشفى لدهسته الشاحنات في الشارع الكبير، فلم يكن يعرف ماذا يفعل".

وتعيش عائلات كثيرة المعاناة في صمت، بينما بعض المرضى لا يجدون من يرعاهم، وخصوصا أن كثيرين يشتكون من غلاء الأدوية، كما أن تدهور الظروف الاقتصادية لبعض العائلات لا يسمح بالعلاج، وهو ما حدث مع "سعيدة" التي تقبع اليوم في أحد مراكز الشيخوخة بالعاصمة الجزائرية.

وتقول المتخصصة الاجتماعية، هاجر لعبيدي، لـ"العربي الجديد"، إن الأهم بالنسبة لمرضى فقدان الذاكرة هو إيجاد محيط يتكفل بهم طيلة فترة مرضهم، خصوصا من الأسرة، "يجب أن نخلق للمريض جوا بإمكانه أن يواصل فيه حياته، وللعائلة دور كبير في أن يستمر المريض حيا".

وبالأرقام، وصل عدد المصابين بالداء إلى أكثر من 120 ألف جزائري، لكن نسبة كبيرة منهم تم اكتشاف إصابتهم في فترة متقدمة من المرض تصعب معها معالجتهم، بحسب المتخصصة في طب الأعصاب، نورة بودهان، التي قالت لـ"العربي الجديد"، إن "عدد الإصابات المعروفة مرتفع لكنه لا يكشف الرقم الحقيقي لعدد الحالات في الجزائر، ولا سيما أن نسبة كبيرة من عائلات المرضى لا تخضع مرضاها للعلاج بسبب جهلها بالمرض أو اليأس بخصوص علاجهم".

المساهمون