تأهب في تونس تحسّباً لفيضانات أخرى

تأهب في تونس تحسّباً لفيضانات أخرى

25 سبتمبر 2016
تم إجلاء تلاميذ حاصرتهم المياه (العربي الجديد)
+ الخط -
تعيش العاصمة التونسية والعديد من المحافظات، حالة تأهب قصوى تحسباً لهطول كميات كبيرة من الأمطار، ما قد يتسبب في فيضانات مثلما حصل منذ يومين، وكانت سيول المياه القوية قد جرفت طفلاً يبلغ من العمر 10 أعوام، وتم إجلاء عدد من العائلات والأطفال بسوسة والمنستير وتونس العاصمة حوصروا في الأحياء، وغمرت مياه الأمطار بيوتهم بعد أن تجاوز علوها متراً ونصف المتر.

وحذّر المعهد الوطني للرصد الجوي، في بيان له، من إمكانية تهاطل أمطار غزيرة، مبينا أن الوضع الجوي الليلة والليلة القادمة ملائم لنزول أمطار رعدية بالمناطق الغربية، مؤكدا أنها قد تشمل تدريجيا المناطق الشرقية آخر الليل واليوم الأحد.

وأكد البيان أن كميات الأمطار ستكون محلياً هامة، مع تساقط البرد بأماكن محدودة، إضافة إلى هبوب رياح قوية تتجاوز سرعتها مؤقتا 80 كيلومتراً في الساعة أثناء ظهور السحب الرعدية.

وقال المهندس بالمعهد الوطني للرصد الجّوي، عبد الرزاق الرحال، لـ"العربي الجديد"، إنّ أمطار الخريف عادة ما تكون قوية وفي ظرف زمني قصير، مبينا أنها لا تهطل في منطقة محددة بل بحسب العوامل والمنخفضات الجوية.

وأوضح الرحال أن الكميات التي عرفتها تونس أول أمس لم تكن استثنائية، ولكنها نزلت في ظرف زمني قصير جدا، الأمر الذي أدى إلى فيضانات.  



وبيّن المهندس أن أبرز كمية سُجّلت أول أمس، كانت 120 ملم بمحافظة سوسة وتحديدا بشطّ مريم والقلعة الصغرى، لافتاً إلى أن أكبر كمية سجلت بتونس العاصمة كانت في حدود 36 ملم، معتبرا أن هذه الكميات تساقطت في ظرف وجيز يتراوح بين 15 و20 دقيقة، ما تسبب في حصول فيضانات.

 من جهته، أكدّ رئيس اتحاد نقابات الدفاع المدني، معز الدبابي، لـ"العربي الجديد"، أنّ وحدات الدفاع المدني في حالة تأهب قصوى، وأن جلّ الوحدات مستعدة للتدخل في أي لحظة، مؤكداً أن عاصفة قوية اجتاحت مدينة قفصة وأدت إلى تأجيل مباراة كرة القدم.

وأوضح الدبابي أنه تم إجلاء العديد من العائلات والأطفال ممن حاصرتهم سيول المياه المتدفقة، مبينا أنه تم إنقاذ تلاميذ من وسط مدرسة ابتدائية بطريق القيروان، وإجلاء 35 طفلا حوصروا بمحضنتين بباب سعدون، وسط العاصمة تونس.

حاصرت السيول العديد من العائلات (العربي الجديد)


وقال الدبابي إن وحدات الدفاع المدني وجدت عمالاً حوصروا بمصنع بقصيبة المديوني في الساحل، ولم يتمكنوا من الخروج إلا بتدخل وحدات الدفاع المدني، وطاولت عمليات الإنقاذ والإجلاء عدة مساكن ببنبلة وقصر هلال وسوسة.

وأضاف المتحدث أنه تم إنقاذ عائلة علقت بسيارة خاصة وسط مدينة سوسة، إضافة إلى العديد من التدخلات التي شملت سيارات أخرى، كما تمت إزاحة وسائل النقل التي جرفتها السيول، ومنها حافلة سياحية كانت أمام نزل.

وأكد رئيس نقابات الدفاع المدني أن عدة مناطق من ولاية أريانة، وسط العاصمة تونس، تضررت وخاصة بحي التضامن، كما أن محلات سكنية في دوار هيشر أصبحت آيلة للسقوط نتيجة الأمطار الغزيرة التي غمرتها.  

وقال المتحدث إنّ الأضرار كانت كبيرة وخاصة بالمدن الساحلية وفي طليعتها محافظة سوسة، ثم المنستير، والمهدية، وصفاقس وتونس، مبينا أنه تم تطبيق المخطط الجهوي لمجابهة الكوارث في سوسة، وعادة يتم تطبيقه في حالة وجود كارثة ذات حجم كبير، سواء كانت على مستوى وطني أو جهوي، وذلك بحسب نوعية الكارثة.

وأكد الدبابي وفاة طفل في سوسة يبلغ من العمر 10 أعوام، جرفته المياه، وأن الخسائر المادية وخاصة تلك التي طاولت السيارات والتجهيزات الإلكترونية والعديد من المعدات بالمساكن كانت كبيرة جدا، مبينا أن فيضان وادي "البيبان" بسوسة ضاعف الكارثة لأنه فاض على العديد من المناطق المجاورة.

وقال رئيس مديرية تونس الكبرى بالديوان الوطني للتطهير، محمد عبيد، لـ"العربي الجديد"، إنّ أمطار الخريف تعد من أصعب الأمطار نتيجة غزارتها وقوة تدفقها، مبينا أن هذه الأمطار تتساقط في حيز زمني ضيق.

وأوضح عبيد أن كمية الأمطار التي نزلت أول أمس في تونس الكبرى بلغت 30 ملم، مبينا أن هذه الكمية عادة تنزل طيلة يوم كامل، الأمر الذي يتيح لقنوات تصريف المياه استيعابها، ولكن ما حصل هو هطول هذه الكمية في ربع ساعة فقط، ما تسبب في فيضان الشوارع وغرق المنازل.

وأكد رئيس مديرية تونس الكبرى، أنّ ديوان التطهير هو أحد الأطراف المتدخلة ولكن مهمته الأساسية التصرف في المياه المستعملة من خلال الأودية والأحواض وتنظيفها، وليس التصرف في مياه الأمطار، معتبرا أن الديوان يتدخل لمعاضدة بقية الجهود، وخاصة أن لديه العديد من التجهيزات التي تساعد في الشفط.

وقال عبيد إن من أبرز الإشكاليات التي واجهوها أول أمس عند معاينتهم لمنطقة لافيات، وسط تونس، هي الفضلات التي تكدست فوق قنوات تصريف الأمطار، الأمر الذي عقد عملية تصريف المياه، مبينا أن القنوات الموجودة تحت الأرض نظيفة، وقادرة على استيعاب كميات كبيرة من مياه الأمطار.

وكشف عبيد أنّ أبرز إشكال يتسبب في الفيضانات هو البناء الفوضوي، مبينا أن مثل هذه الأحياء سرعان ما تغمرها المياه، وهي لا تخضع إلى مثال تهيئة عمرانية وتكون عادة منخفضة أو بالقرب من الأودية ما يتسبب في العديد من الفيضانات.

وأكد أنّه لا توجد جهة واحدة تشرف على تصريف المياه، وتكون لديها ميزانية خاصة تساعدها في القيام بمشاريع لتطوير أو إنجاز قنوات التصريف وصيانتها، معتبرا أن إمكانيات العديد من البلديات محدودة، وهو ما يجعلها عاجزة عن القيام بمشاريع في هذا الصدد.

 

 

المساهمون