فيضانات "استثنائية" في المغرب توقع قتلى

فيضانات "استثنائية" في المغرب توقع قتلى

الرباط

ليلى أمزير

avata
ليلى أمزير
29 نوفمبر 2014
+ الخط -

شهد المغرب خلال هذا الأسبوع تساقطات مطرية وصفت بالاستثنائية، أسفرت عن مصرع 32 شخصا على الأقل، من بينهم 24 بمدينة كلميم، وعشرات المفقودين، كما شهدت بعض المناطق خاصة مناطق الجنوب الشرقي للمملكة حصارا وانعزالا تاما عن باقي مناطق البلاد، بسبب الأمطار الغزيرة التي تسببت في ارتفاع منسوب المياه وشكلت سيولا عارمة جرفت كل ما يقف أمام حركتها، وأدت إلى تدمير عدد من القرى والطرقات والقناطر، مما شكل صعوبة في إنقاذ الضحايا والبحث عن المفقودين.

كلميم المنكوبة

الفيضانات التي دهمت مدن جنوب المغرب كالراشيدية تارودانت وورزازات تسببت في خسائر مادية وبشرية، فيما نالت مدينة كلميم النصيب الأكبر من هذه الخسائر.

وطالت الأمطار الغزيرة مدينة ورزازات أو "هوليود المغرب" التي ارتفع مستوى الوديان بها، حيث بلغ مستوى التساقطات فيها 120 ملمترا، ما شكل رقما قياسيا لم تعرفه المنطقة منذ أكثر من 30 سنة.

السلطات المغربية من جهتها قالت إنها اتخذت كامل الإجراءات الفورية واللازمة لإغاثة المتضررين، حيث قال محمد حصاد وزير الداخلية المغربي الذي كان يتحدث خلال جلسة الأسئلة الشفوية لمجلس النواب، والتي بثها التلفزيون الحكومي مباشرة يوم الثلاثاء الماضي، "إن إقليم كلميم كان الأكثر تضررا، حيث شهد 24 حالة وفاة. وأضاف أنه تم إنقاذ 432 شخصا من الغرق في حين فُقد ستة آخرون".

وكشف حصاد عن انهيار 150 منزلا مصنوعا من الطين، بسبب الأمطار التي وصفها بالاستثنائية، والتي فاقت 400 ملم في جبال الأطلس مشيرا إلى استمرار انقطاع الكهرباء عن أربعين ألف أسرة، من أصل مائتي ألف انقطع عنها التيار الكهربائي.

من جهة أخرى اتهمت المعارضة الحكومة بالفشل في معالجة كارثة الفيضانات، وتعاملها بنوع من التهاون واللامبالاة مع الكارثة، قبل أن تطالبها بتفعيل مقاربة استباقية لحماية المواطنين من الفيضانات.

نشطاء مدنيون

وفي الوقت الذي أظهر فيه الإعلام الرسمي مروحيات الدرك الملكي والجيش؛ وهي تقوم بإنقاذ بعض العالقين والمتضررين في المناطق المنكوبة وبعض القرى المعزولة، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا وفيديوهات حية، تبرز بشكل جلي تعاون مواطنين فيما بينهم على استخراج الغرقى وإنقاد بعض الضحايا، عبر وسائل بدائية كأغصان الأشجار وشاحنة قمامة لنقل الضحايا، في انعدام تام لتواجد رجال السلطة والوقاية المدنية، هذه هي الصورة التي تكررت في العديد من المناطق المنكوبة، كما جاء على لسان محمد من ورزازات في حديثه لـ"العربي الجديد" والذي أكدّ أن السلطات المحلية لم تتحرك لإنقاذ الساكنة قائلا: "الطائرات التي أرسلتها السلطات نقل بها السياح الأجانب فقط، وتم تجاهل المواطنين المغاربة"، وأضاف "هناك مواطنون يمضون أكثر من عشر ساعات مشيا على الثلوج؛ ليصلوا إلى عمالة ورزازات لإخبار المسؤولين بما آلت إليه الأوضاع في مناطقهم، ليكون رد السلطات في الأخير سلبيا وأنهم لا يمكنهم فعل شيء".

عبد الهادي من منطقة أيت مديوال التابعة إداريا  لجماعة ايت تمليل بإقليم ازيلال، والذي حبسته السيول من الرجوع إلى مقر عمله بالبيضاء، قال لـ"العربي الجديد": "هذه كارثة نعيشها الناس لا تجد ما تأكله، لا مواد غذائية للساكنة ولا علف للماشية، لقد قطعت الطريق وغمرتنا الفيضانات لمدة ستة أيام، ولا توجد قناطر، وحتى المرضى لا يمكننا نقلهم ولا إسعافهم، ونحن عالقون هنا ولا يمكننا الحركة" واسترسل "الناس خرجوا في مسيرات مطالبين بإنشاء طرقات وقناطر لكن دون جدوى، ما نحتاجه فقط هو أن تقوم الدولة بإنشاء بعض القناطر لفك عزلتنا عن باقي المناطق وإلا سنموت هنا جوعا".

وأشارت شهادة أخرى أدلى بها عمر؛ وهو أستاذ يشتغل بإحدى المناطق التابعة لمدينة ورزازات أن الطرق كلها كانت مقطوعة، وأن الطريق الرئيسية بمنطقة "تيزي تيشكا" قد تحطمت كليا، مما جعل بعض المواطنين عالقين في منتصف الطريق.

"مباشرة بعد النشرة الإنذارية"، يضيف عمر، "السلطات لم تتخذ أي إجراء واعتبرت الأمر عاديا مثله مثل نشرات سابقة خصصت للأحوال الجوية بالمنطقة، إلا أن كمية التساقطات فاجأت السكان والسلطات بحجمها، فلم تتضرّر فقط المناطق التي كانت تعاني سابقا من التساقطات، بل حتى المناطق التي كانت تعاني من الجفاف".

كما أرجع عمر الأسباب وراء هول هذه الفاجعة إلى البنية التحتية المهترئة والمغشوشة، والتقصير في استقدام الآليات المخصصة لمثل هذه الحالات، مثل الجرافات ووسائل الإنقاذ، وكذلك إعداد رجال الوقاية المدنية بشكل يليق بإنقاذ حياة المواطنين كما في الدول المتقدمة، مستشهدا بقنطرة "تاليوين" التي لم يمر على إنشائها ثلاثة أشهر؛ وانهارت بسبب البنية التحتية غير المؤهلة والمغشوشة.

انهيار القناطر وانقطاع الطرق ودمار كلي في البنيات التحتية، كان كافيا لعزل هذه المناطق وتوقف تزويدها بالمواد الغذائية والأساسية.

 تعليق الدراسة

وبهدف الحفاظ على أرواح الأساتذة والتلاميذ، قررت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بمنطقة سوس ماسة درعة، تعليق الدراسة بجميع المدارس التابعة للجهة يومي الجمعة والسبت، على أن تستأنف الدراسة يوم الإثنين المقبل.

ولم يستطع العديد من الأساتذة ورجال التعليم الالتحاق بمدارسهم، بسبب حالة الطرق والحصار الذي فرضته المياه على مجموعة من المناطق، وطالبت مذكرة أصدرتها الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة سوس ماسة درعة، بالاحتفاظ بالتلاميذ داخل الداخليات ودور الطالب والطالبة.

سدود ممتلئة

يبدو أن الشيء الإيجابي الوحيد الذي عرفته المملكة بعد هذه الكارثة، هو تسجيل حمولات مائية قوية في الأحواض المائية، وارتفاع نسبة ملء السدود الكبرى التي ارتفعت من 53.8 في المائة إلى 58 في المائة ما بين 20 و25 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وهو ما يعادل 9 مليار متر مكعب كمخزون إجمالي.

وأفاد بلاغ للوزارة المنتدبة المكلفة بالماء، أنه نتيجة لهذه التساقطات، سجلت جلّ سدود المملكة خلال هذه الفترة واردات مائية كبيرة بلغت 920 مليون متر مكعب، ويرتقب استمرار ارتفاع نسب الفرشات المائية خلال الأيام المقبلة، خاصة مع استمرار تهاطل الأمطار.

ذات صلة

الصورة
أمطار غزيرة تضرب سلطنة عمان 15 أبريل 2024 (وكالة الانباء العمانية/إكس)

مجتمع

أعلنت اللجنة الوطنية لإدارة الطوارئ في سلطنة عُمان، اليوم الثلاثاء، عن مصرع ما لا يقل عن 18 شخصاً بسبب الأمطار الغزيرة التي تشهدها البلاد خلال الأيام الأخيرة
الصورة

مجتمع

فجر الحادث المروع الذي وقع بمحافظة البصرة، جنوبي العراق، أمس الثلاثاء، وأودى بحياة 6 أطفال وأصاب 14 آخرين، موجة غضب شعبية واسعة في البلاد..
الصورة

مجتمع

تتزايد مخاوف الفلسطينيين في غزة من فيضان مياه بركة "الشيخ رضوان" شمالي المدينة، مع دخول المنخفض الجوي وتساقط الأمطار بغزارة على القطاع.
الصورة
يشارك أطفال المغرب في كل فعاليات دعم غزة (العربي الجديد)

مجتمع

يلقي ما يعيشه قطاع غزة من مآسٍ إنسانية من جراء قتل الاحتلال الإسرائيلي آلاف الأطفال الفلسطينيين، بظلاله على كافة مناحي الحياة في المغرب.