مدرسون في حرستا... محققون ووشاة لصالح النظام السوري

مدرسون في حرستا... محققون ووشاة لصالح النظام السوري

11 يناير 2017
استغلال طلبة المدارس لجمع المعلومات (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -
لن يحفظ التاريخ للنظام السوري أنه صانع البراميل وحسب، إذ حقق أكثر من "سَبْقٍ" في المجالات العسكرية والأمنية عندما تعلّق الأمر بالتعامل مع المدنيين، أو حتى إعادة صياغة العلاقة بهم تحت مظلته.

ولعل قابلية أي فرد في المجتمع للتحول إلى عنصر مخابرات أو محقق مثال على أحد معالم هذا النظام وتأثيراته. ففي إحدى رياض الأطفال في مدينة حرستا بريف دمشق جرى في الواقع ما قد يستعصي نسجه في المخيلة القصصية، إذْ تعرض بعض أهالي الأطفال إلى الاعتقال بسبب إحدى المعلمات.

وفي التفاصيل التي روَتها، أم عبد الله، لـ "العربي الجديد"، لجأت المعلمة رحاب. م (30 عاماً) من سكان حرستا إلى أسلوب لا يخطر على بال للإيقاع بالأهالي من خلال أبنائهم. إذ رسمت خلال إحدى الحصص بندقية ومسدساً على السبورة، وبدأت بتوجيه أسئلة إلى الأطفال: "ما هذا؟ من يملك منكم مثله في منزله؟".

تقول أم عبد الله: "اتبعت المعلمة أسلوبها الخاص لتودي بزوجي وابني في السجن. وبما أن الأطفال لا يعلمون ما تخفيه معلمتهم راحوا يجيبون جميعاً بعفوية (فرد وبارودة...)، خصوصاً أن هذه الأسلحة المعروفة باتت حاضرة في الأذهان أكثر مع تطورات الأوضاع في سورية عبر سنوات الثورة". وأضافت "تهافت الأطفال على الإدلاء بما لديهم دون أن يدركوا خطورة ما يحاك لهم، فمنهم من أجاب: والدي لديه سلاح، ومنهم من قال: أخي".

وتحفيزاً من المعلمة للأطفال على الإجابة وعدتهم بلصق "نجمة" على جبين الطفل الذي يجيب، فتسابقوا للحصول على النجمة، حتى من لديه ألعاب على شكل أسلحة في المنزل أجاب أيضاً في غمرة السعي لنيل "الجائزة".





وتتابع أم عبد الله: "بعد إجابة الأطفال على الأسئلة دخلَ رجال الأمن إلى الصف، وبدأت المعلمة تشير نحو كل من يحمل نجمه على جبينه بأن لديه في بيته أسلحة، وبدورهم اصطحب رجال الأمن الأطفال "أصحاب النجوم" إلى بيوتهم وفتشوها واعتقلوا الأهالي. ليبلغ عدد من اعتقلوا إثر ذلك أكثر من 50 شخصاً".

وأكدت "منذ ذلك الحين لم يَعُد زوجي وابني، ولم نستطع تقديم شكوى ضد المعلمة الواشية فهي بحماية النظام. علينا تحمّل ما يجري. أوجاعنا تقهرنا وما باليد حيلة".

لكن ما جرى في روضة أطفال لم يكن استثناءً، إذ شهد المعهد التجاري المتوسط في حرستا حالة مماثلة. إذ أبلغ أستاذ يدعى لؤي قوات الأمن التابعة للنظام السوري عن الطلاب الذين يرسبون في موادهم عمداً بهدف تأجيل خدمتهم الإلزامية.

وقالت والدة أحد الطلاب وتدعى فدوى سليمان لـ "العربي الجديد": "ابني يبلغ من العمر عشرين عاماً. كان طالباً في السنة الثانية في المعهد، ولم يتقدّم للامتحان، بل كان يغيب كي يحمل المواد لتأجيل خدمة العلم. لكن الأستاذ بلّغَ عن كل طالب يحمل مواد حتى يساقوا للخدمة الإلزامية".

وتابعت سليمان: "لم يَعُد هناك أمل لدى الشباب بالتخرج والعمل والاستقرار، بل أصبحوا يلجأون إلى الرسوب في موادهم ليبقوا تحت مسمى طالب".

لا شك أن هاتين الحالتين اللتين حدثتا في حرستا هما غيض من فيض. فمسلسل التجنيد ينطوي على وقائع تفصيلية تبيّن بعضاً من أعراض التحوّلات التي دمغ بها النظام السوري مكونات هذا المجتمع.


المساهمون