"ذبح" طلاب الأردن مستمر

"ذبح" طلاب الأردن مستمر

24 مارس 2017
تصعّد حملة "ذبحتونا" احتجاجاتها (صلاح ملكاوي/ الأناضول)
+ الخط -
لا يبدو صدر جامعات الأردن، رسمية وخاصة، رحباً بأيّ احتجاج من الطلاب على الرسوم المرتفعة، بل تنزل بهم عقوبات قاسية

في الثامن من مارس/ آذار الجاري، أصدرت اللجنة التأديبية في كلية الهندسة التكنولوجية (بوليتكنيك) التابعة لجامعة البلقاء التطبيقية (حكومية) في الأردن، قراراً بفصل الطالب محمد الغول للفصل الدراسي الحالي وحرمانه من تسجيل الفصل الصيفي، على خلفية تواجده على مقربة من اعتصام طلابي يرفض رفع الرسوم الجامعية.

الطالب الذي يتابع سنته الجامعية الثالثة يرفض العقوبة التي يصفها بالمجحفة، فهي ستعرقل تخرجه من الجامعة في الموعد المحدد، كما تسبب له خسارة مالية فادحة، تبلغ 1200 دينار أردني (نحو 1700 دولار أميركي) هي قيمة رسوم الفصل الدراسي الحالي الذي فصل منه.
قضية الغول تعود إلى 25 فبراير/ شباط الماضي، عندما نظمت "الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة (ذبحتونا)" اعتصاماً خارج أسوار الكلية للاحتجاج على قرار إدارة جامعة البلقاء التطبيقية رفع رسوم الدبلوم في كلّ الاختصاصات الهندسية التابعة للجامعة بنسبة 400 في المائة.

يقول الغول: "في يوم الاعتصام جرت مشاجرة طلابية داخل الحرم الجامعي، استخدمت فيها العصي والحجارة وأطلقت خلالها أعيرة نارية، وهو ما دفعني إلى مغادرة الحرم الجامعي. ولحظة خروجي وجدت الاعتصام الرافض لرفع الرسوم ووقفت مع المشاركين بضع دقائق". يؤكد الغول: "لم أحمل لافتة ولم أكن من منظمي الاعتصام. شاركت بشكل عادي... والحدث كان خارج الحرم الجامعي أساساً". كلّ ذلك لم يمنع استدعاء إدارة الكلية الغول في اليوم التالي، للتحقيق معه حول الاعتصام، فأصدرت بعدها العقوبة القاسية في حقه.

ما يثير استغراب الشاب أنّه الوحيد الذي حصل على عقوبة على خلفية الاعتصام، وما يزيد من استغرابه أكثر أنّ المتورطين في المشاجرة الطلابية تلك لم توجّه إليهم أيّ عقوبات بالفصل على غرار ما حدث معه، وكانت أقسى عقوباتهم الإنذار.

قضية الغول، الأخيرة في "مسيرة التضييق على الحريات الطلابية" كما يعتبر البعض، سبقها العديد من القضايا المماثلة التي تعرض فيها الطلاب إلى عقوبات قاسية على خلفية اتهامهم بالمشاركة في عمل سياسي داخل الجامعة، أو التعبير عن آرائهم الرافضة للسياسات الجامعية، حتى لو عبروا عن تلك الآراء عبر حساباتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.


توثق سجلات العقوبات في الجامعات الأردنية عشرات الحالات المماثلة، فقد سبق للكلية نفسها إنزال عقوبة الإنذار النهائي في حق طالب لكتابته منشوراً على "فيسبوك" انتقد فيه عضو هيئة تدريسية، وقالت إدارة الكلية إنّ ما ورد في المنشور يرتقي إلى مستوى التشهير.

كذلك، فصلت جامعة الزرقاء (خاصة)، نهاية العام الماضي، طالباً لارتدائه قميصاً يحمل عبارة "غاز العدو احتلال". العبارة ارتأت الجامعة أنّها تمس أمنها. وقبل ذلك فصلت الجامعة الهاشمية (حكومية) طالباً ناشطاً في العمل الطلابي بعدما أدانته بقائمة طويلة من المخالفات تتمحور كلها حول النشاط المعارض لتوجهات رفع الرسوم، ومحاولات تحقيق مكتسبات للطلاب، لكنّها أعمال رأت الجامعة أنّها تسيء إلى سمعتها.

تردّ إدارات الجامعات في كلّ مرة أنّ العقوبات تأتي تطبيقاً للقوانين والأنظمة الجامعية، وتنفي أيّ خلفيات سياسية وراء العقوبات التي تنزلها بالطلاب.

لكنّ الغول يعتقد أنّ العقوبة التي صدرت في حقه "محاولة لإغلاق أفواه الطلاب، لمنعهم عن الدفاع عن قضاياهم". يقول: "الجامعة أرادت أن تبعث رسالة إلى كلّ من يرفع صوته معارضاً للسياسات الجامعية التي تلحق ضرراً بالطلاب. كنت الضحية من دون أن تنظر الجامعة إلى سجلي الخالي من أيّ عقوبات، وإلى تحصيلي الأكاديمي المتفوق".

منسق حملة "ذبحتونا" فاخر دعاس لا يفصل العقوبة التي تعرض لها الغول عن سياق التوجهات الحكومية الرسمية على الصعيد العام أو على الصعيد الطلابي. يشير إلى أنّ تشديد الإجراءات والعقوبات بحق الطلاب الناشطين يأتي في سياق توجه حكومي لتنفيذ استراتيجية تهدف إلى رفع يد الدولة عن الجامعات بالمطلق، وما يصاحب ذلك من زيادة في رسوم الدراسة.

يتوقع دعاس المزيد من العقوبات في حق الطلاب والتضييق على نشاطاتهم في الفترة المقبلة: "تهدف الحكومة وإدارات الجامعات إلى ضبط إيقاع الحركة الطلابية لتتناغم مع سياسات الجامعات. تسارع الجامعات الرسمية إلى المزيد من الرسوم المرتفعة، وتسابقها الجامعات الخاصة في هذا الإطار. يصاحب ذلك تصاعد في تشديد قبضة الجامعات على الحركة الطلابية خصوصاً، والعمل الطلابي والسياسي داخل الجامعات عموماً".

المساهمون