"إف. بي. آي" يستجوب المسلمين ويثير مخاوفهم

"إف. بي. آي" يستجوب المسلمين ويثير مخاوفهم

17 يناير 2017
مخاوف وقلق في أوساط المسلمين الأميركيين (محمد الشامي/الأناضول)
+ الخط -



كان يوم الجمعة الذي سبق موعد الانتخابات الأميركية عندما سمع أحمد طرقاً على باب منزله الذي يقطنه مع عائلته في ولاية تكساس. وجد عند الباب رجلين بثياب غير رسمية وقالا إنهما من مكتب التحقيقات الفيدرالي.

أحمد وهو طبيب لم يتفاجأ بزيارة العميلين فقط، وإنما شعر بالخوف. وقال لصحيفة "الغارديان": "لم أكن أعرف حقوقي، هل أطلب منهما العودة لاحقاً أم أرفض الحديث معهما".

ويعد أحمد واحداً من 109 أشخاص ممن اتصلوا بمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية "Cair" للتبليغ أن عناصر من "أف بي آي" زاروهم قبل أيام من الانتخابات الرئاسية.

وبالطبع أثار فوز دونالد ترامب لاحقاً المخاوف من زيادة المراقبة على المجتمع المسلم في الولايات المتحدة، إضافة إلى عدم قبول المسلمين.

المديرة التنفيذية لفرع "Cair" في دالاس، علياء سالم، قالت: "بدأنا نرى أشخاصاً متخوّفين وكأنهم فقدوا الأمل بالغد".

أخبر العميلان الطبيب أحمد أن لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي معلومات عن هجوم إرهابي محتمل في يوم الانتخابات بعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة فاروق القحطاني بغارة جوية أميركية في أفغانستان في أكتوبر/تشرين الأول 2016، وأنهما يريدان طرح بعض الأسئلة عليه.

بقي العميلان في منزل أحمد نحو 45 دقيقة. وأحمد مواطن أميركي الجنسية باكستاني المولد، وزار بلده مرات عدة في السنوات العشر الأخيرة.

تشعبت الأسئلة حتى طاولت أدق تفاصيل حياته لمعرفة المزيد عنه وعن عائلته. كما سألاه عن تبرعاته الخيرية وهواياته، إلى حدّ أن مسألة "القاعدة" وزعيمها القحطاني تلاشت خلال استجوابهما.

علياء سالم تشير إلى أنها نشرت فيديو على "تويتر" يحذر المسلمين وينبّههم إلى حقوقهم في حال اعترضهم عناصر من "أف بي آي" بعد أن تلقى مكتبها مكالمات عدة بهذا الشأن.

الفيديو انتشر على نطاق واسع، وتبين على أثره من خلال الاتصالات بالمكتب أن عشرات الأمثلة الشبيهة بتجربة أحمد حدثت قبل الانتخابات.

المدير التنفيذي لـ"Cair" في فلوريدا، حسن شبلي، تلقى بدوره سلسلة من الاتصالات أكثرها من باكستانيين وأفغان، ومعظمهم أطباء، عن زيارات عملاء من "أف بي آي" لهم.

مناهضون لشعارات ترامب ضد المسلمين (لاري فرنش/Getty) 

وقال شبلي: "اكتشفنا أن الحملة واسعة، ببساطة كانت تستهدف الناس على أساس دينهم وعرقهم"، مضيفاً أن حصول الحملة قبل الانتخابات أضعف إقبال الناخبين على المشاركة والتصويت.

شبلي أوضح أنه تلقى نحو 12 اتصالاً من مسلمين بهذا الخصوص، في حين أشارت سالم إلى تلقي مكتبها نحو 220 اتصالاً من أشخاص أغلبهم من شرق آسيا ومن أفغانستان، تراوح أعمارهم بن 18 و60 عاماً، وكثير منهم من ذوي الاختصاص، وبعضهم ثبتوا أوضاعهم القانونية كمهاجرين أخيراً.

وكيل مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق، مايك جيرمان، اعتبر "أن الفكرة التي تصرف بها مكتب التحقيقات الفيدرالي قبل أيام من الانتخابات الرئيسية تثير الدهشة قليلاً"، مضيفاً "عندما تتوفر معلومات بأن تهديداً محتملاً للانتخابات، واستهداف مجموعات وفق اعتقادها الديني تحديداً، أعتقد أن ذلك غير مناسب تماماً".

مع العلم أن معلومات انتشرت في ولايات أميركية عدة تشير إلى أن المعلومات المتوفرة ليست محددة أو دقيقة.

وتابع "عندما يكون لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي تحقيق ما فالبحث يجري عن أجزاء محددة جدا من اللغز، ويعتقد المحققون أن المقابلات والاستجوابات تكشف لهم ذلك، ولكن ما يبدو هو مغاير لما يحدث".

وإن التكتيك المتبع من المحققين، والذي يستخدم عادة ضد الناشطين السياسيين، أو جماعات الجريمة المنظمة، هو الذي جعل الأشخاص يدركون بأنهم تحت المراقبة.

أحمد قال عن زيارة المحققين لـ"الغارديان": "نحن أشخاص نود جيراننا، أطفالي يلعبون مع أطفالهم. لكن تلك الزيارة أثارت في نفسي الكثير من الأسئلة"، مضيفاً "أصابوني بالخوف والهلع بالتأكيد، وتركوني عاجزاً عن الكلام".

وأثيرت لدى أحمد تساؤلات عمّا إذا كان أحد زملائه في العمل، أو أحد جيرانه أوعز لمكتب التحقيقات بأي شيء عنه. تلك الزيارة خلقت لديه جملة من الشكوك وجعلته ربما شخصاً آخر.



(العربي الجديد)