المنيا المصرية.. معقل "الفتن الطائفية" الخامد

المنيا المصرية.. معقل "الفتن الطائفية" الخامد

24 يوليو 2016
رد فعل مضاد للأحداث الطائفية بمصر (جيانلويجي غارسيا-فرانس برس/GETTY)
+ الخط -

في الوقت الذي يطالب فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بالنظر إلى الأحداث الطائفية في مصر بموضوعية، وتأكيده أنه لا تفرقة بين مسلم ومسيحي في مصر، يخرج المجلس القومي لحقوق الإنسان (منظمة حكومية) ليؤكد أن 10 فتن طائفية تحدث شهرياً في محافظة المنيا جنوب مصر.

تصريحان متضاربان يكشفان تخبط النظام المصري في التعامل مع ملف الفتن الطائفية المتأجج في مصر عامة والمنيا خاصة، والتي شهدت وحدها، خلال الأشهر القليلة الماضية، أربعة أحداث عنف طائفي بين مسلمين وأقباط، بخلاف أحداث عنف كثيرة متفرقة سابقة، تقدرها بعض المنظمات الحقوقية المصرية بنحو 77 حالة عنف، خلال السنوات الخمس الماضية.


ولم يتعدَ تعامل الدولة ومؤسساتها مع كل الأحداث الطائفية سياسة "التهدئة والوعود"، بدل معالجة أصل الأزمات أو محاسبة مرتكبيها بشكل عادل أمام القانون، إلا في حالات نادرة، ما يزيد من عمق الأزمات ويبقيها ناراً تحت الرماد.

في 17 يوليو/تموز الجاري، وفي قرية طهنا الجبل بمحافظة المنيا، مرّ طفل مسلم يقود عربة كارو في القرية برفقة ثلاثة أطفال آخرين في شارع مكتظ بالأقباط، وقعت بينه وبين أطفال مسيحيين مشادة كلامية، تطورت للاعتداء عليه بالضرب، فاستدعى الطفل عددًا من أقاربه، وتطور الشجار وأسفر عن وقوع قتيل وإصابة آخر.

وهي الواقعة التي صدر على إثرها تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان المشار إليه، والتي عقّب عليها السيسي، الخميس الماضي، بالقول إن "هناك محاولات للوقيعة بين المصريين، والجميع شركاء في وطن واحد".

واقعة طهنا سبقتها حادثة عنف طائفي أخرى في قرية أبو يعقوب في المنيا، وتحديداً يوم 15 يوليو/تموز الجاري، بسبب شائعة تحويل منزل شخص قبطي إلى كنسية. وتجمع 30 شخصاً من مسلمي القرية أمام منزله وأشعلوا النار فيه، فلحقت به وبمنزل مجاور بعض الأضرار. وجرت السيطرة الأمنية على الأحداث، وألقي القبض على عدد من المشتبه بتورطهم في الأحداث.

وقبل أقل من شهر من الحادثتين السابقتين، شهدت قرية كوم اللوفي، التابعة لمركز سمالوط بمحافظة المنيا، في 27 يونيو/حزيران الماضي، أحداث عنف طائفي، بعدما تجمع 15 من أبناء القرية وتوجهوا إلى قسم الشرطة للإبلاغ عن أحد أهالي القرية يبني عقاراً مخالفاً، وترددت شائعات عن نية تحويله إلى كنيسة. فاستجاب الأمن وطوّق القرية وأوقف أعمال البناء. وتطورت الأحداث وتجمع قرابة 300 مواطن أمام المنزل المخالف وأشعل بعضهم النيران فيه، والتي انتقلت إلى ثلاثة منازل أخرى لأشقاء المواطن.

أما الواقعة الرابعة الشهيرة التي حظيت باهتمام بالغ في الرأي العام المصري والدولي، فتتمثل في تعرّض امرأة مسيحية للضرب، في 19 مايو/أيار الماضي، على خلفية شائعة عن علاقة ابنها بفتاة مسلمة، في قرية الكرم بمركز أبو قرقاص في محافظة المنيا، وتطورت بأن اعتدى مواطنون مسلحون على سبعة منازل لأقباط، ما أسفر عن هروب الشاب المسيحي وعائلته نهائياً من القرية.

بحسب توثيق المبادرة المصرية للحقوق الشخصية (منظمة مجتمع مدني مصرية)، تم رصد 77 حالة توتر وعنف طائفي، في مختلف مراكز محافظة المنيا، منذ 25 يناير/كانون الثاني 2011، مع الإشارة إلى أن هذا الرقم لا يتضمن حالات العنف والاعتداءات على الكنائس والمباني الدينية والمدارس والجمعيات الأهلية والممتلكات الخاصة التي تعرّض لها الأقباط خلال الفترة من 14 إلى 17 أغسطس/آب 2013، عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة.

وطالبت المبادرة المصرية باتخاذ إجراءات فورية، لتقنين أوضاع الكنائس والمباني الكنسية غير المرخصة، وطرح قانون بناء الكنائس والمباني التابعة لها في مجلس النواب للنقاش المجتمعي الجاد، وإشراك المؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدني في الحوار بشأن بنود القانون ولائحته التنفيذية.

من جانبها، ترى المنظمة المصرية لحقوق الإنسان (منظمة مجتمع مدني مصرية)، أن الأزمة تكمن في عدم إصدار قانون دور العبادة الموحد إلى الآن.