صفحة جديدة من التهجير العكسي في العراق

صفحة جديدة من التهجير العكسي في العراق

08 نوفمبر 2017
نازحون من جرف الصخر(Getty)
+ الخط -



لم تقف معاناة أبو سلام عند التهجير القسري على يد تنظيم "داعش" الإرهابي، بل إنّه يتذوق كل يوم صنفاً جديداً من التهجير والمعاناة؛ فما إن تحررت منطقته حتى أصبح ممنوعاً من دخولها بقرار سياسي، في حين أنه يعاني اليوم من النزوح العكسي تحت قوة سلاح الحكومة.

ويروي أبو سلام، قصته لـ"العربي الجديد"، وما عاشه من ويلات وصنوف النزوح المختلفة، ويقول "هجرنا من منازلنا بمنطقة جرف الصخر بمحافظة بابل، وكان التهجير بسبب دخول "داعش"، وهو عدو للإنسانية جمعاء. تركنا محافظتنا وتنقلنا في عدة مناطق، واستقر بنا المطاف في البصرة التي لنا أقارب فيها أعانونا على مصاعب الحياة".

ويضيف "ما إن تحررت مناطقنا حتى تهيأنا للعودة إليها، لكن الواقع كان أشد علينا من التهجير، فبعد سيطرة مليشيات "الحشد الشعبي" على منطقتنا، أصدرت قوائم بأسماء أغلب الأهالي باعتبارهم مطلوبين للقضاء، وعلى الرغم من أن اسمي لمن يكن ضمن قوائم المطلوبين، إلا أنني لم أستطع العودة، بسبب منعنا من قبل "الحشد" التي سيطرت حتى على منزلي وجعلته مقرا لها".

يتابع قائلاً "حاولنا وتحركنا وناشدنا الجهات المسؤولة لتقف إلى جانبنا، لكن لم يستجب أحد، حتى أصدرت محافظة بابل قراراً باعتقال كل من يدعو لعودة أهالي جرف الصخر"، مضيفاً "تقبلنا هذه الصدمة الحكومية، وبقينا في مناطق النزوح، لكن بقاءنا اليوم أصبح خطيرا جدا".

كما يقول "حكومة البصرة منعتنا اليوم من البقاء على أرضها، وستخرجنا بالقوة منها"، مشيرا إلى أنّ "الظلم الحكومي ممكن ومؤلم، وكذلك استخدام القوة والسلاح الحكومي لإخراجنا من البصرة"، معتبراً أن ذلك "يعني إخراجنا من العراق، مناطقنا ومنازلنا منعنا من العودة إليها، ومحافظات العراق تمنعنا من الدخول، فأين نذهب"؟

وفي السياق، يوضح مسؤول في وزارة الهجرة العراقية، لـ"العربي الجديد"، أنه"لا يوجد أي دور للوزارة لمساندة ودعم المهجرين والنازحين في البلاد"، مبينا أنّ "القرار المتعلق بهم هو قرار سياسي، تتحكم به جهات سياسية لا أحد يستطيع الوقوف بوجهها".


ويشير إلى أن "شكاوى وردتنا من النازحين عن منعهم من العودة، وإجبارهم على الخروج من مناطق النزوح بقرارات من الحكومات المحلية للمناطق التي نزحوا إليها، لكن الوزارة لم تستطع أن تحرك ساكنا"، داعياً الحكومة الى "أخذ دورها بهذا الملف".

من جهتها، دعت عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية، وحدة الجميلي، الحكومة إلى "عدم إجبار النازحين على العودة إلى مناطقهم".

وقالت الجميلي، في بيان صحافي، إنّ "ما ذهبت إليه السلطة المحلية في محافظات البصرة وصلاح الدين وما انتهجته من ضغط وإجبار للعوائل النازحة بالعودة الى المحافظات التي نزحوا منها، أمر غير مقبول"، مبينة أنّ "النازحين لا يريدون العودة الجبرية إلى مناطقهم، لعدم تحريرها بالكامل، إضافة إلى عدم توفير الضمانات لحمايتهم من العنف ومن المصير المجهول الذي ينتظرهم في محافظاتهم".

وأضافت أنّ "العودة يجب أن تكون طوعية، وبما أنّ العراق وقع جميع الاتفاقات التي تضمن المبادئ التوجيهية بشأن النزوح الداخلي المستوحاة من القانون الدولي المتعلق بحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، أصبح لزاماً على الحكومة ألا تجبر النازحين على العودة وأن تكون عودتهم طوعية بعد أن تتوفر لهم كل متطلبات الكرامة الإنسانية".

وطالبت الحكومة بـ"توفير الحماية من النزوح التعسفي، والحماية والمساعدة أثناء النزوح، وتوفير الضمانات للازمة للعودة أو التوطين البديل وإعادة الاندماج".

وأشارت إلى "وجود مناطق حررت بالكامل لكن لم يسمح لأهلها بالعودة إليها، لأسباب سياسية، مثل مناطق جرف الصخر".

يذكر أنّ ملايين النازحين ما زالوا خارج منازلهم منذ نحو ثلاث سنوات، في وقت تتجاهل الحكومة والمنظمات الدولية معاناتهم التي تتزايد يوميا، ولم تتخذ أي قرار يسهل عودتهم إلى مناطقهم المحررة أو ضمان الحياة الكريمة لهم في المناطق التي نزحوا إليها.



المساهمون